الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإن اشترى دارا لغيره وأراد أن يكتب اسمه في الشراء كتب اشترى فلان لفلان من فلان وأكثر أهل الشروط رحمهم الله يكتبون اشترى لفلان بأمره وماله وذلك غير مستحسن عندنا ; لأن الثمن بالشراء يجب في ذمة المشتري فلا يتصور أن يكون مشتريا بمال الغير ; لأن ما يجب في ذمته بعقد لا يتصور أن يكون مالا للغير ثم في هذا ضرر على البائع ; لأن الموكل إذا حضر وأنكر الوكالة كان له أن يسترد المال من البائع لإقرار البائع أن المال له ثم هو يحتاج إلى الرجوع على المشترى بالثمن وربما لا يقدر على ذلك قال الطحاوي رحمه الله ، وفيه إفساد آخر أيضا ، وهو على أن قول زفر والشافعي النفوذ يتعين في العقد ، فإذا أنكر الموكل الأمر ورجع [ ص: 183 ] بدراهمه انفسخ العقد فلهذا لم يذكر محمد رحمه الله هذه الرواية ، وإنما ذكر اشترى فلان لفلان من فلان ويجري الكتاب على رسمه إلى أن يكتب في آخره فما أدرك فلان بن فلان من درك فيما اشترى له فلان فعلى فلان خلاصه حتى يسلمه له فقد ذكر ضمان الدرك للوكيل ; لأن الوكيل بالعقد فيما هو من حقوق العقد ينزل منزلة العاقد لنفسه ولكن إنما ذكر هذا ; لأن الوكيل بالتسليم يخرج من الوسط فالاستحقاق بعد ذلك يكون للموكل والدرك إنما يلحق الموكل .

( ألا ترى ) أنه ليس للمستحق الخصومة مع الوكيل بعد التسليم وذكر الخصاف أن محمد بن الحسن رحمه الله حين كان بالرقة كتب للرشيد كتابا بهذه الصفة وكتب فما أدرك أمير المؤمنين من درك فعلى فلان خلاصه حتى يسلمه له أو يرد الثمن على المشتري ، وهو فلان فقال له بعض من حضر المجلس من أصحابه لماذا كتبت الدرك للمشترى له فقال هكذا كتب أبو حنيفة رحمه الله فقال إذا كتب الدرك له فلماذا لم تكتب رد الثمن عليه قال لأن رد الثمن عند الاستحقاق إنما يكون على من وجب عليه الثمن بالعقد والثمن بالعقد وجب على الوكيل دون الموكل فكذلك الرد يكون عليه عند الاستحقاق قيل فإن كتب كاتب أو يرد الثمن على المشترى له قال أكره ذلك ولا أفسد به العقد وكأنه سلك في هذا طريقة الاستحسان على قياس الوكيل بالبيع إذا قبض الموكل الثمن بنفسه ، فإن كتب كاتب فما أدرك فلان المشتري قال أكره ذلك أيضا ولا أفسد به العقد ; لأن الدرك قد يلحق الوكيل قبل أن يسلمه إلى الموكل ولكن لو كتب في ضمان قيمة البناء أنه ضامن لقيمة ما يبني المشتري كان ذلك يفسد العقد ; لأن الوكيل في البناء في هذه الدار كأجنبي آخر فإنه ليس له أن يبني بدون رضا الموكل فاشتراط ضمان بنائه في العقد كاشتراط ضمان أجنبي آخر وذلك مفسد للعقد .

التالي السابق


الخدمات العلمية