الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            [ ص: 99 ] ( و ) سجد ( المأموم لسجدة إمامه ) فتبطل بسجوده لقراءة غير إمامه مطلقا من نفسه أو غيره ، وشمل ما لو تبين له حدث إمامه عقب قراءته لها ( فإن ) ( سجد إمامه فتخلف ) عنه ( أو انعكس ) الحال بأن سجد هو دون إمامه ( بطلت صلاته ) لوجود المخالفة الفاحشة ، فإن لم يعلم حتى رفع رأسه من السجود انتظره أو قبله هوى ، فإذا رفع رأسه قبل سجوده رفع معه ولا يسجد إلا إن نوى مفارقته ، وهي مفارقة بعذر .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            [ ص: 99 ] قوله : وشمل ما لو تبين له حدث إمامه إلخ ) أي فإنه لا يسجد بل ، وتجب عليه نية المفارقة فورا . وقد سئل العلامة حج عن قول الشخص { سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير } عند ترك السجود لآية السجدة لحدث أو عجز عن السجود كما جرت به العادة عندنا هل يقوم الإتيان بها مقام السجود كما قالوا بذلك في داخل المسجد بغير وضوء أنه يقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر إلخ فإنها تعدل ركعتين كما نقله الشيخ زكريا في شرح الروض عن الإحياء ؟ فأجاب بقوله : إن ذلك لا أصل له ، فلا يقوم مقام السجدة : بل يكره له ذلك إن قصد القراءة ولا يتمسك بها في الإحياء .

                                                                                                                            أما أولا فلأنه لم يرد فيه شيء ، وإنما قال الغزالي : إنه يقال إن ذلك يعدل ركعتين في الفضل . وقال غيره : إن ذلك روي عن بعض السلف ، ومثل هذا لا حجة فيه بفرض صحته فكيف مع عدم صحته . وأما ثانيا فمثل ذلك لو صح عنه صلى الله عليه وسلم لم يكن للقياس فيه مساغ ; لأن قيام لفظ مفضول مقام فعل فاضل محض فضل ، فإذا صح في صورة لم يجز قياس غيرها عليها في ذلك .

                                                                                                                            وأما ثالثا فلأن الألفاظ التي ذكروها في التحية فيها فضائل وخصوصيات لا توجد في غيرها . ا هـ . وهو يقتضي أن سبحان الله والحمد لله إلخ لا يقوم مقام السجود وإن قيل به في التحية لما ذكره ( قوله : فإن لم يعلم ) أي المأموم ، وقوله حتى رفع رأسه : أي الإمام ( قوله : وهي مفارقة بعذر ) المتبادر من هذا أنه إذا قرأ الإمام آية السجدة وسجد ثم قام قبل سجود المأموم معه لعذر أنه إذا فارقه بالنية سجد لقراءة إمامه ، وفيه نظر ; لأنه بنية المفارقة صار منفردا ، وهو لا يسجد لغير قراءة نفسه ، اللهم إلا أن يقال : إن المأموم قرأ آية ثم فارق ، أو يقال : إن قراءة إمامه نزلت منزلة قراءته هو ، ثم رأيت سم على حج صرح بالجواب الثاني حيث قال : فإن قلت المأموم بعد فراقه غايته أنه منفرد والمنفرد لا يسجد لقراءة غيره .

                                                                                                                            قلت : فرق بينهما ; لأن قراءة الإمام تتعلق بالمأموم ولذا يطلب منه الإصغاء لها فتأمله .

                                                                                                                            [ تنبيه ] : إن قيل : لم اختصت هذه الأربع عشرة بالسجود عندها مع ذكر السجود ، والأمر به له صلى الله عليه وسلم في آيات أخر كآخر الحجر وهل أتى ؟ قلنا : لأن تلك فيها مدح الساجدين صريحا وذم غيرهم تلويحا أو عكسه فيشرع لنا السجود حينئذ لغنم المدح تارة والسلامة من الذم أخرى ، وأما ما عداها فليس فيه ذلك بل نحو أمره صلى الله عليه وسلم مجردا عن غيره ، وهذا لا دخل لنا فيه فلم يطلب منا سجود عنه فتأمله سبرا وفهما يتضح لك ذلك .

                                                                                                                            وأما { يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون } فهو ليس مما نحن فيه ; لأنه مجرد ذكر فضل من آمن من أهل الكتاب ا هـ حج ( قوله : من السجود ) أي من عدم قصد وذلك في غير { الم تنزيل } في صبح الجمعة دون غيرها ، وهذه ساقطة [ ص: 100 ] من بعض النسخ .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : وشمل ) أي قوله : لقراءة غير إمامه ( قوله : ما لو تبين له حدث إمامه عقب قراءته لها ) أي فلا يسجد لتبين أنه ليس بإمام له ، وخرج بذلك ما لو بطلت صلاة الإمام عقب قراءة آية السجدة وقبل السجود أو فارقه المأموم حينئذ كما يفهمه قوله : لوجود المخالفة الفاحشة ; لأنا إنما منعنا القراءة بالسجود للمخالفة الفاحشة وقد زالت ، لكن قال الشهاب سم : إنه محل نظر ا هـ .

                                                                                                                            ويدفع النظر بما يأتي في القولة الآتية ( قوله : إلا إن نوى مفارقته ) أي فإن فارقه سجد جوازا بل ندبا كما صرح به الشهاب سم في حواشي التحفة .

                                                                                                                            ووجهه أنه وجد سبب السجود [ ص: 100 ] في حقه حال القدوة فليترتب عليه مسببه ولا يضر في ذلك فعله بعد الانفراد قال الشهاب المذكور : ولا ينافيه قولهم يسجد المأموم لسجود إمامه لا لقراءته ; لأن ذاك مع استمرار القدوة ولأن المنفرد لا يسجد لقراءة الإمام ; لأنه لا علقة بينهما والانفراد هنا عارض .




                                                                                                                            الخدمات العلمية