الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          ورويناه أيضا من طريق شعبة عن عبد الله بن أبي السفر عن الشعبي عن ابن عمر عن عمر - ورويناه أيضا من طريق أبي كريب محمد بن العلاء عن عبد الله بن إدريس الأودي عن زكريا هو ابن أبي زائدة - عن الشعبي عن ابن عمر عن عمر . ومن طريق أحمد بن شعيب أخبرني أبو بكر بن علي هو المقدمي - نا القواريري هو عبيد الله بن عمر - نا المعتمر بن سليمان التيمي عن أبيه عن محمد بن سيرين عن عبيدة السلماني عن ابن مسعود قال : أحدث الناس أشربة لا أدري ما هي ؟ فما لي شراب منذ عشرين سنة أو قال : عددا آخر إلا السويق والماء - غير أنه لم يذكر النبيذ . ومن طريق سعيد بن منصور نا المعتمر بن سليمان التيمي عن أبيه محمد بن سيرين عن عبيدة السلماني عن ابن مسعود قال : أحدث الناس أشربة لا أدري ما هي ؟ [ ص: 209 ] وما لي شراب منذ عشرين سنة إلا الماء والعسل واللبن ؟ ومن طريق البخاري ، وأحمد بن شعيب ، قال البخاري : نا محمد بن كثير ، وقال ابن شعيب : أنا قتيبة بن سعيد ، ثم اتفق ابن كثير وقتيبة عن سفيان بن عيينة عن أبي الجويرية الجرمي قال : سألت ابن عباس عن الباذق ؟ فقال : سبق محمد الباذق ، ما أسكر فهو حرام - أبو الجويرية سمع ابن عباس ، ومعن بن يزيد - وروى عنه أبو عوانة ، وسفيان . ومن طريق إسحاق بن راهويه نا أبو عامر هو العقدي - والنضر بن شميل ، ووهب بن جرير بن حازم ، قالوا كلهم : نا شعبة عن سلمة بن كهيل ، قال : سمعت أبا الحكم يقول : قال ابن عباس من سره أن يحرم ما حرم الله ورسوله فليحرم النبيذ . ومن طريق أحمد بن شعيب أنا سويد بن نصر أنا عبد الله هو ابن المبارك - عن عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه أن ابن عباس قال لرجل سأله : اجتنب ما أسكر من تمر أو زبيب أو غيره . وبه إلى عبد الله بن المبارك عن سليمان التيمي عن محمد بن سيرين قال : المسكر قليله وكثيره حرام . ومن طريق مالك عن نافع عن ابن عمر كل مسكر خمر وكل مسكر حرام . ومن طريق أحمد بن شعيب أنا قتيبة أنا أبو عوانة عن زيد بن جبير قال : سألت ابن عمر عن الأشربة ؟ فقال : اجتنب كل شيء ينش . ومن طريق سعيد بن منصور نا إسماعيل بن إبراهيم هو ابن علية - عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين أنه سمع عبد الله بن عمر قد قال له رجل : آخذ التمر فأجعله في فخار واجعله في التنور ؟ فقال له ابن عمر : لا أدري ما تقول آخذ التمر فأجعله في فخار ثم أجعله في تنور ، لا تشرب الخمر ، ثم قال ابن عمر : يتخذ أهل أرض كذا من كذا خمرا يسمونها كذا ، ويتخذ أهل كذا من كذا خمرا يسمونها كذا ، ويتخذ أهل أرض كذا من كذا خمرا يسمونها كذا - وذكر كلاما حتى عد خمسة أشربة ، قال ابن سيرين لا أحفظ منها إلا العسل ، والشعير ، واللبن . [ ص: 210 ] قال أيوب : فكنت أهاب أن أحدث الناس باللبن حتى حدثني رجل أنه يصنع بأرمينية من اللبن شرابا لا يلبث صاحبه . وهكذا رواه حماد بن زيد عن أيوب عن ابن سيرين عن ابن عمر ، وابن المبارك عن عبد الله بن عون عن ابن سيرين عن ابن عمر - فهذا ابن عمر لا يرى لطبخه معنى . وقد رويناه من طريق إسرائيل عن أبي حصين عن الشعبي عن ابن عمر : الخمر من خمسة : من التمر ، والحنطة ، والشعير ، والعسل ، والعنب . ومن طريق عبد الرزاق نا معمر عن ثابت البناني ، وقتادة ، كلاهما عن أنس بن مالك قال : لما حرمت الخمر قال أنس : إني لأسقي أحد عشر رجلا فأمروني فكفأتها وكفأ الناس آنيتهم حتى كادت السكك أن تمتنع - قال أنس : وما خمرهم إلا البسر ، والتمر مخلوطين . قال أبو محمد : سمى منهم أنس في أحاديث صحاح تركنا ذكرها اختصارا أبا طلحة ، وأبا أيوب ، وأبا دجانة ، وأبا عبيدة بن الجراح ، ومعاذ بن جبل ، وسهيل بن بيضاء ، وأبي بن كعب - فهذا الإجماع المتيقن أن تكون حرمت الخمر فيهرق الصحابة رضي الله عنهم كل شراب عندهم من تمر أو بسر . فصح أنه عند جميعهم خمر ولم يخصوا نيئا من مطبوخ بخلاف أقوال هؤلاء المحرومين من التوفيق ; ولو عندهم قليله لما أهرقوه ، لأنه قد صح النهي عن إضاعة المال . قال أبو محمد : وقال الطحطاوي ههنا قولا لا ندري كيف انطلق به لسانه ؟ وهو أنه قال : إنما أهرقوه خوف أن يزيدوا منه فيسكروا . قال علي : وهذا هو الكذب البحت عليهم كلهم ، وليت شعري من أخبره بهذا عنهم ؟ وهل يحل أن يخبر عن أحد بالظن ؟ وروينا عن شعبة بن الحجاج عن يحيى بن عبيد هو ابن أبي عمر البهراني قال : سمعت ابن عباس يقول : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتبذ له أول الليل فيشربه إذا أصبح يومه ذلك والليلة التي تجيء والغد والليلة الأخرى والغد إلى العصر ; فإن بقي شيء سقاه لخادم أو أمر به فصب . [ ص: 211 ] وهكذا رويناه من طريق ابن أبي شيبة ، وأبي كريب عن أبي معاوية الضرير عن الأعمش عن يحيى بن عبيد البهراني ; فلو كان حلالا كما يدعي الطحاوي أو كان الطبخ يحله كما يزعم سائر أصحابه ما أهرقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد نهى عن إضاعة المال وأمره باعثه عز وجل أن يقول : { وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه } . ومن طريق سعيد بن منصور نا نوح بن قيس نا محمد بن نافع أن أنس بن مالك قاله له في البسر : خلصه من الرطب ثم انبذه ثم اشربه قبل أن يتسفه . روينا قبل عن علي أنه تقيأ نبيذا شربه إذ علم أنه نبيذ جر . وقد روينا هذا نفسه عن طاوس - يعني تحريم كل قليل أو كثير من أي شيء أسكر . وعن عطاء ، ومجاهد ، قالوا كلهم : قليل ما أسكر كثيره حرام - . وهو قول أبي العلاء بن الشخير - وعبيدة السلماني ، ومحمد بن سيرين ، والقاسم بن محمد . وروى سليمان بن حرب عن جرير بن حازم سمعت ابن سيرين يقول لبعض من خالفه في النبيذ : أنا أدركت أصحاب ابن مسعود وأنت لم تدركهم كانوا لا يقولون في النبيذ كما تقولون . ومن طريق أحمد بن شعيب نا إسحاق بن إبراهيم هو ابن راهويه - أنا جرير بن عبد الحميد عن ابن شبرمة قال : رحم الله إبراهيم شدد الناس في النبيذ ورخص هو فيه . ومن طريق أحمد بن شعيب نا أبو قدامة عبيد الله بن سعيد السرخسي - ثقة مأمون - عن أبي أسامة هو حماد بن أسامة - قال : سمعت عبد الله بن المبارك يقول : ما وجدت الرخصة في المسكر صحيحا عن أحد إلا عن إبراهيم . روينا من طريق ابن أبي شيبة عن جرير عن مغيرة عن إبراهيم قال : لا خير في النبيذ إذا كان حلوا . قال أبو محمد : وقد روينا عن إبراهيم خلاف هذا كما روينا من طريق سعيد بن منصور نا أبو عوانة . وخالد بن عبد الله هو الطحان - كلاهما عن المغيرة بن مقسم عن إبراهيم النخعي أنه كره المخمر من النبيذ . [ ص: 212 ] ومن طريق سعيد بن منصور نا هشيم أنا المغيرة عن إبراهيم قال : كانوا يكرهون المعتق من نبيذ التمر والمعتق من نبيذ الزبيب . وروينا عنه إباحة ما طبخ حتى ذهب نصفه وبقي نصفه - فهذا إبراهيم قد خذلهم ، ولقد روى عمن بعده الترخيص فيه عن الأعمش ، وشريك ، ووكيع ، وبقي بن مخلد - وأما مثل قول أبي حنيفة وأصحابه فلا . قال أبو محمد : وقولنا هو قول مالك ; والأوزاعي ، والليث ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبي سليمان ، وأصحابهم - واختلف فيه عن سفيان الثوري . قال أبو محمد : وقد رووا عن النبي صلى الله عليه وسلم الكذب وما لا حجة لهم فيه ولا يوافق قولهم - وروينا عنه الصحيح المتواتر الذي هو نص قولنا ; . ورووا عن عمر ، وعلي ، وابن عمر ، وعائشة ، وابن مسعود ، وأنس : الكذب ، وما لا يوافق قولهم . وروينا عنهم الصحيح ، ونص قولنا - والحمد لله رب العالمين .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية