الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال ( وإن وقع فيه دم ، أو خمر ، أو عذرة ، أو بول أفسده عندنا ) ، وقال مالك رحمه الله لا يفسده إلا أن يتغير به أحد أوصافه من لون ، أو ريح ، أو طعم ، واحتج بما روي { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ من بئر ، وهي بضاعة ، وهي بئر يلقى فيه الجيف ، ومحايض النساء فلما ذكر له ذلك قال خلق الماء طهورا لا ينجسه شيء إلا ما غير لونه ، أو طعمه ، أو ريحه } .

( ولنا ) قوله عليه الصلاة والسلام { لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ، ولا يغتسلن فيه من الجنابة } فلو لم يكن ذلك مفسدا للماء ما كان للنهي عنه معنى ، وفائدة ، وفيه طريقتان إحداهما أن الماء ينجس بوقوع النجاسة فيه ; لأن صفة الماء تتغير بما يلقى فيه حتى يضاف إليه كماء الزعفران ، وماء الباقلا ، والثانية أن الماء لا ينجس ، ولكن يتعذر استعماله لمجاورة الفاسد ; لأن النجاسة تتفرق في أجزاء الماء فلا يمكن استعمال جزء من الماء إلا باستعمال جزء من النجاسة ، واستعمال النجاسة حرام ، وأما الحديث فقد قيل : إن بئر بضاعة كان ماؤه جاريا يسقى منه خمس بساتين ، وعندنا الماء الجاري لا يتنجس بوقوع النجاسة فيه ما لم يتغير أحد أوصافه .

وقيل إنما كان يلقى فيه الجيف في الجاهلية فإن في الإسلام نهوا عن مثل هذا ، وكان برسول الله صلى الله عليه وسلم من التنزه ، والتقذر ما يمنعه من التوضؤ ، والشرب من بئر يلقى فيه ذلك في وقته ، وإنما أشكل عليهم أن ما كان في الجاهلية هل يسقط اعتباره بتطهير البئر في الإسلام فأزال إشكالهم بما قال .

التالي السابق


الخدمات العلمية