الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولا يجوز استئجار السكنى بالسكنى والخدمة بالخدمة ويجوز استئجار السكنى بالخدمة والركوب عندنا وقال الشافعي رحمه الله يجوز على كل حال اتفقت جنس المنفعة أو اختلفت بناء على أصله أن المنافع كالأعيان القائمة ، ومبادلة العين بالعين من جنسه أو من خلاف جنسه صحيح عند المساواة على كل حال وعند التفاوت في غير الأموال الربوية ، والمنافع ليست بمال الربا فيجوز مبادلة بعضها بالبعض ، وإن جاز الاعتياض عن كل واحد منهما بالدراهم جاز معاوضة على كل واحد منهما بالآخر كما إذا اختلف جنس المنفعة ، ولنا فيه طريقان .

( أحدهما ) منقول عن محمد رحمه الله قال : مبادلة السكنى بالسكنى كبيع القوهي بالقوهي نسأة ومعنى هذا أن المعقود عليه ما يحدث من المنفعة ، وذلك غير موجود في الحال فإذا اتحد الجنس كان هذا مبادلة الشيء بجنسه يحرم نسيئة وبالجنس يحرم النسأ عندنا بخلاف ما إذا اختلف الجنس ، فإن قيل النسأ ما يكون عن شرط في العقد والأجل هنا غير مشروط كيف والمنافع في حكم الأعيان دون الديون ; لأنها لو كانت في حكم الدين لم يجز مع اختلاف الجنس فالدين بالدين حرام ، وإن اختلف الجنس [ ص: 140 ] قلنا : لما كان المعقود عليه مما يحدث في المدة لا يتصور حدوثه جملة بل يكون شيئا فشيئا فهذا بمنزلة اشتراط الأجل أو أبلغ منه ، فإن المطالبة بالتسليم تتأخر بالأجل ، فكذلك المطالبة بتسليم جميع المعقود عليه لا تثبت في الحال بل تتأخر إلى حدوث المنفعة ، وهذا أبلغ من ذلك ; لأن بالأجل لا يتأخر انعقاد العقد وهنا يتأخر انعقاد العقد في حق المعقود عليه ولكن ليس بدين على الحقيقة ; لأن الدين ما يثبت في الذمة والمنافع لا تثبت في الذمة والمحرم الدين بالدين فلكون المنفعة ليست بدين جوزنا العقد عند اختلاف الجنس وللجنسية أفسدنا العقد عند اتفاق الجنس ، والطريق الآخر أن جواز عقد الإجارة للحاجة فإنما يجوز على وجه ترتفع به الحاجة وفي مبادلة المنفعة بجنسها لا يتحقق ذلك ; لأنه كان متمكنا من السكنى قبل العقد ولا يحصل له بالعقد إلا ما كان متمكنا منه باعتبار ملكه ، فأما عند اختلاف جنس المنفعة الحاجة متحققة وبالعقد يحصل له ما لم يكن حاصلا قبله فصاحب السكنى قد تكون حاجته إلى خدمة العبد أو ركوب الدابة ، ثم إن عند اتحاد الجنس إذا استوفى أحدهما المنفعة فعليه أجر المثل في ظاهر الرواية .

وذكر الكرخي عن أبي يوسف رحمهما الله أنه لا شيء عليه ; لأن تقوم المنفعة بالتسمية والمسمى بمقابلة المستوفى من المنفعة والمنفعة ليست بمال متقوم في نفسها ، وجه ظاهر الرواية أنه استوفى المنفعة بحكم عقد فاسد فعليه أجر المثل كما لو استأجر دارا ولم يسم الأجر وسكنها وهذا ; لأن الفاسد من العقد معتبر بالجائز فكما أن المنفعة تتقوم بالعقد الجائز ، فكذلك بالعقد الفاسد .

التالي السابق


الخدمات العلمية