قوله عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : قد دل قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185ولتكملوا العدة على معان : منها أنه متى غم علينا هلال شهر رمضان فعلينا إكمال العدة ثلاثين يوما أي شهر كان ، لبيان النبي صلى الله عليه وسلم ذلك على الوجه الذي بينا ، فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=668356صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين فجعل
nindex.php?page=treesubj&link=2392إكمال العدة اعتبار الثلاثين عند خفاء الهلال .
ويدل أيضا على جواز
nindex.php?page=treesubj&link=23320قضاء رمضان متتابعا أو متفرقا ، لإخباره أن الفرض فيه إكمال العدة ، وذلك يحصل به متفرقا كان أو متتابعا ، ويدل على أن وجوب قضائه ليس على الفور ؛ لأنه إذا كان المقصد إكمال العدة وذلك قد يحصل على أي وجه صام ، فلا فرق بين فعله على الفور أو على المهلة مع حصول إكمال العدة ، ويدل على أنه
nindex.php?page=treesubj&link=2531لا فدية على من أخر قضاء رمضان وأنه ليس عليه غير القضاء شيء ؛ لأنه أخبر أن مراده منا إكمال العدة وقد وجد ، وفي إيجاب الفدية زيادة في النص وإثبات ما ليس هو من المقصد ، ويدل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=27478_2527من أفطر في شهر رمضان وهو ثلاثون يوما أنه غير جائز له أن يصوم شهرا بالهلال تسعة وعشرين يوما ، لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185ولتكملوا العدة وذلك يقتضي استيفاء العدد ، فالقائل بجواز الاقتصار على نقصان العدد مخالف لحكم الآية ، ويدل على أن أهل بلد إذا صاموا تسعة وعشرين يوما للرؤية وأهل بلد آخر إذا صاموا للرؤية ثلاثين أن على الذين صاموا تسعة وعشرين يوما أن يقضوا يوما ، لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185ولتكملوا العدة وقد حصل عدة رمضان ثلاثين لأهل ذلك البلد فعلى الآخرين أن يكملوها كما كان على أولئك إكمالها ؛ إذ كان الله لم يخصص بعضا من كل .
وأما قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185ولتكبروا الله على ما هداكم فإنه روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه كان يقول : حقا على المسلمين إذا نظروا إلى هلال شوال أن يكبروا الله حتى يفرغوا من عيدهم " ، وذلك لقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن
nindex.php?page=hadith&LINKID=99521النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكبر يوم الفطر [ ص: 279 ] إذا خرج إلى المصلى وإذا قضى الصلاة قطع التكبير ، وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي وأبي قتادة nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة والقاسم nindex.php?page=showalam&ids=15786وخارجة بن زيد nindex.php?page=showalam&ids=17193ونافع بن جبير بن مطعم وغيرهم " أنهم كانوا
nindex.php?page=treesubj&link=1139_1141يكبرون يوم العيد إذا خرجوا إلى المصلى " .
وروى
حنش بن المعتمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي " أنه ركب بغلته يوم الأضحى فلم يزل يكبر حتى أتى الجبانة " ، وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12493ابن أبي ذئب عن
شعبة مولى ابن عباس قال : " كنت أقود
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس إلى المصلى فيسمع الناس يكبرون فيقول : ما شأن الناس ؟ أكبر الإمام ؟ فأقول : لا ، فيقول : أمجانين الناس ؟ " فأنكر
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في هذا الخبر التكبير في طريق المصلى ، وهذا يدل على أن المراد عنده التكبير المذكور في الآية وهو التكبير الذي يكبره الإمام في الخطبة مما يصلح أن يكبر الناس معه .
وما روي عنه أنه حق على المسلمين إذا نظروا إلى هلال شوال أن يكبروا حتى يفرغوا من عيدهم ، فليس فيه دلالة على الجهر به ، وجائز أن يريد به تكبيرهم في أنفسهم ، وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه كان إذا خرج يوم الفطر ويوم الأضحى يكبر ويرفع صوته حتى يجيء المصلى ؛ وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم أنه تأول ذلك على تكبير يوم الفطر ، واختلف فقهاء الأمصار في ذلك ، فروى
المعلى عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة قال : " يكبر الذي يذهب إلى العيد يوم الأضحى ويجهر بالتكبير ولا يكبر يوم الفطر " وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف : " يكبر يوم الأضحى والفطر وليس فيه شيء موقت ، لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185ولتكبروا الله على ما هداكم وقال
عمرو : سألت
محمدا عن
nindex.php?page=treesubj&link=1139التكبير في العيدين ، فقال : " نعم يكبر " وهو قولنا .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14111الحسن بن زياد عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة : " إن التكبير في العيدين ليس بواجب في الطريق ولا في المصلى ، وإنما
nindex.php?page=treesubj&link=1139التكبير الواجب في صلاة العيد " .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي أن
ابن أبي عمران كان يحكي عن أصحابنا جميعا أن السنة عندهم في يوم الفطر أن يكبروا في الطريق إلى المصلى حتى يأتوه ، ولم نكن نعرف ما حكاه
المعلى عنهم ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك : " يكبر في خروجه إلى المصلى في العيدين جميعا " قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : " ويكبر في المصلى إلى أن يخرج الإمام ، فإذا خرج الإمام قطع التكبير ، ولا يكبر إذا رجع " وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي " أحب إظهار التكبير ليلة الفطر وليلة النحر وإذا عدوا إلى المصلى حتى يخرج الإمام " وقال في موضع آخر : " حتى يفتتح الإمام الصلاة " قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : تكبير الله هو تعظيمه ، وذلك يكون بثلاثة معان : عقد الضمير ، والقول ، والعمل ، فعقد الضمير هو اعتقاد توحيد الله تعالى وعدله وصحة المعرفة به وزوال الشكوك ، وأما القول فالإقرار بصفاته العلى وأسمائه الحسنى وسائر
[ ص: 280 ] ما مدح به نفسه ، وأما العمل فعبادته بما يعبد من الأعمال بالجوارح كالصلاة وسائر المفروضات ، وكل ذلك غير مقبول إلا بعد تقدمة الاعتقاد له بالقلب على الحد الذي وصفنا ، وأن يتحرى بجميع ذلك موافقة أمر الله كما قال عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=19ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا فشرط بديا تحري موافقة أمر الله بذكره إرادة الآخرة ، ولم يقتصر عليه حتى ذكر العمل لله وهو السعي ، وعقد ذلك كله بشريطة الإيمان بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=19وهو مؤمن ثم عقبه بذكر الوعد لمن حصلت له هذه الأعمال نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل هذه الآية وأن يوفقنا إلى ما يؤدينا إلى مرضاته .
وإذا كان تكبير الله تعالى ينقسم إلى هذه المعاني التي ذكرنا ، وقد علمنا لا محالة أن اعتقاد التوحيد والإيمان بالله ورسله شرط في سائر القرب ، وذلك غير مختص بشيء من الطاعات دون غيرها ، ومعلوم أيضا أن سائر المفروضات التي يتعلق وجوبها بأسباب أخر غير مبنية على صيام رمضان ، ثبت أن التعظيم المذكور في هذه الآية ينبغي أن يكون متعلقا بإكمال عدة رمضان ، وأولى الأشياء به إظهار لفظ التكبير ، ثم جائز أن يكون تكبيرا يفعله الإنسان في نفسه عند رؤية هلال شوال ، وجائز أن يكون المراد ما تأوله كثير من
السلف على أنه التكبير المفعول في الخروج إلى المصلى ، وجائز أن يريد به تكبيرات صلاة العيد ؛ كل ذلك يحتمله اللفظ ، ولا دلالة فيه على بعض دون بعض ، فأيها فعل فقد قضى عهدة الآية وفعل مقتضاها ، ولا دلالة في اللفظ على وجوبه ؛ لأن قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185ولتكبروا الله لا يقتضي الوجوب ؛ إذ جائز أن يتناول ذلك النفل ، ألا ترى أنا نكبر الله أو نعظمه بما نظهره من التكبير نفلا ؟
ولا خلاف بين الفقهاء أن إظهار التكبير ليس بواجب ، ومن كبر فإنما فعله استبراء ، ومع ذلك فإنه متى فعل أدنى ما يسمى تكبيرا فقد وافق مقتضى الآية ، إلا أن ما روي من ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن
السلف من الصدر الأول والتابعين في
nindex.php?page=treesubj&link=1141تكبيرهم يوم الفطر في طريق المصلى ، يدل على أنه مراد الآية ، فالأظهر من ذلك أن فعله مندوب إليه ومستحب لا حتما واجبا والذي ذكره
ابن أبي عمران هو أولى بمذهب
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وسائر أصحابنا ، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري وإن كان مرسلا ، وعن
السلف ، فلأن ذلك موافق لظاهر الآية ؛ إذ كانت تقتضي تحديد تكبير عند إكمال العدة ، والفطر أولى بذلك من الأضحى ، وإذا كان ذلك عنده مسنونا في الأضحى فالفطر كذلك ؛ لأن
[ ص: 281 ] صلاتي العيدين لا تختلفان في حكم التكبير فيهما والخطبة بعدهما وسائر سننهما ، فكذلك ينبغي أن تكون سنة التكبير في الخروج إليهما .
وفي هذه الآية دلالة على بطلان قول أهل الجبر ؛ لأن فيها أن الله قد أراد من المكلفين إكمال العدة واليسر وليكبروه ويحمدوه ويشكروه على نعمته ، وهدايته لهم إلى هذه الطاعات التي يستحقون بها الثواب الجزيل فقد أراد من الجميع هذه الطاعات وفعل الشكر وإن كان فيهم من يعصيه ولا يشكره .
فثبت بدلالة هذه الآية أن الله لم يرد من أحد أن يعصيه ولا أن يترك فروضه وأوامره ، بل أراد من الجميع أن يطيعوه ويشكروه ، مع ما دلت العقول عليه بأن فاعل ما أريد منه مطيع للمريد متبع لأمره ، فلو كان الله تعالى مريدا للمعاصي لكان العصاة مطيعين له ، فدلالة العقول موافقة لدلالة الآية ، والله سبحانه وتعالى الموفق للصواب .
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11943أَبُو بَكْرٍ : قَدْ دَلَّ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ عَلَى مَعَانٍ : مِنْهَا أَنَّهُ مَتَى غُمَّ عَلَيْنَا هِلَالُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَعَلَيْنَا إِكْمَالُ الْعِدَّةِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا أَيَّ شَهْرٍ كَانَ ، لِبَيَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي بَيَّنَّا ، فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=668356صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ فَجَعَلَ
nindex.php?page=treesubj&link=2392إِكْمَالَ الْعِدَّةِ اعْتِبَارَ الثَّلَاثِينَ عِنْدَ خَفَاءِ الْهِلَالِ .
وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى جَوَازِ
nindex.php?page=treesubj&link=23320قَضَاءِ رَمَضَانَ مُتَتَابِعًا أَوْ مُتَفَرِّقًا ، لِإِخْبَارِهِ أَنَّ الْفَرْضَ فِيهِ إِكْمَالُ الْعِدَّةِ ، وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِهِ مُتَفَرِّقًا كَانَ أَوْ مُتَتَابِعًا ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ وُجُوبَ قَضَائِهِ لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ ؛ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ الْمَقْصِدُ إِكْمَالَ الْعِدَّةِ وَذَلِكَ قَدْ يَحْصُلُ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ صَامَ ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ فِعْلِهِ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ عَلَى الْمُهْلَةِ مَعَ حُصُولِ إِكْمَالِ الْعِدَّةِ ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=2531لَا فِدْيَةَ عَلَى مَنْ أَخَّرَ قَضَاءَ رَمَضَانَ وَأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُ الْقَضَاءِ شَيْءٌ ؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّ مُرَادَهُ مِنَّا إِكْمَالُ الْعِدَّةِ وَقَدْ وُجِدَ ، وَفِي إِيجَابِ الْفِدْيَةِ زِيَادَةٌ فِي النَّصِّ وَإِثْبَاتُ مَا لَيْسَ هُوَ مِنَ الْمَقْصِدِ ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=27478_2527مَنْ أَفْطَرَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَهُوَ ثَلَاثُونَ يَوْمًا أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ لَهُ أَنْ يَصُومَ شَهْرًا بِالْهِلَالِ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَذَلِكَ يَقْتَضِي اسْتِيفَاءَ الْعَدَدِ ، فَالْقَائِلُ بِجَوَازِ الِاقْتِصَارِ عَلَى نُقْصَانِ الْعَدَدِ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ الْآيَةِ ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَهْلَ بَلَدٍ إِذَا صَامُوا تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا لِلرُّؤْيَةِ وَأَهْلَ بَلَدٍ آخَرَ إِذَا صَامُوا لِلرُّؤْيَةِ ثَلَاثِينَ أَنَّ عَلَى الَّذِينَ صَامُوا تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا أَنْ يَقْضُوا يَوْمًا ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَقَدْ حَصَلَ عِدَّةُ رَمَضَانَ ثَلَاثِينَ لِأَهْلِ ذَلِكَ الْبَلَدِ فَعَلَى الْآخَرِينَ أَنْ يُكْمِلُوهَا كَمَا كَانَ عَلَى أُولَئِكَ إِكْمَالُهَا ؛ إِذْ كَانَ اللَّهُ لَمْ يُخَصِّصْ بَعْضًا مِنْ كُلٍّ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : حَقًّا عَلَى الْمُسْلِمِينَ إِذَا نَظَرُوا إِلَى هِلَالِ شَوَّالٍ أَنْ يُكَبِّرُوا الِلَّهِ حَتَّى يَفْرُغُوا مِنْ عِيدِهِمْ " ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيِّ عَنْ
nindex.php?page=hadith&LINKID=99521النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ يَوْمَ الْفِطْرِ [ ص: 279 ] إِذَا خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى وَإِذَا قَضَى الصَّلَاةَ قَطَعَ التَّكْبِيرَ ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ وَأَبِي قَتَادَةَ nindex.php?page=showalam&ids=12وَابْنِ عُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=15990وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ nindex.php?page=showalam&ids=16561وَعُرْوَةَ وَالْقَاسِمِ nindex.php?page=showalam&ids=15786وَخَارِجَةَ بْنِ زِيدَ nindex.php?page=showalam&ids=17193وَنَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ وَغَيْرِهِمْ " أَنَّهُمْ كَانُوا
nindex.php?page=treesubj&link=1139_1141يُكَبِّرُونَ يَوْمَ الْعِيدِ إِذَا خَرَجُوا إِلَى الْمُصَلَّى " .
وَرَوَى
حَنَشُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ " أَنَّهُ رَكِبَ بَغْلَتَهُ يَوْمَ الْأَضْحَى فَلَمْ يَزَلْ يُكَبِّرُ حَتَّى أَتَى الْجَبَّانَةَ " ، وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12493ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ
شُعْبَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : " كُنْتُ أَقُودُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنَ عَبَّاسٍ إِلَى الْمُصَلَّى فَيَسْمَعُ النَّاسَ يُكَبِّرُونَ فَيَقُولُ : مَا شَأْنُ النَّاسِ ؟ أَكَبَّرَ الْإِمَامُ ؟ فَأَقُولُ : لَا ، فَيَقُولُ : أَمَجَانِينُ النَّاسُ ؟ " فَأَنْكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ فِي هَذَا الْخَبَرِ التَّكْبِيرَ فِي طَرِيقِ الْمُصَلَّى ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ عِنْدَهُ التَّكْبِيرُ الْمَذْكُورُ فِي الْآيَةِ وَهُوَ التَّكْبِيرُ الَّذِي يُكَبِّرُهُ الْإِمَامُ فِي الْخُطْبَةِ مِمَّا يَصْلُحُ أَنْ يُكَبِّرَ النَّاسُ مَعَهُ .
وَمَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ حَقٌّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إِذَا نَظَرُوا إِلَى هِلَالِ شَوَّالٍ أَنْ يُكَبِّرُوا حَتَّى يَفْرُغُوا مِنْ عِيدِهِمْ ، فَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى الْجَهْرِ بِهِ ، وَجَائِزٌ أَنْ يُرِيدَ بِهِ تَكْبِيرَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ ، وَقَدَ رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا خَرَجَ يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ الْأَضْحَى يُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ حَتَّى يَجِيءَ الْمُصَلَّى ؛ وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15944زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّهُ تَأَوَّلَ ذَلِكَ عَلَى تَكْبِيرِ يَوْمِ الْفِطْرِ ، وَاخْتَلَفْ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ فِي ذَلِكَ ، فَرَوَى
الْمُعَلَّى عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ : " يُكَبِّرُ الَّذِي يَذْهَبُ إِلَى الْعِيدِ يَوْمَ الْأَضْحَى وَيَجْهَرُ بِالتَّكْبِيرِ وَلَا يُكَبِّرُ يَوْمَ الْفِطَرِ " وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبُو يُوسُفَ : " يُكَبِّرُ يَوْمَ الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مُوَقَّتٌ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَقَالَ
عَمْرٌو : سَأَلْتُ
مُحَمَّدًا عَنِ
nindex.php?page=treesubj&link=1139التَّكْبِيرِ فِي الْعِيدَيْنِ ، فَقَالَ : " نَعَمْ يُكَبِّرُ " وَهُوَ قَوْلُنَا .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14111الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ : " إِنَّ التَّكْبِيرَ فِي الْعِيدَيْنِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فِي الطَّرِيقِ وَلَا فِي الْمُصَلَّى ، وَإِنَّمَا
nindex.php?page=treesubj&link=1139التَّكْبِيرُ الْوَاجِبُ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ " .
وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطَّحَاوِيُّ أَنَّ
ابْنَ أَبِي عِمْرَانَ كَانَ يَحْكِي عَنْ أَصْحَابِنَا جَمِيعًا أَنَّ السُّنَّةَ عِنْدَهُمْ فِي يَوْمِ الْفِطْرِ أَنْ يُكَبِّرُوا فِي الطَّرِيقِ إِلَى الْمُصَلَّى حَتَّى يَأْتُوهُ ، وَلَمْ نَكُنْ نَعْرِفُ مَا حَكَاهُ
الْمُعَلَّى عَنْهُمْ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13760الْأَوْزَاعِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=16867وَمَالِكٌ : " يُكَبِّرُ فِي خُرُوجِهِ إِلَى الْمُصَلَّى فِي الْعِيدَيْنِ جَمِيعًا " قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ : " وَيُكَبِّرُ فِي الْمُصَلَّى إِلَى أَنْ يَخْرُجَ الْإِمَامُ ، فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ قَطَعَ التَّكْبِيرَ ، وَلَا يُكَبِّرُ إِذَا رَجَعَ " وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ " أُحِبُّ إِظْهَارَ التَّكْبِيرِ لَيْلَةَ الْفِطْرِ وَلَيْلَةَ النَّحْرِ وَإِذَا عَدَوْا إِلَى الْمُصَلَّى حَتَّى يَخْرُجَ الْإِمَامُ " وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ : " حَتَّى يَفْتَتِحَ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ " قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11943أَبُو بَكْرٍ : تَكْبِيرُ اللَّهِ هُوَ تَعْظِيمُهُ ، وَذَلِكَ يَكُونُ بِثَلَاثَةِ مَعَانٍ : عَقْدُ الضَّمِيرِ ، وَالْقَوْلُ ، وَالْعَمَلُ ، فَعَقْدُ الضَّمِيرِ هُوَ اعْتِقَادُ تَوْحِيدِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَدْلِهِ وَصِحَّةِ الْمَعْرِفَةِ بِهِ وَزَوَالِ الشُّكُوكِ ، وَأَمَّا الْقَوْلُ فَالْإِقْرَارُ بِصِفَّاتِهِ الْعُلَى وَأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَسَائِرِ
[ ص: 280 ] مَا مَدَحَ بِهِ نَفْسَهُ ، وَأَمَّا الْعَمَلُ فَعِبَادَتُهُ بِمَا يُعْبَدُ مِنَ الْأَعْمَالِ بِالْجَوَارِحِ كَالصَّلَاةِ وَسَائِرِ الْمَفْرُوضَاتِ ، وَكُلُّ ذَلِكَ غَيْرُ مَقْبُولٍ إِلَّا بَعْدَ تَقْدِمَةِ الِاعْتِقَادِ لَهُ بِالْقَلْبِ عَلَى الْحَدِّ الَّذِي وَصَفْنَا ، وَأَنْ يَتَحَرَّى بِجَمِيعِ ذَلِكَ مُوَافَقَةَ أَمْرِ اللَّهِ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=19وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا فَشَرَطَ بَدِيًّا تَحَرِّيَ مُوَافَقَةِ أَمْرِ اللَّهِ بِذِكْرِهِ إِرَادَةَ الْآخِرَةِ ، وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَيْهِ حَتَّى ذَكَرَ الْعَمَلَ لِلَّهِ وَهُوَ السَّعْيُ ، وَعَقَدَ ذَلِكَ كُلَّهُ بِشَرِيطَةِ الْإِيمَانِ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=19وَهُوَ مُؤْمِنٌ ثُمَّ عَقَّبَهُ بِذِكْرِ الْوَعْدِ لِمَنْ حَصَلَتْ لَهُ هَذِهِ الْأَعْمَالُ نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْآيَةِ وَأَنْ يُوَفِّقَنَا إِلَى مَا يُؤَدِّينَا إِلَى مَرْضَاتِهِ .
وَإِذَا كَانَ تَكْبِيرُ اللَّهِ تَعَالَى يَنْقَسِمُ إِلَى هَذِهِ الْمَعَانِي الَّتِي ذَكَرْنَا ، وَقَدْ عَلِمْنَا لَا مَحَالَةَ أَنَّ اعْتِقَادَ التَّوْحِيدِ وَالْإِيمَانَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ شَرْطٌ فِي سَائِرِ الْقُرَبِ ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِشَيْءٍ مِنَ الطَّاعَاتِ دُونَ غَيْرِهَا ، وَمَعْلُومٌ أَيْضًا أَنَّ سَائِرَ الْمَفْرُوضَاتِ الَّتِي يَتَعَلَّقُ وُجُوبُهَا بِأَسْبَابٍ أُخَرَ غَيْرِ مَبْنِيَّةٍ عَلَى صِيَامِ رَمَضَانَ ، ثَبَتَ أَنَّ التَّعْظِيمَ الْمَذْكُورَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِإِكْمَالِ عِدَّةِ رَمَضَانَ ، وَأَوْلَى الْأَشْيَاءِ بِهِ إِظْهَارُ لَفْظِ التَّكْبِيرِ ، ثُمَّ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ تَكْبِيرًا يَفْعَلُهُ الْإِنْسَانُ فِي نَفْسِهِ عِنْدَ رُؤْيَةِ هِلَالِ شَوَّالٍ ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مَا تَأَوَّلَهُ كَثِيرٌ مِنَ
السَّلَفِ عَلَى أَنَّهُ التَّكْبِيرُ الْمَفْعُولُ فِي الْخُرُوجِ إِلَى الْمُصَلَّى ، وَجَائِزٌ أَنْ يُرِيدُ بِهِ تَكْبِيرَاتِ صَلَاةِ الْعِيدِ ؛ كُلُّ ذَلِكَ يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ ، وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ ، فَأَيَّهَا فَعَلَ فَقَدْ قَضَى عُهْدَةَ الْآيَةِ وَفَعْلَ مُقْتَضَاهَا ، وَلَا دَلَالَةَ فِي اللَّفْظِ عَلَى وُجُوبِهِ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ لَا يَقْتَضِي الْوُجُوبَ ؛ إِذْ جَائِزٌ أَنْ يَتَنَاوَلَ ذَلِكَ النَّفَلَ ، أَلَا تَرَى أَنَّا نُكَبِّرُ اللَّهَ أَوْ نُعَظِّمُهُ بِمَا نُظْهِرُهُ مِنَ التَّكْبِيرِ نَفْلًا ؟
وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ أَنَّ إِظْهَارَ التَّكْبِيرِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ ، وَمَنْ كَبَّرَ فَإِنَّمَا فَعَلَهُ اسْتِبْرَاءً ، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مَتَى فَعْلَ أَدْنَى مَا يُسَمَّى تَكْبِيرًا فَقَدْ وَافَقَ مُقْتَضَى الْآيَةِ ، إِلَّا أَنَّ مَا رُوِيَ مِنْ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنِ
السَّلَفِ مِنَ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ وَالتَّابِعِينَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=1141تَكْبِيرِهِمْ يَوْمَ الْفِطْرِ فِي طَرِيقِ الْمُصَلَّى ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُرَادُ الْآيَةِ ، فَالْأَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ فِعْلَهُ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ وَمُسْتَحَبٌّ لَا حَتْمًا وَاجِبًا وَالَّذِي ذَكَرَهُ
ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ هُوَ أَوْلَى بِمَذْهَبِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ وَسَائِرِ أَصْحَابِنَا ، لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيِّ وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا ، وَعَنِ
السَّلَفِ ، فَلِأَنَّ ذَلِكَ مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ الْآيَةِ ؛ إِذْ كَانَتْ تَقْتَضِي تَحْدِيدَ تَكْبِيرٍ عِنْدَ إِكْمَالِ الْعِدَّةِ ، وَالْفِطْرُ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنَ الْأَضْحَى ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ عِنْدَهُ مَسْنُونًا فِي الْأَضْحَى فَالْفِطْرُ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ
[ ص: 281 ] صَلَاتَيِ الْعِيدَيْنِ لَا تَخْتَلِفَانِ فِي حُكْمِ التَّكْبِيرِ فِيهِمَا وَالْخُطْبَةِ بَعْدَهُمَا وَسَائِرِ سُنَنِهِمَا ، فَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ سُنَّةُ التَّكْبِيرِ فِي الْخُرُوجِ إِلَيْهِمَا .
وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ أَهْلِ الْجَبْرِ ؛ لِأَنَّ فِيهَا أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَرَادَ مِنَ الْمُكَلَّفِينَ إِكْمَالَ الْعِدَّةِ وَالْيُسْرَ وَلْيُكَبِّرُوهُ وَيَحْمَدُوهُ وَيَشْكُرُوهُ عَلَى نِعْمَتِهِ ، وَهِدَايَتِهِ لَهُمْ إِلَى هَذِهِ الطَّاعَاتِ الَّتِي يَسْتَحِقُّونَ بِهَا الثَّوَابَ الْجَزِيلَ فَقَدْ أَرَادَ مِنَ الْجَمِيعِ هَذِهِ الطَّاعَاتِ وَفِعْلَ الشُّكْرِ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ يَعْصِيهِ وَلَا يَشْكُرُهُ .
فَثَبَتَ بِدَلَالَةِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُرِدْ مِنْ أَحَدٍ أَنْ يَعْصِيَهُ وَلَا أَنْ يَتْرُكَ فُرُوضَهُ وَأَوَامِرَهُ ، بَلْ أَرَادَ مِنَ الْجَمِيعِ أَنْ يُطِيعُوهُ وَيَشْكُرُوهُ ، مَعَ مَا دَلَّتِ الْعُقُولُ عَلَيْهِ بِأَنَّ فَاعِلَ مَا أُرِيدَ مِنْهُ مُطِيعٌ لِلْمُرِيدِ مُتَّبِعٌ لِأَمْرِهِ ، فَلَوْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى مُرِيدًا لِلْمَعَاصِي لَكَانَ الْعُصَاةُ مُطِيعِينَ لَهُ ، فَدَلَالَةُ الْعُقُولِ مُوَافِقَةٌ لِدَلَالَةِ الْآيَةِ ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ .