الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) وطؤها ( يكفر مستحله ) كما جزم به غير واحد ، وكذا مستحل وطء الدبر عند الجمهور مجتب ( وقيل لا ) يكفر في المسألتين ، وهو الصحيح خلاصة ( وعليه المعول ) ; لأنه حرام لغيره ولما يجيء في المرتد أنه لا يفتى بتكفير مسلم كان في كفره خلاف ، ولو رواية ضعيفة ، ثم هو كبيرة لو عامدا مختارا عالما بالحرمة لا جاهلا أو مكرها أو ناسيا فتلزمه التوبة ; [ ص: 298 ] ويندب تصدقه بدينار أو نصفه . ومصرفه كزكاة وهل على المرأة تصدق ؟ قال في الضياء : الظاهر لا .

التالي السابق


( قوله ووطؤها ) أي الحائض قال في الشرنبلالية : ولم أر حكم وطء النفساء من حيث التكفير ، أما الحرمة فمصرح بها . ا هـ .

واعترضه الشارح في هامش الخزائن بقوله وأقول : قد قدم قبل ذلك أن النفساء كالحائض في الأحكام وقال في الجوهرة والسراج الوهاج والضياء المعنوي وغيرها : وحكم النفاس حكم الحيض في كل شيء إلا فيما استثني .

وهذا صريح في إفادة هذا الحكم لهذه المسألة ; لأنها ليست مما استثني كما لا يخفى على المتتبع فتنبه . ا هـ . أقول : والمستثنيات سبع ستأتي ( قوله كما جزم به غير واحد ) أي جماعة ذوو عدد منهم صاحب المبسوط والاختيار والبدائع كما في البحر ( قوله وكذا مستحل وطء الدبر ) أي دبر الحليلة ، أما دبر الغلام فالظاهر عدم جريان الخلاف في التكفير وإن كان التعليل الآتي يظهر فيه ط : أي قوله ; لأنه حرام لغيره .

أقول : وسيأتي في كتاب الإكراه أن اللواطة أشد حرمة من الزنا ; لأنها لم تبح بطريق ما لكون قبحها عقليا ، ولذا لا تكون في الجنة على الصحيح . ا هـ ( قوله خلاصة ) لم يذكر في البحر عن الخلاصة مسألة وطء الدبر ( قوله فلعله يفيد التوفيق ) أي بحمل القول بكفره على استحلال اللواطة بغير المذكورين والقول بعدمه عليهم ( قوله ; لأنه حرام لغيره ) أي حرمته لا لعينه ، بل لأمر راجع إلى شيء خارج عنه وهو الإيذاء .

قال في البحر عن الخلاصة : من اعتقد الحرام حلالا أو على القلب يكفر إذا كان حراما لعينه وثبتت حرمته بدليل قطعي . أما إذا كان حراما لغيره بدليل قطعي أو حراما لعينه بإخبار الآحاد لا يكفر إذا اعتقده حلالا . ا هـ ومثله في شرح العقائد النسفية ( قوله ثم هو ) أي وطء الحائض ( قوله لا جاهلا إلخ ) هو على سبيل اللف والنشر المشوش . والظاهر أن الجهل إنما ينفي كونه كبيرة لا أصل الحرمة إذ لا عذر بالجهل بالأحكام في دار الإسلام ، أفاده ط [ ص: 298 ] قوله ويندب إلخ ) لما رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي عن ابن عباس مرفوعا { في الذي يأتي امرأته وهي حائض ، قال : يتصدق بدينار أو نصف دينار } ثم قيل إن كان الوطء في أول الحيض فبدينار أو آخره فبنصفه ، وقيل بدينار لو الدم أسود وبنصفه لو أصفر . قال في البحر : ويدل له ما رواه أبو داود والحاكم وصححه { إذا واقع الرجل أهله وهي حائض ، إن كان دما أحمر فليتصدق بدينار ، وإن كان أصفر فليتصدق بنصف دينار } . ا هـ ( قوله قال في الضياء إلخ ) أي الضياء المعنوي شرح مقدمة الغزنوي ، وأصل البحث للحدادي في السراج ، ويؤيده ظاهر الأحاديث . وظاهرها أيضا أنه لا فرق بين كونه جاهلا بحيضها أو لا .

[ تتمة ] تثبت الحرمة بإخبارها وإن كذبها فتح وبركوي . وحرر في البحر أن هذا إذا كانت عفيفة أو غلب على الظن صدقها أما لو فاسقة ولم يغلب صدقها ; بأن كانت في غير أوان حيضها لا يقبل قولها اتفاقا .




الخدمات العلمية