الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولا يجوز دفع الزكاة إلى من يملك نصابا من أي مال كان ) لأن الغنى الشرعي مقدر به ، والشرط أن يكون فاضلا عن الحاجة الأصلية [ ص: 278 ] وإنما شرط الوجوب ( ويجوز دفعها إلى من يملك أقل من ذلك وإن كان صحيحا مكتسبا ) لأنه فقير والفقراء هم المصارف ، ولأن حقيقة الحاجة لا يوقف عليها فأدير الحكم على دليلها وهو فقد النصاب

التالي السابق


( قوله : ولا يجوز دفع الزكاة لمن يملك نصابا من أي مال كان ) من فروعها : قوم دفعوا الزكاة إلى من يجمعها لفقير فاجتمع عند الآخذ أكثر من مائتين فإن كان جمعه له بأمره ، قالوا : كل من دفع قبل أن يبلغ ما في يد الجاني مائتين جازت زكاته ، ومن دفع بعده لا تجوز إلا أن يكون الفقير مديونا فيعتبر هذا التفصيل في مائتين تفضل بعد دينه ، فإن كان بغير أمره جاز الكل مطلقا لأن في الأول هو وكيل عن الفقير فما اجتمع عنده يملكه ، وفي الثاني وكيل الدافعين فما اجتمع عنده ملكهم .

وعن أبي يوسف فيمن أراد أن يعطي فقيرا ألفا ولا دين عليه فوزنها مائة مائة وقبضها كذلك يجزيه كل الألف من الزكاة إذا كانت كلها حاضرة في المجلس ودفع كلها فيه بمنزلة ما لو دفعها جملة ، ولو كانت غائبة فاستدعى بها مائة مائة كلما حضرت مائة دفعها إليه لا يجوز منها إلا مائتان والباقي تطوع .

( قوله : والشرط أن يكون فاضلا عن الحاجة ) أما إذا كان له نصاب ليس ناميا وهو مستغرق بحوائجه الأصلية فيجوز الدفع إليه كما قدمنا فيمن يملك كتبا [ ص: 278 ] تساوي نصابا ، وهو عالم يحتاج إليها أو هو جاهل لا حاجة له بها ، فيمن له آلات وفرس ودار وعبد يحتاجها للخدمة والاستعمال أو كان له نصاب نام إلا أنه مشغول بالدين ، وعنه ما ذكر في المبسوط : رجل له ألف وعليه ألف وله دار وخادم لغير التجارة تساوي عشرة آلاف لا زكاة عليه ، ثم قال في الكتاب : أرأيت لو تصدق عليه ألم يكن موضعا للصدقة ، وفي الفتاوى : لو كان له حوانيت أو دار غلة تساوي ثلاثة آلاف وغلتها لا تكفي لقوته وقوت عياله يجوز صرف الزكاة إليه في قول محمد . وهذا التخصيص يفيد الخلاف ، وفي باب صدقة الفطر من الخلاصة يعتبر قيمة الضيعة والكرم عند أبي يوسف فلعله هو الخلاف المراد في الفتاوى .

ولو اشترى قوت سنة يساوي نصابا فالظاهر أنه لا يعد نصابا . وقيل : إن كان طعام شهر يساوي نصابا جاز الصرف إليه لا إن زاد ، ولو كان له كسوة الشتاء لا يحتاج إليها في الصيف جاز الصرف ، ويعتبر من المزارع ما زاد على ثورين ( قوله : وإن كان صحيحا مكتسبا ) وعند غير واحد لا يجوز للكسوب لما قدمناه من قوله عليه الصلاة والسلام { لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي } . { وقوله للرجلين اللذين سألاه فرآهما جلدين أما إنه لا حق لكما فيها وإن شئتما أعطيتكما } . والجواب أن الحديث دل على أن المراد حرمة سؤالهما لقوله { وإن شئتما أعطيتكما } ولو كان الأخذ محرما غير مسقط عن صاحب المال لم يفعله .




الخدمات العلمية