الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            فلو رئيت [ ص: 10 ] عورته منه كأن صلى بمكان عال لم يؤثر ، وستر مضاف لفاعله لدلالة تذكير الضمير في أعلاه وجوانبه وأسفله ولو كان مضافا لمفعوله لقال ستر أعلاها إلخ مؤنثا ( فلو رئيت عورته ) أي المصل ، وإن كان هو الرائي لها كما مر ( من جيبه ) أي طوق قميصه لسعته ( في ركوع أو غيره لم يكف ) الستر بذلك ( فليزره ) بإسكان اللام وكسرها وبضم الراء في الأحسن لتناسب الواو المتولدة لفظا من إشباع ضمة الهاء المقدرة الحذف لخفائها وكأن الواو وليت الراء ، وقيل لا يجب ضمها في الأفصح بل يجوز ; لأن الواو قد يكون قبلها ما لا يناسبها ، ويجوز في دال يشد الضم إتباعا لعينه والفتح للخفة ، قيل والكسر . وقضية كلام الجاربردي كابن الحاجب استواء الأولين ، وقول بعض الشراح إن الفتح أفصح ينازع فيه ; لأن نظرهم إلى إيثار الأخفية أكثر من نظرهم إلى الاتباع ; لأنها أنسب بالفصاحة ، وأليق بالبلاغة ( أو يشد وسطه ) بفتح السين في الأفصح ، ويجوز إسكانها حتى لا ترى عورته منه ، ويكفي ستر ذلك بنحو لحيته ، فإن لم يستره بشيء صح إحرامه ثم عند الركوع إن ستره استمرت الصحة ، وإلا بطلت صلاته عند وجود المنافي ، وفائدته في الاقتداء به وفيما إذا ألقي عليه شيء بعد إحرامه ، والمراد برؤية العورة أن تكون بحيث ترى ، وإن لم تر بالفعل ( وله ستر بعضها ) أي عورته من غير السوأة أو منها بلا مس ناقض ( بيده في الأصح ) لحصول المقصود به ، والثاني لا ; لأن الساتر لا بد أن يكون غير المستور فلا يجوز أن يكون بعضه ورد بمنع ذلك ، والفرق بين ما هنا وعدم حرمة ستر المحرم بيده أن المدار ثم على ما فيه ترفه ولا ترفه في الستر بيده ، وهنا على ما يستر لون البشرة ، وهو حاصل باليد . أما سترها هنا بيد غيره فيكفي قطعا كما في الكفاية وكما لو استتر بقطعة حرير ، وكذا لو جمع المخرق من سترته وأمسكه بيده .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            [ ص: 10 ] ( قوله : بمكان عال ) ليس بقيد ( قوله : مؤنثا ) يمكن جعله مضافا إليه بتقدير مضاف : أي ستر أعلاه : أي المصلي : أي عورته ، وفي حج رحمه الله ما يدل عليه ( قوله : من جيبه ) مفهومه أنها لو رئيت من أسفل ، وإن كان المصلي هو الرائي لها لم يضر ، لكن في حاشية الروض لوالد الشارح ما نصه : في فتاوى النووي الغريبة أن المصلي إذا رأى فرج نفسه في صلاته بطلت فعلى هذا يكون النظر ثم حراما . ا هـ .

                                                                                                                            أي وظاهره أنه لا فرق بين أن يراها من أعلى أو أسفل ( قوله : أي طوق قميصه ) ليس بقيد بل مثله ما لو رئيت عورته من كمه ( قوله : بإسكان اللام وكسرها ) قال الشيخ سعد الدين في شرح التصريف وفتحها ( قوله : وقيل لا يجب ضمها ) لم يظهر له وجه يخالف قوله بضم الراء في الأحسن ; لأن مقتضى كون الضم الأحسن جواز تركه ، إلا أن يقال أراد بالأحسن الواجب ( قوله : ينازع ) بكسر الزاي فيه : أي في كلام الجاربردي : أي القائل باستواء الأمرين ( قوله : وأليق ) في نسخة وألصق ، ولها وجه ; لأن معناها أمس وأدخل في البلاغة ( قوله : وفائدته في الاقتداء ) أي تظهر في صحة الاقتداء به ( قوله : وله ستر بعضها ) بل عليه إذا كان في ساتر عورته خرق لم يجد ما يسده غير يده كما هو ظاهر . ا هـ حج .

                                                                                                                            ( قوله : فيكفي قطعا ) أي ، وإن حرم كما مر ( قوله : وأمسكه بيده ) والوجه كما قاله م ر أنه إذا احتاج لوضع يده للسجود عليها وضعها وترك الستر بها ; لأن السجود آكد ; لأنه عهد جواز الصلاة عاريا من غير بدل بخلاف السجود ا هـ سم على منهج . وقد يتوقف [ ص: 11 ] فيما ذكر بأنه إن أريد أن الصلاة تجوز مع العري عند العجز عن السترة ، فكذلك السجود يجوز بدون وضع اليد عند العجز ، وإن أريد أنه عهد الصلاة مع العري للقادر ففي أي محل ذلك ، على أن الرافعي جرى على أنه لا يجب وضع اليدين والركبتين وأطراف القدمين كما مر ولم يقل أحد بعدم وجوب الستر مع القدرة ، ومن ثم جرى الشهاب البلقيني على مراعاة السترة ولعله الأقرب ، واستوجه حج التخيير ، ووقع السؤال في الدرس عما لو تعارض عليه القيام والستر هل يقدم الأول أو الثاني ؟ فيه نظر .

                                                                                                                            والجواب عنه أن الظاهر مراعاة الستر ، ونقل عن فتاوى الشارح ذلك فراجعه ، وهو موافق لما قدمه الشارح من أنه إذا تعارض القيام والاستقبال قدم الاستقبال ، قال : لأنه لم يسقط في الصلاة بحال مع القدرة عليه ، بخلاف القيام فإنه يسقط في النافلة مع القدرة ، وهذا مثله فإن الستر لا يسقط مع القدرة بحال بخلاف القيام ، وقول سم : وضعها وترك الستر : أي وعليه فهل له الإتيان بالأكمل في سجوده ، ويغتفر له كشف العورة حينئذ أم يجب عليه الاقتصار على قدر الطمأنينة ; لأن الضرورة تتقدر بقدرها ولا ضرورة لكشفها زيادة على ما يصحح صلاته ؟ فيه نظر ، وظاهر قول الشارح السابق ، فإن عجز عن ذلك صلى عاريا وأتم ركوعه وسجوده الأول ، وهو ظاهر .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 10 ] قوله : في الأحسن ) عبارة الشهاب حج : يجب في يزر ضم الراء على الأفصح ، ثم قابله بقول الشارح الآتي وقيل لا يجب ضمها في الأفصح ( قوله : المقدرة الحذف ) يعني التي هي كالمحذوفة لخفائها ; لأنها من الحروف المهموسة فلم تعد فاصلا ( قوله : ينازع فيه ) ببناء ينازع للفاعل ورجوع ضمير فيه لكلام الجاربردي وابن الحاجب ( قوله : وكما لو استتر بقطعة حرير ) لم يتقدم في كلامه ما يصح عطفه عليه ، ولعل في العبارة سقطا ، وعبارة الشهاب حج [ ص: 11 ] ويكفي بيد غيره قطعا وإن حرم كما لو سترها بحرير .




                                                                                                                            الخدمات العلمية