الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( فرع ) سئل ابن رشد عمن أعمرت أبويها دارا فمات أحدهما فقامت المعمرة تطلب نصف الدار وهل الأبوان والأجنبيان سواء أم لا ؟فأجاب إذا كانت المعمرة حية فهي مصدقة فيما تزعم من أنها أرادت أن يرجع إليها حظ من مات منهما لا إلى صاحبه وإن ادعى الباقي منهما أنها نصت على أن الدار تبقى للآخر منهما لزمتها اليمين ولو ماتت ولم يدر ما أرادت لتخرج ذلك على الاختلاف في الذي يحبس على معينين فيموت بعضهم هل يرجع إلى المحبس أو إلى من بقي منهم حتى يموتوا كلهم ولا فرق في هذا بين الأبوين وغيرهم ، انتهى .

                                                                                                                            من مسائل العمرى وقال ابن بطال في أحكامه ، قال ابن المواز ، قال مالك وابن القاسم وابن وهب وأشهب فيمن حبس دارا أو حائطا على قوم فمات بعضهم فإن ما كان للميت من ذلك يرجع على بقية أصحابه وكذلك في جميع الأحباس من غلة أو سكنى أو خدمة أو دنانير محبسة كان مرجع ذلك الحبس إلى صاحب ذلك الأصل أو إلى غيره أو إلى السبيل أو إلى الحرية وهذا إذا كان مشاعا فأما إن كان لكل واحد منهم يوم على حدة أو كيل مسمى أو سكنى معروف لكل واحد من أيام بعينها أو سكنى بعينه لكل واحد منهم سماه فهذا من مات منهم يرجع نصيبه إلى صاحب الحبس إن جعل مرجع الحبس إليه أو إلى من جعل مرجعه إليه ، قاله كله مالك وقد قال أيضا خلافه إن لم يكن حبسا عليهم مشاعا انظر بقية كلامه .

                                                                                                                            وقال ابن رشد في نوازله فيمن نحل ابنه عند عقد نكاحه ثلث مستغل أملاكه حيثما كانت ولم يذكر حياة الناحل ولا المنحول له ثم توفي الناحل بعد عشرة أعوام وكان المنحول له يستغلها فقام سائر الورثة وقالوا ليس لك بعد حياة أبيك شيء وقال بعد ذلك : لي حياتي فأجاب : الذي أقول به في هذه المسألة على مذهب ابن القاسم أن للمنحول ثلث غلة الأملاك ما بقيت وكان لها غلته طول حياته ولورثته بعد وفاته قياسا على قوله فيمن وهب لرجل خدمة عبده ولم يقل حياة المخدم ولا حياة العبد أن لورثة المخدم خدمة هذا العبد ما بقي إلا أن يستدل من مقاله على أنه أراد حياة المخدم ويأتي على قول غيره [ ص: 63 ] أنه إنما للمخدم خدمة العبد حياة المخدم لا حياة العبد أن يكون للمنحول في مسألتك ثلث غلة الأملاك ما دام حيا وأما أن يسقط حقه بموت الناحل فذلك ما لا يصح على قول قائل من أهل العلم ، وبالله التوفيق ، انتهى . من باب النحلة والسياقة من كتاب النكاح .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية