الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( ثم يكبر ويركع ) وفي الجامع الصغير : ويكبر مع الانحطاط { لأن النبي عليه الصلاة والسلام كان يكبر عند كل خفض ورفع } ( ويحذف التكبير حذفا ) [ ص: 297 ] لأن المد في أوله خطأ من حيث الدين لكونه استفهاما ، وفي آخره لحن من حيث اللغة ( ويعتمد بيديه على ركبتيه ويفرج بين أصابعه ) لقوله عليه الصلاة والسلام لأنس رضي الله عنه { إذا ركعت فضع يديك على ركبتيك وفرج بين أصابعك } ولا يندب إلى التفريج إلا في هذه الحالة ليكون أمكن من الأخذ ، ولا إلى الضم إلا في حالة السجود وفيما وراء ذلك يترك على العادة ( ويبسط ظهره ) لأن { النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا ركع بسط ظهره } ، [ ص: 298 ] ( ولا يرفع رأسه ولا ينكسه ) لأن النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا ركع لا يصوب رأسه ولا يقنعه ( ويقول سبحان ربي العظيم ثلاثا وذلك أدناه ) لقوله عليه الصلاة والسلام { إذا ركع أحدكم فليقل في ركوعه سبحان ربي العظيم ثلاثا وذلك أدناه } أي أدنى كمال الجمع

التالي السابق


( قوله وفي الجامع ) ذكر لفظه لأنه نص على المقارنة ، ولفظ القدوري أعم منه ومن غيره لاحتمال الواو إياها وضدها ، وليس بصريح في الخلاف لكن الخلاف نقل صريحا ، فمنهم من قال يكبر قائما ثم يركع لا عند الخفض ، ومنهم من قال يكبر معا لكنه يجهر عند الرفع ويخفي عند الخفض ، والأصح أنه يجهر فيهما ، وينبغي أن يكون بين رجليه حالة القيام قدر أربع أصابع ، وقال الطحاوي في المقارنة هو الصحيح [ ص: 297 ] قوله لكونه استفهاما ) في المبسوط : لو مد ألف الله لا يصير شارعا وخيف عليه الكفر إن كان قاصدا ، وكذا لو مد ألف أكبر أو باءه لا يصير شارعا لأن أكبارا جمع كبر وهو الطبل ، وقيل اسم للشيطان ، ولو مد هاء الله فهو خطأ لغة وكذا لو مد راءه ، ومد لام " الله " صواب ، وجزم الهاء خطأ لأنه لم يجئ إلا في ضرورة الشعر ( قوله ويعتمد بيديه على ركبتيه ) ناصبا ساقيه وإحناؤهما شبه القوس كما تفعل عامة الناس مكروه ذكره في روضة العلماء ( قوله لقوله عليه الصلاة والسلام لأنس رضي الله عنه ) روى الطبراني في الأوسط والصغير بسنده عن أنس قال { قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا يومئذ ابن ثمان سنين ، فذهبت بي أمي إليه فقالت : يا رسول الله إن رجال الأنصار ونساءهم قد أتحفوك ولم أجد ما أتحفك إلا ابني هذا فاقبله مني يخدمك ما شئت ، قال : فخدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فلم يضربني ضربة قط ولم يسبني ولم يعبس في وجهي } فذكره بطوله إلى أن قال فيه : يعني النبي صلى الله عليه وسلم { يا بني إذا ركعت فضع كفيك على ركبتيك ، وفرج بين أصابعك وارفع يديك عن جنبيك } وفي حديث أبي حميد عن صفة صلاته عليه الصلاة والسلام { أنه ركع فوضع راحتيه على ركبتيه } والآثار في ذلك كثيرة .

وأما أثر التطبيق فمنسوخ بما في الصحيحين عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص قال : " صليت إلى جنب أبي وطبقت بين كفي ثم وضعتهما بين فخذي ، فنهاني أبي وقال : كنا نفعل فنهينا عنه ، وأمرنا أن نضع أيدينا على الركب إلا في السجود " .

قيل لأن الرحمة تنزل عليه فيه ، فبالضم ينال أكثر والله سبحانه أعلم ( قوله إذا ركع بسط ظهره ) روى ابن ماجه عن وابصة بن معبد قال { رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ، فكان إذا ركع سوى ظهره حتى لو صب عليه الماء لاستقر } وروى أبو العباس محمد بن إسحاق السراج [ ص: 298 ] في مسنده عن البراء { كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ركع بسط ظهره ، وإذا سجد وجه أصابعه قبل القبلة } وروى الطبراني عن ابن عباس وأبي برزة الأسلمي رضي الله تعالى عنهم مثل حديث وابصة سواء ( قوله لا يصوب رأسه ولا يقنعه ) رواه الترمذي في حديث أبي حميد وصححه ، وكذا ابن حبان .

وأخرج مسلم عن عائشة رضي الله عنها في حديث طويل { فكان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه ولكن بين ذلك } ( قوله إذا ركع أحدكم ) أخرج أبو داود والترمذي وابن ماجه عنه عليه الصلاة والسلام { إذا ركع أحدكم فليقل ثلاث مرات : سبحان ربي العظيم وذلك أدناه ، وإذا سجد فليقل : سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات وذلك أدناه } لفظ أبي داود وابن ماجه وهو منقطع فإن عونا لم يلق عبد الله بن مسعود ( قوله أدنى كمال الجمع ) وأدنى ما يتحقق به ما يكمل به لغة ويصير جمعا على خلاف فيه معلوم ، ومراده أدنى ما يتحقق به كماله المعنوي وهو الجمع المحصل للسنة لا اللغوي ، لأن الفائدة الشرعية حيث أمكنت في لفظه عليه الصلاة والسلام قدم اعتبارها ، غاية الأمر أنه اتفق أن أدنى كمال الجمع لغة هو أدنى ما تحصل به السنة شرعا ولا بدع فيه ، ولو ترك التسبيح أصلا أو أتى به مرة واحدة كره كذا عن محمد ، ولو زاد على الثلاث فهو أفضل بعد أن يختم بوتر خمس أو سبع أو تسع إلا إذا كان إماما والقوم يملون من ذلك




الخدمات العلمية