الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولو ) ( غسل ) بعض شيء متنجس كأن غسل ( نصف ) ثوب ( نجس ثم ) غسل ( باقيه ) ( فالأصح أنه إن غسل مع باقيه مجاوره ) مما غسل أولا ( طهر كله ، وإلا ) بأن لم يغسل معه مجاوره ( فغير المنتصف ) بفتح الصاد يطهر فقط ، وهو طرفاه ويبقى المنتصف نجسا حيث كانت النجاسة محققة فيغسله وحده ; لأنه رطب لاقى نجسا ، ولو تنجس بعض ثوبه وجهل محل النجاسة اجتنبه ; لأنا تيقنا نجاسته ولم نتيقن طهارته . ولا يرد عليه أنه لو لاقى بعضه رطبا لا ينجسه عملا بالأصل إذ لا تنجس بالشك ، ومقابل الأصح لا يطهر مطلقا حتى يغسله دفعة واحدة ; لأن الرطوبة تسري . ورد بأن نجاسة المجاور لا تتعدى لما بعده كالسمن الجامد ينجس ما حول النجاسة فقط ، ثم محل ما ذكره المصنف هنا كما في الروضة والتحقيق حيث غسله بالصب عليه في غير إناء ، فإن غسله في إناء من نحو جفنة بأن وضع نصفه ثم صب عليه ما يغمره لم يطهر حتى يغسل دفعة كما هو الأصح في المجموع ، إذ كلامه مقيد للأول ; لأن ما في نحو الجفنة ملاق له الثوب المتنجس ، وهو وارد على ماء قليل فينجسه وحيث تنجس الماء لم يطهر الثوب ، وهذا هو المعتمد المعول عليه خلافا للشيخ رحمه الله تعالى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : حيث كانت النجاسة محققة ) أفهم أنه لو تنجس بعض الثوب واشتبه فغسل نصفه ثم باقيه طهر كله ، وإن لم يغسل المنتصف لعدم تحقق نجاسة مجاور المغسول ( قوله : إذ لا ننجس بالشك ) قال في شرح الروض بعد ما ذكر : ويفارق ما لو صلى عليه حيث لا تصح صلاته ، وإن احتمل أن المحل الذي صلى عليه طاهر بأن الشك في النجاسة مبطل الصلاة دون الطهارة انتهى . أقول : وقضيته أنه لو وقف عليه في أثناء الصلاة أو مسه فيها بطلت أيضا . وقد يوجه بأنه لما أعطى حكم المتنجس جميعه وجب اجتنابه في الصلاة ، وإن لم يتنجس ما مسه ، ولا يلزم من الاجتناب التنجس كما في النجس الجاف ، إلا أن ذلك مشكل بصحة الصلاة بعد مسه كما هو قضية كلامهم أنه لا ينجس ما مسه ، وحينئذ فينبغي أن يفرق بأن الشك في الصلاة عليه أقوى منه في الصلاة مع مسه قبلها أو في أثنائها مع مفارقته وفيه ما فيه . وأما الوقوف عليه في أثنائها مع الاستمرار فموضع نظر ، والمتجه معنى أنه حيث أحرم خارجه ثم مسه أو أكمل الصلاة عليه صحتها للشك في المبطل بعد الانعقاد . ( قوله : لأن ما في نحو الجفنة ) يؤخذ من هذا التعليل أنه لو صب الماء على موضع من الثوب مرتفع عن الإناء وانحدر عنه الماء حتى اجتمع في الجفنة ، ولم يصل الماء إلى ما فوق المغسول من الثوب طهر ، وقد نقل ذلك سم عن الشارح في حاشية شرح المنهج ( قوله : خلافا للشيخ ) أي في شرح الروض حيث قال بعد قول المتن : ولو غسل نصفه أو نصف ثوب نجس ثم النصف الثاني بما جاوره طهر ما نصه سواء غسله بصب الماء عليه في غير جفنة أم فيها . وما وقع في المجموع من تقييده بالأول مردود كما بينته في [ ص: 20 ] شرح البهجة .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 19 ] ( قوله : حيث كانت النجاسة محققة ) أي في محل المنتصف ، وخرج به ما إذا جهلت فلا يكون المنتصف نجسا لكنه يجتنب .

                                                                                                                            وعبارة الروضة : وإن اقتصر على النصفين فقط طهر الطرفان وبقي المنتصف نجسا في صورة اليقين ومجتنبا في الصورة الأولى : يعني صورة الاشتباه ، فما في حاشية الشيخ مما يخالف هذا ليس في محله .




                                                                                                                            الخدمات العلمية