الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( أو لم ينو في رمضان كله صوما ولا فطرا ) مع الإمساك لشبهة خلاف زفر ( أو أصبح غير ناو للصوم فأكل عمدا ) ولو بعد النية قبل الزوال لشبهة خلاف الشافعي : ومفاده أن الصوم بمطلق النية كذلك .

التالي السابق


( قوله : مع الإمساك ) قيد به ليغاير المسألة التي بعده ( قوله : لشبهة خلاف زفر ) فإن الصوم عنده يتأدى من الصحيح المقيم بمجرد الإمساك ، ولو بلا نية حتى لو أفطر متعمدا لزمته الكفارة عنده كما صرح به في البدائع ، وأما عندنا فلا بد من النية ; لأن الواجب الإمساك بجهة العبادة ، ولا عبادة بدون نية فلو أمسك بدونها لا يكون صائما ويلزمه القضاء دون الكفارة .

أما لزوم القضاء فلعدم تحقق الصوم لفقد شرطه ، وأما عدم الكفارة فلأنه عند زفر صائم لم يوجد منه ما يفطر فتسقط عنه الكفارة لشبهة الخلاف وإن كان عندنا يسمى مفطرا شرعا والأولى التعليل بعدم تحقق الصوم ; لأن الكفارة إنما تجب على من أفسد صومه والصوم هنا معدوم وإفساد المعدوم مستحيل ، وإنما يحسن التمسك للشبهة بعد تحقق الأصل كما في المسألة الآتية بل الأولى عدم التعرض للكفارة أصلا ولذا اقتصر في الكنز وغيره على بيان وجوب القضاء كالإغماء والجنون الغير الممتد .

هذا وقد استشكل بعض شراح الهداية وجوب القضاء هنا بأن المغمى عليه لا يقضي اليوم الذي حدث الإغماء في ليلته لوجود النية منه ظاهرا فلا بد من التقييد هنا بأن يكون مريضا أو مسافرا لا ينوي شيئا أو متهتكا اعتاد الأكل في رمضان فلم يكن حاله دليلا على عزيمة الصوم ورده في الفتح بأنه تكلف مستغنى عنه ; لأن الكلام عند عدم النية ابتداء لا بأمر يوجب النسيان ولا شك أنه أدرى بحاله بخلاف من أغمي عليه فإن الإغماء قد يوجب نسيانه حال نفسه بعد الإفاقة فبنى الأمر فيه على الظاهر من حاله وهو وجود النية ( قوله : قبل الزوال ) هذا عند أبي حنيفة وعندهما كذلك إن أكل بعد الزوال وإن كان قبل الزوال تجب الكفارة ; لأنه فوت إمكان التحصيل فصار كغاصب الغاصب بحر أي ; لأنه قبل الزوال كان يمكنه إنشاء النية وقد فوته بالأكل بخلاف ما بعد الزوال والأول ظاهر الرواية كما في البدائع ثم المراد بالزوال نصف النهار الشرعي وهو الضحوة الكبرى أو هو على القول الضعيف من اعتبار الزوال كما مر بيانه ( قوله : لشبهة خلاف الشافعي ) فإن الصوم لا يصح عنده بنية النهار كما لا يصح بمطلق النية ا هـ ح .

وهذا تعليل لوجوب القضاء دون الكفارة إذا أكل بعد النية أما لو أكل قبلها فالكلام فيه ما علمته في المسألة المارة ( قوله : ومفاده إلخ ) نقله في البحر عن الظهيرية بلفظ ينبغي أن لا تلزمه الكفارة لمكان الشبهة ومثل ما ذكر إذا نوى نية مخالفة فيما يظهر ط .




الخدمات العلمية