الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( باب ما يفسد الصلاة وما يكره فيها )

( ومن تكلم في صلاته عامدا أو ساهيا بطلت صلاته ) خلافا للشافعي رحمه الله في الخطإ والنسيان ، ومفزعه الحديث المعروف . ولنا قوله عليه الصلاة والسلام { إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ، [ ص: 396 ] وإنما هي التسبيح والتهليل وقراءة القرآن } وما رواه محمول على رفع الإثم . بخلاف السلام ساهيا لأنه من الأذكار فيعتبر ذكرا في حالة النسيان وكلاما في حالة التعمد لما فيه من كاف الخطاب

التالي السابق


( باب ما يفسد الصلاة وما يكره فيها )

( قوله ومفزعه الحديث المعروف ) { رفع عن أمتي الخطأ والنسيان } إلخ . الفقهاء يذكرونه بهذا اللفظ ولا يوجد به في شيء من كتب الحديث ، بل { إن الله وضع عن أمتي الخطأ النسيان وما استكرهوا عليه } رواه ابن ماجه وابن حبان والحاكم وقال صحيح على شرطهما ( قوله ولنا قوله صلى الله عليه وسلم إن صلاتنا إلخ ) رواه [ ص: 396 ] مسلم من حديث معاوية بن الحكم السلمي قال { بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم فقلت له : يرحمك الله ، فرماني القوم بأبصارهم ، فقلت : واثكل أماه ما شأنكم تنظرون إلي ، فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم ، فلما رأيتهم يصمتوني لكني سكت ، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاني فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه ، فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني ثم قال : إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن } ا هـ .

وقد أجابوا بأنه لا يصلح دليلا على البطلان ، بل على أنه محظور والحظر لا يستلزم البطلان ، ولذا لم يأمره بالإعادة وإنما علمه أحكام الصلاة .

قلنا إن صح فإنما بين الحظر حالة العمد ، والاتفاق على أنه حظر يرتفع إلى الإفساد ، وما كان مفسدا حالة العمد كان كذلك حالة السهو لعدم المزيل شرعا كالأكل والشرب . وقوله { رفع عن أمتي } أو { إن الله وضع عنهم } من باب المقتضى ولا عموم له ، لأنه ضروري فوجب تقديره على وجه يصح ، والإجماع على أن رفع الإثم مراد فلا يراد غيره وإلا لزم تعميمه وهو في غير محل الضرورة ، ومن اعتبره في الحكم الأعم من حكم الدنيا والآخرة فقد عممه من حيث لا يدري ، إذ قد أثبته في غير محل الضرورة من تصحيح الكلام وصار كما إذا أطال الكلام ساهيا فإنه يقول بالفساد ، فإن الشرع إذا رفع إفساده وجب شمول الصحة .

وإلا فشمول عدمها وكالأكل والشرب ، وإنما عفي القليل من العمل لعدم الاحتراز عنه لأن في الحي حركات من الطبع وليست الصلاة ، فلو اعتبر إفساده مطلقا لزم الحرج في إقامة صحة الصلاة فعفي ما لم يكثر وليس الكلام من طبع الحي ( قوله بخلاف السلام ساهيا ) جواب عن قياس مقدر للشافعي رحمه الله على السلام ساهيا وهو ظاهر من الكتاب .




الخدمات العلمية