الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          1218 - مسألة :

                                                                                                                                                                                          ولا يجوز بيع سلعة على أن تكون رهنا عن ثمنها ، فإن وقع فالبيع مفسوخ ، ولكن يجوز للبائع إمساك سلعته حتى ينتصف من ثمنها إن كان حالا وإلا فليس له ذلك .

                                                                                                                                                                                          برهان ذلك - : أنه اشترط منع المشتري من قبض ما اشترى مدة مسماة وهذا شرط ليس في كتاب الله عز وجل فهو باطل .

                                                                                                                                                                                          وأيضا : فإن المشتري لا يملك ما اشترى إلا بتمام عقد البيع بينهما ، والبيع لا يتم إلا بما نذكره في " كتاب البيوع " إن شاء الله تعالى من التفرق أو التخيير ، فهو ما لم يتم البيع فإنما الشيء المبيع ملك للبائع ، فإنما اشترطا في المسألة المذكورة كون شيء من مال البائع المرتهن رهنا عنده نفسه - وهذا في غاية الفساد ، وهو قول الشافعي ، وأبي سليمان ، وأصحابهما .

                                                                                                                                                                                          وأما إمساك البائع سلعته حتى ينتصف فإن حقه واجب في مال المشتري فإن مطله بحق قد وجب له عنده ، فهو ظالم معتد لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { مطل الغني ظلم } ، وإذ هو ظالم فكل ظالم معتد .

                                                                                                                                                                                          وقال تعالى : { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم } [ ص: 382 ] فالسلعة التي ابتاع مال من مال المشتري فللمطول بحقه المعتدى عليه أن يعتدي على المعتدي عليه بمثل ما اعتدى عليه به نص القرآن ، فله إمساك السلعة حتى ينتصف .

                                                                                                                                                                                          روينا من طريق محمد بن عبد السلام الخشني نا محمد بن المثنى نا عبد الرحمن بن مهدي نا هشيم ، وسفيان الثوري ، قال سفيان الثوري : عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي أن عمرو بن حريث قال فيمن باع سلعة فنقده المشتري بعض الثمن ، فقال البائع : لا أعطيك السلعة حتى تجيء بالبقية ، فجعل عمرو بن حريث السلعة رهنا بما بقي .

                                                                                                                                                                                          وقال هشيم عن داود بن أبي هند عن الشعبي : أن عروة بن المغيرة بن شعبة جعل في ذلك أيضا السلعة رهنا بما بقي - فهذا عمرو صاحب لا يعرف له في هذا مخالف من الصحابة .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية