الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          1401 - مسألة : ومن باع ما وجب بيعه لصغير ، أو لمحجور غير مميز ، أو لمفلس ، أو لغائب بحق ، أو ابتاع لهم ما وجب ابتياعه ، أو باع في وصية الميت ، أو ابتاع من نفسه للمحجور ، أو للصغير ، أو لغرماء المفلس أو للغائب ، أو باع لهم من نفسه فهو سواء ، كما لو ابتاع لهم من غيره ، أو باع لهم من غيره ولا فرق ، إن لم يحاب نفسه في كل ذلك ، ولا غيره - : جاز ، وإن حابى نفسه ، أو غيره : بطل ; لأنه مأمور بالقيام بالقسط ، والتعاون على البر ، فإذا فعل ما أمر به فهو محسن ، وإذ هو محسن ، ف { ما على المحسنين من سبيل } ولم يأت قط نص قرآن ، ولا سنة بالمنع من ابتياع ممن ينظر له لنفسه أو يشتري له من نفسه ؟ [ ص: 201 ] فإن قيل : إن ابن مسعود قد منع من ذلك - : كما روينا من طريق عبد الرزاق عن سفيان عن أبي إسحاق عن صلة بن زفر ، قال : جاء رجل إلى ابن مسعود على فرس ، فقال : إن عمي أوصى إلي بتركته وهذا منها أفأشتريه ؟ قال : لا ، ولا تستقرض من أموالهم شيئا قلنا : قد روينا ما حدثناه . أبو سعيد الجعفري قال : نا أبو بكر محمد بن علي المقري نا أحمد بن محمد بن إسماعيل النحوي عن الحسن بن غليب بن سعيد عن يوسف بن عدي نا أبو الأحوص نا أبو إسحاق عن يرفا مولى عمر بن الخطاب قال : أنزلت مال الله تعالى مني بمنزلة مال اليتيم ، إن احتجت إليه أخذت منه ، فإذا أيسرت قضيت . فهذا عمر لا ينكر الاستقراض من مال اليتيم .

                                                                                                                                                                                          وكذلك صح عن ابن عمر أيضا . ولا فرق بين أخذ مال اليتيم قرضا ورد مثله بعد ذلك وبين ابتياعه بمثل ثمنه وقيمته وإعطاء مثله نقدا .

                                                                                                                                                                                          فإن قالوا : يتهم في ذلك ؟ قلنا : ويتهم أيضا أنه يدلس أيضا فيما يبتاع له من غيره ، أو يبيعه له من غيره ، فيأكل ويخون في الأمرين ، ولا فرق بين من استجاز عين الوصية ومن في ولايته فيما يبتاع له من نفسه ، أو ما يشتري منه لنفسه ، وبين أن يستجيز ذلك فيما يبتاع له من غيره ، أو يبيع له من غيره - وما جعل الله قط بين الأمرين فرقا يعقل .

                                                                                                                                                                                          وقال أبو حنيفة : لا يبتاع لنفسه من مال يتيمه شيئا - وروي هذا عن الشافعي ، وقال أبو حنيفة مرة أخرى : إن ابتاع منه بأكثر من القيمة جاز وأما بالقيمة فأقل فلا - وقال مالك يحمل إلى السوق فإن بلغ أكثر بطل عقده ، وإلا فهو له لازم .

                                                                                                                                                                                          والعجب أنهم منعوا من هذا وأجازوا أن يرهن عن نفسه مال يتيمه ، وأباح المالكيون أن يعتق عبد يتيمه - وهذا تناقض وعكس للحقائق .

                                                                                                                                                                                          وقال بقولنا أبو يوسف ، وأبو سليمان ، وسفيان الثوري في أحد قوليه فعلى ، كل حال قد خالفوا ابن مسعود - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية