الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا باع رجل داره من ابنه ، وهو صغير في عياله كتب هذا كتاب من فلان بن فلان لفلان بن فلان ابنه إني بعتك الدار التي في بني فلان ويحددها ويجري الكتاب على الرسم بكذا درهما وقبضت الثمن كله منك وبرئت إلي منه وأنت يومئذ صغير في عيالي فما أدركك من ذلك في هذه الدار فعلي خلاصه ، وفي هذا تنصيص على أن الأب لا يحتاج إلى لفظين في البيع من ولده لنفسه .

ويحكى عن أبي علي الشاشي رحمه الله أنه كان يقول : يحتاج إلى ذلك ; لأنه في جانب الولد فيما يعامل نفسه فيكون نائبا ولا يكون كالمباشر للعقد حتى إن العهدة بعد البلوغ فيه تكون على الولد بخلاف ما يعامل غيره فإن الأب فيه مباشر للعقد والعهدة عليه بعد بلوغ الولد ، وهو في لفظ واحد لا يصلح أن يكون مباشرا للعقد وسفيرا فلا بد من لفظ هو يكون مباشرا فيه من جانب نفسه ، ومن لفظ آخر يكون هو سفيرا فيه عن الابن بخلاف المولى يزوج وليته ممن هو وليه فالعاقد في النكاح يكون بمنزلة السفير من الجانبين ، وهو باللفظ الواحد يستقيم أن يكون سفيرا عن جماعة ولكن الأصح ما ذكره محمد رحمه الله ، وقد أشار إليه في الزيادات أيضا أنه في البيع يتم بقوله بعت منه بكذا ، وفي الشراء يتم بقوله اشتريت منه بكذا ; لأن اللفظ الذي به يلتزم العهدة ، ويكون مباشرا [ ص: 186 ] يكون أقوى من اللفظ الذي يكون سفيرا والقوي ينتظم الضعيف ولا يظهر في مقابلته ففي حق من يكون مباشرا يسقط اعتبار اللفظ الذي يكون به معبرا عن غيره في العقد حتى قالوا لو ذكر اللفظ الذي هو سفير فيه فقال اشتريت مني هذه الدار بكذا ، وفي الشراء قال بعت هذه الدار لابني من نفسي لا يتم ; لأن الضعيف لا ينتظم القوي فلا بد من التصريح باللفظ الذي به يلتزم العهدة وذلك في البيع بالإيجاب ، وفي الشراء بالقبول قال وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله إذا كان في الرسم لفلان فكل شيء أضفته إليه فاجعله بالكاف ولا تجعله بالياء ، وإذا كان الكتاب من رجل فكل شيء أضفته إليه فاجعله بالياء ولا تجعله بالكاف والصواب فاجعله بالهاء ومعنى هذا الكلام أنه إذا كتب : هذا الكتاب من فلان بن فلان ، يكتب : إني قد بعتك ، وكذلك ما بعده كله بالكاف ، وإذا كتب : هذا الكتاب من رجل لابنه فلان بن فلان أنه باع منه فيذكر هذا ، وما بعده بالهاء .

التالي السابق


الخدمات العلمية