الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ثم ) إذا لم يتب ( يضرب عنقه ) بالسيف ولا يجوز قتله بغير ذلك لخبر { إذا قتلتم فأحسنوا القتلة } ( وقيل ) لا يقتل لانتفاء الدليل الواضح على قتله ( بل ينخس بحديدة ) وقيل يضرب بخشبة : أي عصا ( حتى يصلي أو يموت ) إذ المقصود حمله على الصلاة لا قتله ومر رده ( و ) بعد الموت حكمه حكم المسلم الذي لم يترك الصلاة من أنه ( يغسل ) ، ثم يكفن ( ويصلى عليه ) بعد ظهره ( ويدفن مع المسلمين ) في مقابرهم ( ولا يطمس قبره ) كبقية أهل الكبائر من المسلمين ، فإن أبدى عذرا كنسيان ، أو برد أو عدم ماء ، أو نجاسة عليه صحيحة كانت الأعذار في نفس الأمر أم باطلة ، كما لو قال صليت وظننا كذبه لم نقتله لعدم تحقق تعمده تأخيرها عن وقتها من غير عذر ، نعم نأمره بها بعد ذكر العذر وجوبا في العذر الباطل وندبا في الصحيح بأن نقول له صل فإن امتنع لم يقتل لذلك ، فإن قال تعمدت تركها بلا عذر قتل سواء أقال ولا أصليها أم سكت لتحقق جنايته بتعمد التأخير ، قال الغزالي : لو زعم [ ص: 432 ] زاعم أن بينه وبين الله حالة أسقطت عنه الصلاة وأحلت له شرب الخمر وأكل مال السلطان كما زعمه بعض المتصوفة فلا شك في وجوب قتله وإن كان في خلوده في النار نظر وقتل مثله أفضل من قتل مائة كافر ; لأن ضرره أكثر

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ينخس بحديدة ) أي في أي محل كان ، لكن ينبغي أن يتوقى المقاتل ; لأن الغرض حمله على الصلاة بالتعذيب ونخسه في المقاتل قد يفوت ذلك الغرض ( قوله : بتعمد التأخير ) قال سم على منهج : ظاهره وإن لم يكن قد أمر بها عند ضيق الوقت وهو متجه ، ويوجه بأن اشتراط الأمر بها عند الضيق لتحقق جنايته ، وهذا قد تحققت جنايته باعترافه . وجوز م ر أن يقيد هذا بما إذا كان قد أمر ، وفيه نظر فليتأمل . ثم رأيت شيخنا جزم بهذا التقييد في شرح الإرشاد فقال : ومتى قال تعمدت تركها بلا عذر قتل سواء قال لا أصليها أم سكت لتحقق جنايته بتعمد التأخير : أي مع الطلب في الوقت كما علم مما مر ا هـ . والأقرب ما قيد [ ص: 432 ] به حج ( قوله : وأكل مال السلطان ) أي المال الذي يستحق السلطان قبضه وصرفه لمصالح المسلمين يزعم هذا أنه يستحقه ويمنعه عن صرفه في مصارفه ، وظاهر أن الحكم لا يتقيد باستحلال الجميع بل متى استحل شيئا من ذلك كفر [ فائدة ] مراتب الكفر ثلاثة : أحدها الكفر الأصلي وصاحبه متدين به ومفطور عليه . وثانيها الرجوع إليه بعد الإسلام وهو أقبح ولهذا لم يقبل منه إلا الإسلام ، بخلاف الأول حيث كان فيه الجزية والاستقرار والمن والفداء وثالثها السب وهو أقبح الثلاثة فإنه لا يتدين به ، وفيه إزراء بأنبياء الله ورسله وإلقاء الشبهة في القلوب الضعيفة فلذلك كانت جريمته أقبح الجرائم ، ولا تعرض عليه التوبة ، بخلاف القسم الثاني ; لأن في الثاني قد يكون له شبهة فتحل عنه ، والسب لا شبهة فيه ولهذا لم يكن عرض التوبة عليه واجبا ولا مستحبا ، فلا يمتنع الإعراض عنه حتى يقتل تطهيرا للأرض منه ، فإن أسلم أعصم نفسه فهذا ما ظهر لي في سبب الإعراض مع القول بقبول التوبة ، وقريب من هذا أن الكفار الأصليين لا يقاتلون في الأول حتى ينذروا ، فإذا بلغتهم الدعوة والنذارة جازت الإغارة عليهم وسبيهم من غير افتقار إلى الدعاء إلى الإسلام في كل مرة ; لأنه قد بلغتهم وزال عذرهم ، فإن أسلموا عصموا أنفسهم وإنما استثني المرتد بغير السب ; لأن الغالب أن الردة إنما تحصل بشبهة فتزال بالاستتابة ، ولهذا تردد العلماء في توبة الزنديق وتوبة من ولد في الإسلام هل تقبل أو لا ; لأنه لا شبهة لهما ا هـ من السيف المسلول على من سب الرسول للسبكي



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : ومر رده ) كأن مراده أنه مر ما يعلم منه رده وهو خبر { إذا قتلتم فأحسنوا القتلة } وهو تابع في هذه الحالة للشهاب حج ، لكن ذاك صرح أولا برده حيث قال عقب قول المصنف أو كسلا قتل ما نصه : ونخسه بالحديد الآتي ليس من إحسان القتلة في شيء فلم نقل به .




                                                                                                                            الخدمات العلمية