الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وتلزم الشيخ الهرم والزمن إن وجدوا مركبا ) مملوكا أو مؤجرا أو معارا ولو آدميا كما في المجموع وظاهر أن محل ذلك فيمن لم يزر به ركوبه ( ولم يشق الركوب عليهما ) كمشقة المشي في الوحل كما مر في صلاة الجماعة لانتفاء الضرر ، فإن شق عليهما مشقة شديدة لا تحتمل غالبا فلا وإن لم تبح التيمم فيما يظهر ( والأعمى يجد قائدا ) ولو بأجرة مثله ووجدها فاصلة عما يعتبر في الفطرة فيما يظهر أو متبرعا أو مملوكا له ، فإن لم يجده لم يكلف الحضور وإن أحسن المشي بالعصا ، خلافا للقاضي حسين لما فيه من التعرض للضرر .

                                                                                                                            نعم لو كان محل الجمعة قريبا بحيث لا يناله من ذلك ضرر وجب عليه الحضور فيما يظهر لانتفاء العلة كما يؤخذ ذلك من فتاوى الوالد رحمه الله تعالى ، ويمكن حمل كلام القاضي عليه .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : الهرم ) قال حج : هو أقصى الكبر ، والزمانة : الابتلاء والعاهة انتهى . وفي المصباح : هرم هرما من باب تعب فهو هرم كبر وضعف ، وعبر في المنهج بالهم ، وهما متقاربان أو متحدان ، ففي المصباح : الهم بالكسر الشيخ الفاني والأنثى همة ( قوله : إن وجدا مركبا ) بفتح الكاف ( قوله : أو مؤجرا أو معارا ) أي إعارة لا منة فيها بأن تفهت المنفعة جدا فيما يظهر انتهى حج . وقال الإسنوي : قياس ما سبق في ستر العورة أنه لا يجب قبول هبة المركوب انتهى . أقول وهو كذلك ( قوله : أن محل ذلك ) اسم الإشارة راجع لقوله ولو آدميا ( قوله : والأعمى يجد قائدا ) أي في محل يسهل عليه تحصيله منه عادة بلا مشقة ( قوله : عما يعتبر في الفطرة ) قضيته أنه لو كان عليه ديون يجب عليه الحضور ودفع ما زاد على ما يحتاجه في الفطرة للأجرة هنا ، وقياس ما في التيمم من أنه يدفع ثمن الماء للدين ويتيمم خلافه فيعتبر هنا أن تكون الأجرة فاضلة عن دينه وإن قاسه على الفطرة ، لأن قياسه عليها بحسب ما وقع في عباراتهم فهو مجرد تصوير .

                                                                                                                            ( قوله : وجب عليه الحضور فيما يظهر ) ولو حلف لا يصلي خلف زيد فصلى زيد إمام الجمعة سقطت عنه ، قاله م ر ، وفيه احتمالان في الناشري في باب صلاة الجمعة ، وصوره بالحلف بالطلاق أو تعليق العتق فراجع ذلك ، ثم قال م ر : لكن السقوط يشكل بما لو حلف لا ينزع ثوبه فأجنب واحتاج لنزعها في الغسل فإنه يجب النزع ولا حنث لأنه مكره شرعا ، قال : إلا أن يفرق بأن للجمعة بدلا وهو الظهر . أقول : وللغسل بدل وهو التيمم ، إلا أن يقال للجمعة بدل يجوز في الجمعة مع القدرة عليها ، بخلاف الغسل فليحرر ، وأتخيل أن الرملي رجع إلى اعتماد وجوبها ولا حنث لأنه مكره شرعا كمسألة الحلف على نزع الثوب المذكورة فليراجع وليحرر ، ثم رأيته قرر بعد ذلك سقوطها وهو المعتمد انتهى سم على منهج . وقال حج : إن السقوط هو الأقرب . ثم رأيت بهامش نسخة من حاشية شيخنا الزيادي نقلا عنه اعتماد وجوب الصلاة خلفه ، ولا حنث لأنه مكره شرعا . وقوله مع القدرة عليها فيه تأمل ، فإنه إن أراد أنه يجوز مع القدرة لغير المعذورين فممنوع لما يأتي من عدم صحة صلاة غير المعذور قبل فوت الجمعة ، وإن أراد المعذور فليس الكلام فيه ، وقول سم فصلى زيد إمام الجمعة صورة المسألة أنه لم يكن عالما حين الحلف أنه إمام وإلا وجبت عليه ويحنث كما لو حلف أنه لا يصلي الظهر مثلا .




                                                                                                                            الخدمات العلمية