الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وقال ابن أبي ليلى كفالة المكاتب ونكاحه باطلان لأن النكاح يعتمد الولاية والرق يبقي الولاية ، وعندنا لا يملك أن يزوج نفسه ولا عبده ولكن يملك أن يزوج أمته لما فيه من اكتساب المال وبطلان كفالته عنده ليس بطريق أنه ينزع ولكن بطريق انعدام المحلية لأن الكفالة التزام المال في الذمة عنده ولهذا يوجب براءة الأصل ، وقيام الرق فيه يخرجه من أن يكون أهلا لالتزام المال في ذمته عنده فلهذا قال لا تنفذ [ ص: 159 ] كفالته بعد ما عتق بخلاف الإعتاق والهبة فإن ذلك منه موقوف عنده فإن عتق بأداء بدل الكتابة نفذ ذلك كله وإن عجز فرد رقيقا بطل ذلك كله لأنه قد ثبت له في كسبه حكم ملك وحقيقة الملك فيه موقوفة فإن عتق تم له الملك بذلك السبب الذي باشره فنفذ تصرفه فإن عجز تم الملك للمولى فتبين أن تصرفه لا في ملك الغير .

فأما عندنا عتقه وهبته باطلان عجز أو عتق لأن نفوذ هذا التصرف باعتبار حقيقة الملك والرق ينافي الأهلية لذلك .

وأما كفالته فلا تكون صحيحة ما لم يعتق فإذا عتق نفذ بمنزلة كفالة العبد فإن ذمته خالص حقه ولكن الدين لا يجب في ذمة الرقيق إلا شاغلا مالية رقبته وذلك حق المولى فباعتبار أن تصرفه لاقى محلا هو حقه كان صحيحا في حقه وباعتبار أنه معلق بمالية المولى قلنا ثانية تؤخر المطالبة عنه إلى حالة العتق ولو كفل إنسان عنه ببدل الكتابة لمولاه لم يجز عندنا لأن الكفالة تستدعي دينا صحيحا وقيام الرق يمنع وجوب دين صحيح للمولى على مملوكه لأنه التزام للمطالبة والمطالبة ببدل الكتابة لا تقوى في حق المكاتب ولهذا يملك أن يعجز نفسه .

وعند ابن أبي ليلى الكفالة صحيحة بمنزلة التبرع بالأداء لأن عنده الكفالة توجب أصل المال في ذمة الكفيل فكما يجوز أن يكون المتبرع مؤديا بدل الكتابة عن المكاتب من مال نفسه يجوز أن يكون ملتزما بدل الكتابة في ذمة نفسه للمولى .

التالي السابق


الخدمات العلمية