الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            فالمعتمد ما ذكره في المتن ( ولصحتها ) أي الجمعة ( مع شرط ) أي شروط ( غيرها ) من بقية الصلوات ( شروط ) خمسة ( أحدها ) ( وقت الظهر ) بأن تقع كلها فيه لأن الوقت شرط لافتتاحها فكان شرطا لتمامها ، ولأنهما فرضا وقت واحد فلم يختلف وقتهما كصلاة الحضر وصلاة السفر للاتباع في ذلك رواه الشيخان ، وما روياه عن سلمة بن الأكوع من قوله { كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة ثم ننصرف وليس للحيطان ظل يستظل به } محمول على شدة التعجيل بعد الزوال جمعا بين الأخبار ، على أن هذا الخبر إنما ينفي ظلا يستظل به لا أصل الظل ، ولو أمر الإمام بالمبادرة بها فالقياس وجوب الامتثال ، ولو قال : إن كان وقت الجمعة باقيا فجمعة وإن لم يكن فظهر ثم بان بقاؤه فوجهان : أقيسهما الصحة كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى ، لأن الأصل بقاء الوقت ، ولأنه نوى ما في نفس الأمر فهو تصريح بمقتضى الحال ( فلا تقضى ) إذا فاتت ( جمعة ) لأنه لم ينقل بل تقضى ظهرا إجماعا ، [ ص: 296 ] وجمعة في كلامه بالنصب لفساد الرفع ، والفاء هي ما في أكثر النسخ وفي بعضها بالواو ، ورجح بل أفسد الأول بأن عدم القضاء لا يؤخذ من اشتراط وقت الظهر لشموله القضاء في وقت الظهر من يوم آخر ، ولك رده بأن هذا إنما يتأتى على أن المراد بالظهر الأعم من ظهر يومها وغيره ، وليس كذلك بل المراد ظهر يومها كما أفاده السياق ، وحينئذ فالتفريع صحيح كما لا يخفى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            [ ص: 295 ] ( قوله : أي شروط غيرها ) أشار به إلى أنه ليس لغير الجمعة شرط واحد وإلى أن الشرط بمعنى الشروط ، ويمكن الاستغناء عن التأويل المذكور بجعل الإضافة للاستغراق : أي مع كل شرط من شروط غيرها ( قوله : شروط خمسة ) لا ينافيه عددها في المنهج ستة لأنه اعتبر كون العدد أربعين شرطا مستقلا بخلافه هنا ( قوله : بأن تقع كلها فيه ) أي ومعلوم أنه يخرج منها بالتسمية الأولى ، وعليه فلو أتى بها فدخل وقت العصر هل يمتنع عليه الإتيان بالتسليمة الثانية أم لا ؟ فيه نظر ، والأقرب الثاني لأنها تابعة لما وقع في الوقت فليراجع ( قوله : لأن الوقت شرط لافتتاحها ) أي أما غيرها من الصلوات فليس الوقت شرطا لافتتاحها بدليل القضاء خارجه ( قوله : فلم يختلف وقتهما ) فيه رد على من قال بصحة الجمعة قبل الزوال كالإمام أحمد رضي الله عنه ( قوله : ولو أمر الإمام بالمبادرة ) أي أو بتأخيرها انتهى حج ، وكتب عليه سم فيه تأمل ، ولعل وجهه أنه إذا أمر بغير مطلوب لا يجب امتثاله ، ويرد هذا ما صرحوا به في الاستسقاء من وجوب امتثال الإمام فيما أمر به ما لم يكن محرما ، على أنه قد يكون التأخير هنا لمصلحة رآها الإمام ، وقوله بها : أي أو بغيرها من بقية الصلوات ( قوله : فهو تصريح بمقتضى الحال ) قال سم على منهج بعد هذا : وصورة المسألة أنه عند الإحرام يعلم بقاء ما يسعها من الوقت أو يظن ذلك فلا يرد ما عساه يتوهم من أن هذا لا يتصور لأنه إذا شك في بقاء الوقت قبل الإحرام وجب الإحرام بالظهر انتهى . وهذا التصوير هو الملاقي لعبارة الشارح ، وفي حاشية الزيادي ما ينافي هذا التصوير حيث قال : لو شك فنوى الجمعة إن بقي الوقت وإلا فالظهر صحت نيته ولم يضر هذا التعليق ، وهو مناف لمفهوم قول سم : يعلم بقاء ما يسعها من الوقت أو يظن ، فإن مفهومه أنه مع الشك لا تصح نيته ، على أن الزيادي نظر تبعا ل حج في الصحة التي نقل الجزم بها عن غيره ( قوله : فلا تقضى ) [ ص: 296 ] هل سنتها كذلك حتى لو صلى جمعة مجزئة وترك سنتها حتى خرج الوقت لم تقض أولا بل يقضيها وإن لم يقبل فرضها القضاء ؟ فيه نظر فليراجع ا هـ سم على حج . قال الزركشي على المنهاج ما نصه : مسألتان لم أر فيهما نقلا : إحداهما تابعة الجمعة إذا لم يصلها في وقتها حتى خرج الوقت ، والظاهر أنها تقضى : أي سنة جمعة انتهى . ونقل عن العلامة شيخنا الشوبري مثلا ووجهه بأنها تابعة لجمعة صحيحة وداخلة في عموم أن النفل المؤقت يسن قضاؤه ( قوله : وجمعة في كلامه بالنصب ) أي على الحالية ( قوله : لفساد الرفع ) لاقتضائه أن الجمعة إذا فاتت لا تقضى جمعة ولا ظهرا . وعبارة حج بعد قول الشارح الرفع على ما قيل ومر آنفا ما فيه ، ومراده بما مر قوله وبهذا يعلم أن قولهم الآتي بل تقضى ظهرا فيه تجوز ، وأن الرفع في قوله جمعة صحيح لما علم مما تقرر أن الظهر ليست قضاء عنها انتهى



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 295 ] قوله : ; لأن الوقت شرط لافتتاحها فكان شرطا لتمامها ) الغرض هنا إثبات كون الوقت شرطا لافتتاحها ولدوامها ، فقوله : لأن جمعة الوقت شرط لافتتاحها إلزام بما لم يثبت حكمه إلى الآن على أن هذا التعليل لا بد له من تتمة هي محض القياس وسيأتي في كلامه مع تتمة في شرح قول المصنف ولو خرج الوقت وهم فيها وجبت الظهر ومحله ليس إلا هناك ( قوله : ولأنهما فرضا وقت واحد إلخ ) تعليل لأصل المتن مع قطع النظر عما أردفه به من قوله بأن تقع كلها فيه ، لكن هذا التعبير يرجع لتحصيل الحاصل إذ حاصله أن وقتهما متحد فتأمل ( قوله : للاتباع ) كذا في النسخ ولعله سقطت منه واو من النساخ ( قوله : ولو قال إن كان وقت الجمعة باقيا فجمعة إلخ ) لعل الصورة أنه ظان إبقاء الوقت ، وإلا فسيأتي [ ص: 296 ] أنهم لو شكوا فيه وجبت نية الظهر .




                                                                                                                            الخدمات العلمية