الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5893 ) فصل : وإن قال : أمرك بيدك ، أو اختاري . فقالت : قبلت . لم يقع شيء ; لأن أمرك بيدك . توكيل ، فقولها في جوابه : قبلت . ينصرف إلى قبول الوكالة ، فلم يقع شيء ، كما لو قال لأجنبي : أمر امرأتي بيدك . فقال : قبلت . وقوله : اختاري . في معناه . وكذلك إن قالت : أخذت أمري . نص عليهما أحمد في رواية إبراهيم بن هانئ ، إذا قال لامرأته : أمرك بيدك . فقالت : قبلت . ليس بشيء حتى تبين . وقال : إذا قالت : أخذت أمري . ليس بشيء . قال : وإذا قال لامرأته : اختاري . فقالت : قبلت نفسي . أو قالت : اخترت نفسي . كان أبين . قال القاضي : ولو قالت : اخترت . ولم تقل : نفسي . لم تطلق ، وإن نوت . ولو قال الزوج : اختاري . ولم يقل : نفسك . ولم ينوه ، لم تطلق ، ما لم تذكر نفسها ، ما لم يكن في كلام الزوج أو جوابها ما يصرف الكلام إليه ; لأن ذلك في حكم التفسير ، فإذا عري عن ذلك لم يصح . وإن قالت : اخترت زوجي . أو اخترت البقاء على النكاح . أو رددت الخيار ، أو [ ص: 315 ] رددت عليك سفهتك . بطل الخيار . وإن قالت : اخترت أهلي . أو أبوي . ونوت ، وقع الطلاق ; لأن هذا يصلح كناية من الزوج ، فيما إذا قال : الحقي بأهلك . فكذلك منها . وإن قالت : اخترت الأزواج . فكذلك ; لأنهم لا يحلون إلا بمفارقة هذا الزوج ، ولذلك كان كناية منه في قوله : انكحي من شئت .

                                                                                                                                            ( 5894 ) فصل : فإن كرر ، لفظة الخيار ، فقال : اختاري ، اختاري ، اختاري . فقال : أحمد إن كان إنما يردد عليها ليفهمها ، وليس نيته ثلاثا ، فهي واحدة ، وإن كان أراد بذلك ثلاثا ، فهي ثلاث ، فرد الأمر إلى نيته في ذلك . وبهذا قال الشافعي . وقال أبو حنيفة إذا قبلت ، وقع ثلاثا ; لأنه كرر ما يقع به الطلاق ، فتكرر ، كما لو كرر الطلاق . ولنا ، أنه يحتمل التأكيد ، فإذا قصده قبل منه ، كما لو قال : أنت طالق الطلاق . وإن أطلق ، فقد روي عن أحمد ما يدل على أنها واحدة يملك الرجعة . وهذا اختيار القاضي ، ومذهب عطاء ، وأبي ثور ; لأن تكرير التخيير لا يزيد به الخيار ، كشرط الخيار في البيع .

                                                                                                                                            وروي عن أحمد ، إذا قال لامرأته : اختاري . فقالت : اخترت نفسي . هي واحدة ، إلا أن يقول : اختاري ، اختاري ، اختاري . وهذا يدل على أنها تطلق ثلاثا . ونحوه قال الشعبي ، والنخعي ، وأصحاب الرأي ومالك ; لأن اللفظة الواحدة تقتضي طلقة ، فإذا تكررت اقتضت ثلاثا ، كلفظة الطلاق .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية