الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2568 ) مسألة : قال : ( فإذا كان من الغد ، وزالت الشمس ، رمى الجمرة الأولى بسبع حصيات ، يكبر مع كل حصاة ، ويقف عندها ، ويرمي ، ويدعو ، ثم يرمي الجمرة الوسطى بسبع حصيات ، يكبر أيضا ، ويدعو ، ثم يرمي جمرة العقبة بسبع حصيات ، ولا يقف عندها ) قد ذكرنا أن جملة ما يرمي به الحاج سبعون حصاة ، سبعة منها يرميها يوم النحر ، بعد طلوع الشمس .

                                                                                                                                            وسائرها في أيام التشريق الثلاثة ، بعد زوال الشمس ، كل يوم إحدى وعشرين حصاة ، لثلاث جمرات ، يبتدئ بالجمرة الأولى ، وهي أبعد الجمرات من مكة ، وتلي مسجد الخيف ، فيجعلها عن يساره ، ويستقبل القبلة ، ويرميها بسبع حصيات ، كما وصفنا في جمرة العقبة ، ثم يتقدم عنها إلى موضع لا يصيبه الحصي ، فيقف طويلا يدعو الله تعالى ، رافعا يديه ، ثم يتقدم إلى الوسطى فيجعلها عن يمينه ، ويستقبل القبلة ، ويرميها بسبع حصيات ، ويفعل من الوقوف والدعاء كما فعل في الأولى ، ثم يرمي جمرة العقبة بسبع حصيات ، ويستبطن الوادي ، ويستقبل القبلة ، ولا يقف عندها ، وبهذا قال الشافعي .

                                                                                                                                            ولا نعلم في جميع ما ذكرنا خلافا ، إلا أن مالكا قال : ليس بموضع لرفع اليدين ، وقد ذكرنا الخلاف فيه عند رؤية البيت . وقال الأثرم : سمعت أبا عبد الله يسأل ، أيقوم الرجل عند الجمرتين إذا رمى ؟ قال : إي لعمري شديدا ، ويطيل القيام أيضا . قيل : فإلى أين يتوجه في قيامه ؟ قال : إلى القبلة ، ويرميها في بطن الوادي . والأصل في هذا ما روت عائشة ، قالت : { أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر يومه حين صلى الظهر ، ثم رجع إلى منى ، فمكث بها ليالي أيام التشريق ، يرمي الجمرة إذا زالت الشمس ، كل جمرة بسبع حصيات ، يكبر مع كل حصاة ، ويقف عند الأولى والثانية ، فيطيل القيام ، ويتضرع ، ويرمي الثالثة ، ولا يقف عندها } رواه أبو داود . وعن { ابن عمر ، أنه كان يرمي الجمرة بسبع حصيات ، يكبر على إثر كل حصاة ، ثم [ ص: 233 ] يتقدم ، ويستهل ، ويقوم قياما طويلا ، ويرفع يديه ، ثم يرمي الوسطى ، ثم يأخذ بذات الشمال ، فيستهل ، ويقوم مستقبل القبلة قياما طويلا ، ثم يرفع يديه ، ويقوم طويلا ، ثم يرمي جمرة العقبة من بطن الوادي ، ولا يقف عندها ، ثم ينصرف ، ويقول : هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله } . رواه البخاري .

                                                                                                                                            وروى أبو داود ، أن ابن عمر كان يدعو بدعائه الذي دعا به بعرفة ، ويزيد : وأصلح أو أتم لنا مناسكنا . وقال ابن المنذر : كان ابن عمر ، وابن مسعود يقولان عند الرمي : اللهم اجعله حجا مبرورا ، وذنبا مغفورا . وكان ابن عمر ، وابن عباس ، يرفعان أيديهما إذا رميا الجمرة ، ويطيلان الوقوف . وروي عن عبد الرحمن بن يزيد ، قال : { أفضت مع عبد الله ، فرمى بسبع حصيات ، يكبر مع كل حصاة ، واستبطن الوادي ، حتى إذا فرغ قال : اللهم اجعله حجا مبرورا ، وذنبا مغفورا . ثم قال : هكذا رأيت الذي أنزلت عليه سورة البقرة صنع } رواه الأثرم . وعن عطاء ، قال : كان ابن عمر يقوم عند الجمرتين ، مقدار ما يقرأ الرجل سورة البقرة . رواه الأثرم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية