الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولا يسجد لما يجب بكل حال إذا زال شكه ، مثاله ) ( شك ) في رباعية ( في ) الركعة ( الثالثة ) في نفس الأمر إذ الفرض أنه عند الشك جاهل بالثالثة ( أثالثة هي أم رابعة فتذكر فيها ) أي الثالثة قبل قيامه للرابعة أنها ثالثة ( لم يسجد ) ; لأن ما أتى به مع الشك لازم بكل تقدير ، وبما تقرر اندفع قول القائل بأنه كان ينبغي أن يقول ولو شك في ركعة أثالثة هي وإلا فقد فرضها ثالثة فكيف يشك أثالثة هي أم رابعة ، وقد أشار الشارح لرد ذلك بقوله في الواقع فمؤدى العبارتين شيء واحد ( أو ) تذكر ( في ) الركعة ( الرابعة ) في نفس الأمر المأتي بها أن ما قبلها ثالثة مع احتمال أنها خامسة ثم زال تردده [ ص: 81 ] في الرابعة أنها رابعة ( سجد ) لتردده حال القيام إليها في زيادتها المحتملة فقد أتى بزائد على تقدير دون تقدير ، وإنما كان التردد في زيادتها مقتضيا للسجود ; لأنها إن كانت زائدة فظاهر ، وإلا فتردده أضعف النية وأحوج إلى الجبر .

                                                                                                                            ولا يرد عليه ما لو شك في قضاء فائتة كانت عليه حيث نأمره بقضائها ، ولا سجود عليه ، وإن كان مترددا في أنها عليه ; لأن التردد ثم لم يقع في باطل بخلافه هنا ; ولأن السجود إنما يكون للتردد الطارئ في الصلاة لا للسابق عليها . ومقتضى تعبيرهم بقبل القيام أنه لو زال تردده بعد نهوضه وقبل انتصابه لم يسجد ، إذ حقيقة القيام الانتصاب وما قبله انتقال لا قيام .

                                                                                                                            قال الشيخ : فقول الإسنوي : إنهم أهملوه مردود ، وكذا قوله والقياس أنه إن صار إلى القيام أقرب سجد وإلا فلا ; لأن صيرورته إلى ما ذكر لا تقتضي السجود ; لأن عمده لا يبطل ، وإنما يبطل عمده مع عوده كما مر ، نبه على ذلك ابن العماد ا هـ . وما ذكره في الروضة من أن الإمام لو قام لخامسة ناسيا ففارقه المأموم بعد بلوغ حد الراكعين سجد للسهو صريح أو كالصريح فيما قاله الإسنوي هنا وفيما مر في القيام عن التشهد الأول ، فلو تذكر أنها خامسة لزمه أن يجلس حالا ويتشهد إن لم يكن تشهد ، وإلا فلا تلزمه إعادته ثم يسجد للسهو . ولو شك في تشهده أهو الأول أم الثاني فإن زال شكه فيه لم يسجد ; لأنه مطلوب بكل تقدير ولا نظر لتردده في كونه واجبا أو نفلا أو بعده وقد قام سجد ; لأنه فعل زائد بتقدير .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : قبل قيامه للرابعة ) شمل ذلك ما لو نهض عن الجلوس ولم يصل لحد تجزئ فيه القراءة ثم تذكر فإنه لا يسجد ، وهو مشكل ; لأنه لو علم أن هذه رابعة وفعل ذلك عمدا بطلت به صلاته ، وقد يقال مراده بقبل القيام ما قبل شروعه فيه بأن تذكر في السجود أو بعد رفعه منه وقيل النهوض عن الجلوس ، ثم رأيت قوله الآتي ومقتضى تعبيرهم إلخ وفيه من الإشكال ما علمت ( قوله : وبما تقرر ) أي من قوله في نفس الأمر . ( قوله : فمؤدى العبارتين شيء واحد ) هما قول المصنف مثاله شك في الثالثة إلخ ، وقول المعترض ولو شك [ ص: 81 ] في ركعة أثالثة هي . ( قوله : لم يقع في باطل ) أي المصلي بسببه ، وعبارة حج في مبطل : ولعل المراد أن ما يأتي به عند الشك في الفائتة ليس باطلا ; لأنه إن كانت الفائتة عليه فظاهر وإلا فيقع له نفلا مطلقا ، وأيا ما كان فما أتى به صلاة صحيحة شرعا .

                                                                                                                            ( قوله : وقبل انتصابه ) أي وصوله إلى حد تجزئه فيه القراءة وإن صار إلى القيام أقرب منه إلى القعود وقوله لم يسجد معتمد ( قوله : وكذا قوله : ) أي الإسنوي : أي مردود ( قوله : بعد بلوغ حد الراكعين ) أي من الإمام ( قوله : فيما قاله الإسنوي ) أي فيسجد إن صار إلى القيام أقرب ، وظاهر كلامه اعتماده ، لكن تقدم له في بعض النسخ ما قد يخالفه ( قوله : ثم يسجد للسهو ) قضيته أنه لا بد من الجلوس قبل هويه للسجود ، ويحتمل أن يكفيه نزوله من القيام ساجدا ; لأن التشهد بجلوسه تقدم وجلوسه للسلام يأتي به بعد سجود السهو فلا معنى لتعين جلوسه قبل السجود ( قوله : أو بعده وقد قام سجد ) أي إن تذكر أنه الأول ; لأن قيامه قبل التذكر فعل محتمل للزيادة ، ثم بعد تذكره إن كان الأول وجب استمراره قائما ، وإن كان الأخير وجب الجلوس فورا .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : أو في الرابعة ) أي والصورة أن الشك إنما طرأ عليه في الثالثة كما هو نص المتن ( قوله : مع احتمال أنها خامسة إلخ ) لم يظهر له معنى ; لأن الصورة كذلك فلا معنى لهذه المعية ، وقوله : ثم زال تردده في الرابعة هو عين قول المتن [ ص: 81 ] أو في الرابعة ، وقوله : إنها رابعة إن كان معمولا لتذكر فهو عين قوله إن ما قبلها ثالثة وإلا فما موقعه فليتأمل ( قوله : ومقتضى تعبيرهم بقبل القيام ) أي فيما لو تذكر في الثالثة الذي عبر هو عنه بقوله قبل قيامه للرابعة ( قوله : هنا وفيما مر ) أما كونه صريحا أو كالصريح فيما ذكره هنا فسلم ، وأما كونه كذلك فيما مر فلا لما تقدم في كلامه في بعض النسخ من الفرق بأن عمد القيام هنا وحده مبطل بخلافه فيما مر ، ومراده بما مر ما قدمه عن الإسنوي قبيل [ ص: 82 ] قول المصنف ولو نهض عمدا إلخ




                                                                                                                            الخدمات العلمية