الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) قال رجل لامرأته شائي طلاقك ينوي الطلاق فقالت قد شئت فهي طالق فإن لم يكن له نية فليس بطلاق لما بينا أن مشيئتها من عمل قلبها كاختيارها وهذا بمنزلة قوله اختاري الطلاق فقالت قد اخترت وهناك إن نوى الزوج الإيقاع يقع فكذلك هنا ; لأنه يحتمل أن يكون مراده اختاري الطلاق لأطلقك أو اختاري فتكوني طالقا فاعتبر نية الإيقاع فيه فكذلك [ ص: 202 ] في المشيئة وإن قال أحبي الطلاق أو أريدي الطلاق أو اهوي الطلاق فقالت قد فعلت كان باطلا وإن نوى به الطلاق ; لأن الإرادة والمحبة والهوى من العباد نوع تمن فكأنه قال لها تمني الطلاق فقالت قد تمنيت لا يقع به شيء وفي الكتاب أشار إلى الفرق بين هذا وبين قوله شائي ; لأن قوله شائي الطلاق واجبة فيكون مملكا منها وأحبي وأريدي واهوي لم يملكها فيه شيئا ومعنى هذا أن المشيئة في صفات المخلوقين ألزم في اللغة من الإرادة والهوى والمحبة .

ألا ترى أن المشيئة لا تذكر مضافة إلى غير العقلاء وقد تذكر الإرادة قال الله تعالى { فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض } وليس إلى الجدار من الإرادة شيء ، توضيح الفرق أن الزوج هو الموقع ولهذا شرط نية الإيقاع منه ولفظ المشيئة يملك الزوج الإيقاع به فإنه لو قال لها شئت طلاقك بنية الإيقاع يقع فكذلك إذا فوض إليها يكون مملكا منها ما كان له فأما لفظ الإرادة والمحبة والهوى لا يملك الزوج الإيقاع به ; لأنه لو قال أحببت طلاقك أو هويت طلاقك أو أردت طلاقك لا يقع به شيء وإن نوى فكذلك لا يصير مملكا منها بهذا اللفظ شيئا وكذلك لو قال أنت طالق إن أحببت فقالت قد شئت الطلاق وقع عليها ; لأنها أتت بما جعله شرطا بل بأقوى على ما بينا أن المشيئة منها أقوى من المحبة بخلاف ما لو قال أنت طالق إن شئت فقالت قد أحببت أو هويت أو أردت لم يقع شيء ; لأنها أتت بدون ما جعله شرطا في حكم الطلاق وما لم يتم الشرط لا ينزل الجزاء .

التالي السابق


الخدمات العلمية