الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وتطويل الركن القصير ) عمدا بسكوت أو ذكر أو قرآن لم يشرع فيه ( يبطل عمده ) الصلاة ( في الأصح ) ; لأن تطويله تغيير لموضوعه كما لو قصر الطويل بعدم إتمام الواجب ; ولأن تطويله يخل بالموالاة كما قاله الإمام ( فيسجد لسهوه ) والثاني لا يبطل عمده لحديث ورد فيه يدل على ذلك ومقدار التطويل المبطل كما نقله الخوارزمي عن الأصحاب . وكلام الشيخين قد يدل عليه أن يلحق الاعتدال بالقيام ، والجلوس بين السجدتين بالجلوس للتشهد ، ومراده كما قاله جمع قراءة الواجب وهو الفاتحة ، وأقل التشهد : أي بعد مضي قد ذكر كل [ ص: 72 ] المشروع كالقنوت في محله بالقراءة المعتدلة ، ويحتمل أن يعتبر أقل زمن يسع ذلك لا قراءته مع المندوب ، وجرى عليه بعضهم ، وقول الزركشي القياس اتباع العرف ، يرد بأن هذا بيان للعرف هنا .

                                                                                                                            والأوجه أن المراد بالزيادة على قدر الذكر المشروع فيه في تلك الصلاة بالنسبة للوسط المعتدل لها لا لحال المصلي ، وقولنا في تلك الصلاة يحتمل أن يراد به من حيث ذاتها أو من حيث الحالة الراهنة ، فلو كان إماما لا تسن له الأذكار المسنونة للمنفرد اعتبر التطويل في حقه بتقدير كونه منفردا على الأول ، وبالنظر لما يشرع له الآن من الذكر على الثاني وهو الأقرب لكلامهم ، وخرج بقولنا لم يشرع تطويله ما شرع تطويله بقدر القنوت في محله أو التسبيح في صلاته أو القراءة في الكسوف فلا يؤثر ، واختار المصنف دليلا جواز تطويل الاعتدال والجلوس بين السجدتين لورود أحاديث صحيحة فيه ، ولهذا جرى عليه الأكثرون ، وصححه في موضع من التحقيق .

                                                                                                                            وقد يمنع الاستدلال بما ورد من الأخبار بأنها وقائع فعلية طرقها الاحتمال ( فالاعتدال قصير ) ; لأنه للفصل بين الركوع والسجود ( وكذا الجلوس بين السجدتين ) قصير ( في الأصح ) ; لأنه للفصل بينهما فهو كالاعتدال ، بل أولى ; لأن الذكر المشروع فيه أقصر مما شرع [ ص: 73 ] في الاعتدال . والثاني أنه طويل لما مر .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : لم يشرع فيه ) قيد في الذكر فقط ، فلو قدم قوله : لم يشرع على قوله أو قرآن أو أخر الذكر عنه كان أولى ، ولكنه أخره لما يأتي من أن تطويل القيام الثاني من صلاة الكسوف لا يضر لكون القراءة مشروعة فيه . ويرد عليه أن القيام الثاني في صلاة الكسوف ليس اعتدالا بل هو سنة فيها مستقلة فليتأمل ( قوله : قراءة الواجب ) أي فيهما [ ص: 72 ] قوله : كالقنوت ) قضيته أنه لو زاد على قدر القنوت ما يسع قراءة الفاتحة في ثانية الصبح بطلت ، وقد تقدم له خلاف مع توجيهه بأنه مشروع له في الجملة ( قوله : بالنسبة للوسط ) خبر أن : أي أن المراد اعتبارها بالنسبة إلخ ( قوله : بتقدير كونه منفردا على الأول ) أي قوله : يحتمل أن يراد به من حيث إلخ ، وقوله على الثاني : أي قوله : أو من حيث الحالة الراهنة إلخ ( قوله : لم يشرع تطويله ) في نسخة تطويله مرتين ، وما في الأصل هو الموافق لما قدمه من عدم ذكره تطويله . ( قوله : في محله ) أي وهو اعتدال الركعة الأخيرة في الصبح أو الوتر في رمضان ، أما الاعتدال في غيرهما فيضر تطويله ، ولو من الركعة الأخيرة إلا إذا طوله بالقنوت للنازلة .

                                                                                                                            وأفتى ابن حجر بأن تطويل الاعتدال من الركعة الأخيرة لا يضر مطلقا ; لأنه عهد تطويله في الجملة ، ونقل عن الزيادي اعتماد هذا ( قوله : لورود أحاديث صحيحة فيه ) أي الجلوس بين السجدتين دون الاعتدال فإنه لم يرد فيه ذلك ، ويحتمل رجوع الضمير للتطويل ، وفيه كلام في سم على منهج . ومنه أن حديث أنس ورد في مسلم بتطويل الجلوس بين السجدتين أيضا أي كما ورد تطويل الاعتدال فكان ينبغي له اختياره ولعله لم يستحضره . ا هـ . ( قوله : لأنه للفصل ) قال الشيخ عميرة أورد أن اشتراط الطمأنينة ينافي ذلك ، وأجيب بأنها اشترطت ; ليتأتى الخشوع ، ويكون على سكينة انتهىسم على منهج [ ص: 73 ] قوله : لما مر ) أي في قوله لورود أحاديث صحيحة فيه إلخ .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : لم يشرع فيه ) راجع للذكر والقرآن كما سيأتي محترزه في قوله وخرج بقولنا لم يشرع إلخ ، خلافا لما وقع في حاشية [ ص: 72 ] الشيخ ( قوله : كالقنوت ) أي المشروع بقرينة قوله قبله : قدر ذكر كل المشروع فيه ، ولعل المراد القنوت مع ما تقدم عليه من الأذكار المشروعة فليراجع ، ثم إن قضية ما ذكر أنه لو زاد على قدر المشروع بقدر الفاتحة تبطل صلاته ولا ينافيه خلافا لما في حاشية الشيخ ما قدمه في ركن الاعتدال من عدم البطلان ; لأن ذاك فيما إذا كان التطويل بنفس القنوت كما يعلم بمراجعته بخلاف ما هنا ( قوله : في محله ) أي المشروع هو فيه بالأصالة وهو ثانية الصبح وأخيرة الوتر في النصف الثاني من رمضان وأخيرة سائر المكتوبات في النازلة كما في حاشية الشيخ ، ويدل له قول الشارح عقب الاستثناء الآتي في كلام المصنف عقب كلام الرافعي الآتي .

                                                                                                                            ويمكن حمله على ما إذا لم يطل به الاعتدال وإلا بطلت ، فالشارح مخالف لما أفتى به الشهاب حج من أن المراد بمحله اعتدال أخيرة سائر المكتوبات قال ; لأنها محله في الجملة ( قوله : ويحتمل أن يعتبر أقل زمن يسع ذلك ) أي الواجب ، وقوله : لا قراءته مع المندوب مقابل لقوله ومراده كما قال جمع قراءة الواجب ( قوله : واختار المصنف إلخ ) كان ينبغي تأخيره عن المتن بعده .




                                                                                                                            الخدمات العلمية