الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
. قال : ( المريض المومئ إذا وجب عليه سجدتا السهو يومئ إيماء لسهوه ) لأن سجدتي السهو دون الصلبية وتلك تتأدى بالإيماء فهذا أولى ، فلو أنه عجز عن الإيماء بالرأس سقط عنه الصلاة عند علمائنا [ ص: 217 ] الثلاثة وقال زفر والحسن رحمهما الله تعالى : يومئ بعينيه ، وإن عجز عن الإيماء بالعينين قال زفر رحمه الله تعالى وحده : يومئ بالقلب ; لأنه وسع مثله ، ولكنا نقول : بأن الإيماء عبارة عن الإشارة ، والإشارة إنما تكون بالرأس ، فأما العين يسمى إنحاء ، ولا يسمى إيماء ، وبالقلب يسمى نية وعزيمة وبمجرد النية لا تتأدى الصلاة ، ونصب الأبدال بالرأي لا يجوز ، ثم إذا برأ ينظر إن كان معتقا بعد هذه الحالة حتى إذا برأ يجب إعادة الصلاة ، فإن كان مغمى عليه ينظر إذا كان مغمى عليه يوما وليلة أو أقل يجب عليه إعادة الصلاة ، وإن كان أكثر من يوم وليلة ، ولا يجب عليه إعادة الصلاة عند علمائنا ، وقال بشر تجب عليه إعادة الصلاة ، وإن طال الإغماء . هو يقول : الإغماء نوع مرض فلا يسقط القضاء كالنوم ، وقال الشافعي رضي الله تعالى عنه إذا استوعب وقت صلاة كاملة لا يجب عليه إعادة الصلاة ، ويقول : وجوب القضاء ينبني على وجوب الأداء ، ولا يجب عليه الأداء فلا يجب عليه القضاء .

( ولنا ) ما روي عن علي رضي الله تعالى عنه أنه أغمي عليه في أربع صلوات فقضاهن ، وعن عمار بن ياسر أنه أغمي عليه يوما وليلة فقضاهما وعبد الله بن عمر أغمي عليه ثلاثة أيام ولياليها فلم يقضها . والفقه فيه هو أن الإغماء إذا طال يجعل كالطويل عادة وهو الجنون والصغر ، وإذا قصر يجعل كالقصير عادة وهو النوم ، فيحتاج إلى الحد الفاصل بين القصير والطويل ، فإن كان يوما وليلة أو أقل فهو قصير ; لأن الصلاة لم تدخل في حد التكرار ، وإن كان أكثر من يوم وليلة يكون طويلا ; لأن الصلاة دخلت تحت حد التكرار ، وروي عن أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه أنه قال : إذا أغمي عليه يوما وليلة يجب عليه القضاء ، ولكن يعتبر بالساعات لا بالصلوات والأول أصح .

التالي السابق


الخدمات العلمية