الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وفي قول ) قديم ( لا يجوز ) إخراج نفسه من الجماعة لالتزامه القدوة في جميع صلاته وفيه إبطال للعمل ، وقد قال تعالى { ولا تبطلوا أعمالكم } ( إلا بعذر ) فتبطل صلاته بدونه ، وضابط العذر كما قاله الإمام ما ( يرخص في ترك الجماعة ) ابتداء ويلحق به ما ذكره المصنف بقوله ( ومن العذر تطويل الإمام ) القراءة أو غيرها كما لا يخفى ، وتعبيرهم بالقراءة جرى على الغالب ، ومحل ذلك حيث لم يصبر المأموم عليه لضعف أو شغل وإن كان خفيفا بأن يذهب خشوعه فيما يظهر ، وظاهر كلامهم عدم الفرق بين محصورين رضوا بالتطويل ولو في مسجد غير مطروق وغيرهم ، وهو ظاهر عند وجود المشقة المذكورة ، ومعلوم أن الرجل الذي قطع القدوة في خبر معاذ المار كان شكا العمل في حرثه الموجب لضعفه عن احتمال التطويل ، فاندفع ما قيل ليس فيها غير مجرد التطويل وهو غير عذر اللهم إلا أن يثبت أنهما شخصان وأن في رواية شكاية مجرد التطويل فيتضح ذلك حينئذ ( أو تركه سنة مقصودة كتشهد ) أول أو قنوت [ ص: 236 ] فله مفارقته ليأتي بتلك السنة .

                                                                                                                            ومحل جواز القطع في غير الجمعة . أما في الركعة الأولى منها فممتنع لما سيأتي أن الجماعة في الركعة الأولى شرط بخلاف الثانية فيجوز الخروج فيها ، ولو ترتب على خروجه من الجماعة تعطيلها وقلنا إنها فرض كفاية اتجه كما قاله بعض المتأخرين عدم الخروج منها ; لأن فرض الكفاية إذا انحصر في شخص تعين عليه وقد تجب المفارقة كأن رأى إمامه متلبسا بما يبطل الصلاة ولو لم يعلم الإمام به كأن رأى على ثوبه نجاسة غير معفو عنها : أي وهي خفية تحت ثوبه وكشفها الريح مثلا أو رأى خفه تخرق .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : يرخص في ترك الجماعة ابتداء ) وقضيته أن ما ألحق هنا بالعذر كالتطويل وترك السنة المقصودة لا يرخص في الترك ابتداء . قال م ر : وهو الظاهر فيدخل في الجماعة ، ثم إذا حصل ذلك فارق إن أراد ا هـ سم على منهج . وفي حاشية شيخ شيخنا الحلبي بعد مثل ما ذكر ، ولا يبعد أن يكون التطويل من المرخص ابتداء حيث علم منه ذلك ا هـ . وعلى هذا لو كان من عادة الإمام التطويل المؤدي لذلك منعه الإمام منه لما فيه من إضرار المقتدين به وتفويت الجماعة عليهم ، ثم ما ذكر من أن المرخص في ترك الجماعة ابتداء يرخص في الخروج منها يقتضي أن من أكل ذا ريح كريه ثم اقتدى بالإمام أنه يجوز له قطع القدوة ولا تفوته فضيلة الجماعة ، والذي ينبغي أن هذا ونحوه إن حصل بخروجهم عن الجماعة دفع ضرر عن الحاضرين أو عن المصلي نفسه كأن حصل له ضرر بشدة حر أو برد وكان يزول بخروجه من الجماعة وتتميمه لنفسه قبل فراغ الجماعة كان ذلك عذرا في حقه وإلا فلا ، إذ لا فائدة لخروجه عن الجماعة إلا مجرد تركها . وقوله ويلحق به : أي في جواز القطع بلا كراهة .

                                                                                                                            ( قوله : كتشهد أول أو قنوت ) قال حج : وكذا سورة ، إذ الذي يظهر في ضبط المقصود أنها ما جبر بسجود السهو أو قوي الخلاف في وجوبها أو وردت الأدلة بعظيم فضلها ا هـ . وينبغي أن مثل ترك السورة [ ص: 236 ] ترك التسبيحات للخلاف في وجوبها ، وأنه ليس مثلها تكبير الانتقالات وجلسة الاستراحة ورفع اليدين عند القيام من التشهد الأول لعدم التفويت فيه على المأموم لأنه يمكنه الإتيان به وإن تركه إمامه ، بخلاف التسبيحات فإن الإتيان بها يؤدى لتأخر المأموم عن إمامه .

                                                                                                                            ( قوله : فله مفارقته ) يشعر بأن الاستمرار معه أفضل .

                                                                                                                            ( قوله : في غير الجمعة ) أي وما ألحق بها مما تجب فيه الجماعة من المعادة والمنذور فعلها جماعة وأولى الثانية من المجموعة تقديما بالمطر بناء على ما نقل عن الشارح من اشتراط الجماعة في الركعة الأولى كلها منها ، أما على ما تقدم عن سم على حج في صلاة المسافر من أنه يكفي لصحة الثانية عقدها مع الإمام وإن فارقه حالا فلا تحرم المفارقة لحصول المقصود بالنية .

                                                                                                                            ( قوله : وقلنا إنها فرض كفاية ) أي وهو الراجح .

                                                                                                                            ( قوله : اتجه كما قاله إلخ ) قد يشكل امتناع المفارقة بما تقدم في قوله : ولا رخصة في تركها من أن العذر يجوز الترك وإن توقف ظهور الشعار على من قام به ، إلا أن يخص ما هنا بما إذا لم يكن عذر .

                                                                                                                            ( قوله : عدم الخروج ) أي عدم جوازه .

                                                                                                                            ( قوله : أي وهي خفية ) أما الظاهرة فالواجب فيها الاستئناف لعدم انعقاد الصلاة كما مر ، لكن يبقى الكلام في كون هذه خفية بناء على ما قدمه من فرض ما في باطن الثوب في ظاهره وفرض البعيد قريبا ( قوله : وكشفها الريح مثلا ) أي فأدركها لكشف الريح وهذا بناء على ما قدمه من أن الظاهرة هي التي لو تأملها أبصرها بأن كانت بظهر الإمام مثلا . أما على ما تقدم من أن مقتضى الضبط بما في الأنوار أن يفرض باطن الثوب ظاهرا ، وما في الثوب السافل أعلى وأن الظاهرة هي العينية وأن الخفية هي الحكمية فقط فهذه من الظاهرة ، وعليه فيجب الاستئناف لا المفارقة



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : ومعلوم أن الرجل إلخ ) عبارة التحفة واستدلالهم بهذه القصة للمفارقة بغير عذر عجيب ، مع ما في الخبر أن الرجل شكا العمل في حرثه الموجب لضعفه عن احتمال التطويل فاندفع ما قيل ليس فيها غير مجرد التطويل وهو غير عذر . نعم إن قلنا بأنهما شخصان وثبت في رواية شكاية مجرد التطويل اتضح ما قالوا




                                                                                                                            الخدمات العلمية