الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 367 ] ( ويجوز أن nindex.php?page=treesubj&link=1335_1727يؤم المتيمم المتوضئين ) وهذا عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف رحمهما الله . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمه الله : لا يجوز لأنه طهارة ضرورية والطهارة بالماء أصلية . ولهما أنه طهارة مطلقة ولهذا لا يتقدر بقدر الحاجة [ ص: 368 ] ( nindex.php?page=treesubj&link=1727_1722_25833ويؤم الماسح الغاسلين ) لأن الخف مانع سراية الحدث إلى القدم ، وما حل بالخف يزيله المسح ، بخلاف المستحاضة لأن الحدث لم يعتبر شرعا مع قيامه حقيقة ( nindex.php?page=treesubj&link=1727_1722ويصلي القائم خلف القاعد ) وقال nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمه الله : لا يجوز ، وهو القياس لقوة حال القائم ونحن تركناه بالنص ، وهو ما روي { أنه عليه الصلاة والسلام صلى آخر صلاته قاعدا والقوم خلفه قيام } [ ص: 369 - 371 ] ( nindex.php?page=treesubj&link=1727ويصلي المومئ خلف مثله ) لاستوائهما في الحال إلا أن يومئ المؤتم قاعدا والإمام مضطجعا ، لأن القعود معتبر فتثبت به القوة ( ولا nindex.php?page=treesubj&link=1727_1722يصلي الذي يركع ويسجد خلف المومئ ) لأن حال المقتدي أقوى ، وفيه خلاف nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر رحمه الله .
( قوله ويجوز أن يؤم المتيمم المتوضئين ) قيده شيخ الإسلام بأن لا يكون مع المتوضئين ماء خلافا nindex.php?page=showalam&ids=15922لزفر ، وأصله فرع إذا nindex.php?page=treesubj&link=1587_336رأى المتوضئ المقتدي بمتيمم ماء في الصلاة لم يره الإمام فسدت صلاته ، خلافا nindex.php?page=showalam&ids=15922لزفر لاعتقاده فساد صلاة إمامه لوجود الماء ، ومنعه nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر رحمه الله بأن وجوده غير مستلزم لعلمه به وهو ظاهر ، وينبغي أن يحكم بأن محمل الفساد عندهم إذا ظن علم إمامه به ، لأن اعتقاده فساد صلاة إمامه بذلك ( قوله طهارة ضرورية ) لا شك أن فيها جهة الإطلاق باعتبار عدم توقيتها ، بخلاف طهارة المستحاضة ، وجهة الضرورة [ ص: 368 ] باعتبار أن المصير إليها ضرورة عدم القدرة على الماء ، وتعليله في النهاية بأنها طهارة تلويث لا ترفع الحدث حتى كان محدثا عند وجود الماء بالحدث السابق غير مستقيم على ما صرحوا به غير مرة من أنها رفعة . وصرح هو في باب التيمم في البحث مع nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في مسألة جواز الفرائض المتعددة بتيمم واحد خلافا له فقال : الخلاف مبني على أن حكم التيمم ماذا قال علماؤنا حكمه زوال الحدث مطلقا من كل وجه ما بقي شرطه وهو العدم كما بالماء ، إلا أنه بالماء مقدر إلى وجود الحدث ، وهنا إلى شيئين : إلى الحدث . وإلى رؤية الماء انتهى . وكون الانتقاض عند الوجود بظهور الحدث لا يستلزم عدم الرفع على ما قدمنا من تحقيقه في باب التيمم ، وإذا ثبتت الجهتان فعلل nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمه الله هنا بجهة الضرورة لنفي جواز اقتداء المتوضئ احتياطا . وعلل في باب الرجعة فيما إذا انقطع دم الحيضة الثالثة في المعتدة وأيامها دون العشرة بجهة الإطلاق لانقطاع حق الرجعة احتياطا ، وهما اختارا جانب الإطلاق في الصلاة لأن اعتبارها طهارة كالماء ليس إلا من أجلها . ودل على صحة هذا الاعتبار حديث { nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص أنه بعثه النبي صلى الله عليه وسلم أميرا على سرية فأجنب وصلى بأصحابه بالتيمم لخوف البرد . وعلم النبي صلى الله عليه وسلم فلم يأمرهم بالإعادة } وجانب الضرورة في الرجعة . فلم تكن طهارة في حق الرجعة لأن الضرورة في الصلاة لا غير فبقيت على العدم ما لم يتصل بها المقصود : أعني أن يصلي بها لأنها حينئذ يمتنع اعتبارها عدما بعدما قويت باتصال المقصود بها ، وسنزيد كشف القناع في باب الرجعة إن شاء الله تعالى . وفي الخلاصة nindex.php?page=treesubj&link=1704اقتداء المتوضئ بالمتيمم في صلاة الجنازة جائز بلا خلاف ( قوله ويصلي القائم خلف القاعد ) خلافا nindex.php?page=showalam&ids=16908لمحمد وعكسه والقاعد خلف مثله جائزا اتفاقا ، والمستوي بالأحدب قيل يجوز مطلقا . وذكر التمرتاشي إن بلغت حدبته الركوع فعلى الخلاف . قال في شرح الكنز : هو الأقيس لأن القيام استواء النصفين وقد وجدوا استواء الأسفل فيجوز عندهما كما يجوز اقتداء القائم بالقاعد لاستواء الأعلى ، وأما عند nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد ففي الظهيرية لا تصح nindex.php?page=treesubj&link=1722إمامة الأحدب للقائم ذكره nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد . وفي مجموع النوازل : يصح ، والأول أصح ( قوله وهو ما روي إلخ ) في الصحيحين عن { nindex.php?page=hadith&LINKID=82292nindex.php?page=showalam&ids=16523عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال دخلت على nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها فقلت : ألا تحدثيني عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت بلى ، لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أصلى الناس ؟ قلنا لا هم ينتظرونك للصلاة ، قال : ضعوا لي ماء في المخضب ، ففعلنا فاغتسل ، ثم ذهب لينوء فأغمي عليه ، [ ص: 369 ] ثم أفاق فقال : أصلى الناس ؟ فقلنا لا هم ينتظرونك يا رسول الله ، قالت والناس عكوف في المسجد ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء الآخرة ، قالت : فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر رضي الله عنه أن يصلي بالناس ، فأتاه الرسول فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تصلي بالناس ، فقال أبو بكر وكان أبو بكر رضي الله عنه رجلا رقيقا فقال : يا nindex.php?page=showalam&ids=2عمر صل أنت ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه أنت أحق بذلك ، فصلى بهم أبو بكر ، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد من نفسه خفة فخرج يهادى بين رجلين أحدهما nindex.php?page=showalam&ids=18العباس لصلاة الظهر وأبو بكر يصلي بالناس ، فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر فأومأ إليه أن لا تتأخر وقال لهما أجلساني إلى جنبه ، فأجلساه إلى جنب أبي بكر ، فكان أبو بكر يصلي وهو قائم بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم والناس يصلون بصلاة أبي بكر والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد قال عبيد الله : فعرضت على nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها فما أنكر منه شيئا غير أنه قال أسمت لك الرجل الذي كان مع nindex.php?page=showalam&ids=18العباس ؟ قلت لا ، قال : هو nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه } انتهى . وما روى الترمذي عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت { nindex.php?page=hadith&LINKID=82293صلى النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي توفي فيه خلف أبي بكر قاعدا } وقال حسن صحيح . وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس { nindex.php?page=hadith&LINKID=82294آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع القوم في ثوب واحد متوشحا خلف أبي بكر رضي الله عنه } . فأولا لا يعارض ما في الصحيح ، وثانيا : قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : لا تعارض فالصلاة التي كان فيها إماما صلاة الظهر يوم السبت أو الأحد ، والتي كان فيها مأموما الصبح من يوم الاثنين ، وهي آخر صلاة صلاها حتى خرج من الدنيا . ولا يخالف هذا ما ثبت عن الزهري عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس في صلاتهم يوم الاثنين وكشف الستر ثم إرخائه فإنه كان في الركعة الأولى ، ثم { nindex.php?page=hadith&LINKID=82295إنه صلى الله عليه وسلم وجد من نفسه خفة فأدرك معه الثانية } ، يدل ما ذكر nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة في المغازي عن الزهري وذكر nindex.php?page=showalam&ids=11822أبو الأسود عن عروة { أنه صلى الله عليه وسلم أقلع عنه الوعك ليلة الاثنين فغدا إلى الصبح يتوكأ على nindex.php?page=showalam&ids=69الفضل بن العباس وغلام له ، وقد سجد الناس مع أبي بكر رضي الله عنه حتى قام إلى جنب أبي بكر ، فاستأخر أبو بكر فأخذ صلى الله عليه وسلم بثوبه فقدمه في مصلاه ، فصفنا جميعا ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وأبو بكر يقرأ فركع معه الركعة الأخيرة ثم جلس أبو بكر حتى قضى سجوده فتشهد وسلم ، وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالركعة الأخرى ثم انصرف إلى جذع من جذوع المسجد ، } فذكر القصة في عهده إلى nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة بن زيد فيما بعثه إليه ثم في وفاته صلى الله عليه وسلم يومئذ أخبرنا به أبو عبد الله الحافظ بسنده إلى nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة ، حدثنا الأسود عن عروة فذكره . فالصلاة التي صلاها أبو بكر مأموما صلاة الظهر وهي التي [ ص: 370 ] خرج فيما بين nindex.php?page=showalam&ids=18العباس nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي رضي الله عنهما ، والتي كان فيها إماما الصبح وهي التي خرج فيها بين nindex.php?page=showalam&ids=69الفضل بن العباس وغلام له ، فقد حصل بذلك الجمع ، وعلى هذا فقول المصنف آخر صلاة صلاها : يعني إماما . والمراد بحديث كشف الستارة ما في الصحيحين من { nindex.php?page=hadith&LINKID=82297أنه كشفها يوم الاثنين وهم صفوف في الصلاة ، ثم تبسم ضاحكا ونكص أبو بكر على عقبه ظنا أنه صلى الله عليه وسلم خارج للصلاة ، فأشار إليهم أن أتموا ، ثم دخل وأرخى الستر وتوفي صلى الله عليه وسلم من يوم ذلك } . وفي nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري { أن ذلك كان في صلاة الفجر } . قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بعد ما أسند عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر nindex.php?page=showalam&ids=168وأسيد بن حضير اقتداء الجالسين بهما وهما جالسان للمرض : وإنما فعلا ذلك لأنهما لم يعلما بالناسخ ، وكذا ما حكي عن غيرهم من الصحابة رضي الله عنهم أنهم أموا جالسين والناس جلوس محمول عليه ، وعلم الخاصة يوجد عند بعض ويعزب عن بعض . واعلم أن مذهب nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد أن القاعد إن nindex.php?page=treesubj&link=1722_1526_1772شرع قائما ثم جلس صح اقتداء القائمين به ، وإن شرع جالسا فلا وهو أنهض من جهة الدليل لأنا صرحنا بأن ذلك خلاف القياس صير إليه بالنص . وقد علم { nindex.php?page=hadith&LINKID=82299أنه صلى الله عليه وسلم خرج إلى محل الصلاة قائما يهادى ثم جلس } ، فالظاهر أنه كبر قبل الجلوس ، وصرحوا في صلاة المريض أنه إذا قدر على بعضها قائما ولو التحريمة وجب القيام به ، وكان ذلك متحققا في حقه صلى الله عليه وسلم ، إذ مبدأ حلوله في ذلك المكان كان قائما فالتكبير قائما مقدوره حينئذ . وإذا كان كذلك فمورد النص حينئذ اقتداء القائمين بجالس شرع قائما . قال nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش في قولها { nindex.php?page=hadith&LINKID=82300والناس يصلون بصلاة أبي بكر رضي الله عنه } : يعني أنه كان يسمع الناس تكبيره صلى الله عليه وسلم . وفي الدراية : وبه يعرف جواز nindex.php?page=treesubj&link=22706_913رفع المؤذنين أصواتهم في الجمعة والعيدين وغيرهما انتهى . أقول : ليس مقصوده خصوص الرفع الكائن في زماننا ، بل أصل الرفع لإبلاغ الانتقالات ، أما خصوص هذا الذي تعارفوه في هذه البلاد فلا يبعد أنه مفسد فإنه غالبا يشتمل على مد همزة الله أو أكبر أو بائه وذلك مفسد وإن لم يشتمل ، فلأنهم يبالغون في الصياح زيادة على حالة الإبلاغ والاشتغال بتحريرات النغم إظهارا للصناعة النغمية لا إقامة للعبادة ، والصياح ملحق بالكلام الذي بساطه ذلك الصياح ، وسيأتي في باب ما يفسد الصلاة أنه إذا ارتفع بكاؤه من ذكر الجنة والنار لا تفسد ولمصيبة بلغته تفسد ، لأنه في الأول تعرض لسؤال الجنة والتعوذ من النار ، وإن كان يقال إن المراد إذا حصل به الحروف ولو صرح به لا تفسد ، وفي النار لإظهارها ، ولو صرح بها فقال وامصيبتاه أو أدركوني أفسد فهو بمنزلته . وهنا معلوم أن قصده إعجاب الناس به ، ولو قال اعجبوا من حسن صوتي وتحريري فيه أفسد ، وحصول الحروف لازم من التلحين ، ولا أرى ذلك يصدر ممن فهم معنى الصلاة والعبادة ، كما لا أرى تحرير النغم في الدعاء كما يفعله القراء في هذا الزمان يصدر ممن فهم معنى الدعاء والسؤال وما ذلك إلا نوع لعب ، فإنه لو قدر في الشاهد سائل حاجة من ملك أدى سؤاله وطلبه تحرير النغم فيه من الرفع والخفض والتغريب [ ص: 371 ] والرجوع كالتغني نسب ألبتة إلى قصد السخرية واللعب ، إذ مقام طلب الحاجة التضرع لا التغني ( قوله ويصلي المومئ خلف مثله ) وإن كان الإمام يومئ قاعدا والمأموم يومئ قائما لأن هذا القياس ليس بركن ، بل الأولى تركه ( قوله إلا أن يومئ ) قال التمرتاشي في هذه بعد نقل الخلاف فيها : الأصح أنه يجوز على قول nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد ، وكذا الأظهر على قولهما الجواز ، وحكم في شرح الكنز باختيار ما في الهداية لأن القعود معتبر حتى يجب عند القدرة عليه ، بخلاف الاستلقاء فإنه لم يقصد إليه بالحكم بل تجب معه لأنه الوسع الحاصل