( وكره ) تحريما ، وكل ما لا يجوز مكروه مطلقا ( ولو ) قضاء أو واجبة أو نفلا أو ( على جنازة وسجدة تلاوة [ ص: 371 ] وسهو ) لا شكر قنية ( مع شروق ) إلا العوام فلا يمنعون من فعلها ; لأنهم يتركونها ، والأداء الجائز عند البعض أولى من الترك كما في القنية وغيرها ( واستواء ) إلا يوم الجمعة على قول الثاني [ ص: 372 ] المصحح المعتمد ، كذا في الأشباه . ( صلاة )
ونقل الحلبي عن الحاوي أن عليه الفتوى ( وغروب ، إلا عصر يومه ) فلا يكره فعله لأدائه كما وجب [ ص: 373 ] بخلاف الفجر ، والأحاديث تعارضت فتساقطت كما بسطه صدر الشريعة .
كتاب الصلاة
التالي
السابق
( قوله : وكره إلخ ) أورد أن بعض الصلوات لا تنعقد في هذه الأوقات فلا يناسبه التعبير بالكراهة . وأجاب عنه في شرح المنية تبعا للفتح بجوابين ، حيث قال : استعمل الكراهة هنا بالمعنى اللغوي فيشمل عدم الجواز وغيره مما هو مطلوب العدم ، أو هو بالمعنى العرفي والمراد كراهة التحريم لما عرف من أن النهي الظني الثبوت غير المصروف عن مقتضاه يفيد كراهة التحريم . وإن كان قطعي الثبوت فالتحريم وهو في مقابلة الفرض في الرتبة وكراهة التحريم في رتبة الواجب والتنزيه في رتبة المندوب ، والنهي الوارد هنا من الأول فكان الثابت به كراهة التحريم ، وهي إن كانت لنقصان في الوقت منعت الصحة فيما سببه كامل وإلا أفادت الصحة مع الإساءة ا هـ وقد أشار الشارح إلى الجوابين مقدما الثاني منهما على الأول .
( قوله : مطلقا ) فسره بما بعده .
( قوله : أو على جنازة ) أي إذا حضرت في ذلك الوقت وكذا قوله وسجدة تلاوة أي إذا تليت فيه وإلا فلا كراهة كما سيذكره الشارح .
( قوله : وسجدة تلاوة ) منصوب [ ص: 371 ] عطفا على الجار والمجرور الذي هو خبر كان المقدرة ح . والأحسن رفعه عطفا على صلاة نائب فاعل كره ليكون مقابلا للصلاة ; لأن سجدة التلاوة ليست صلاة حقيقية فافهم .
( قوله : وسهو ) حتى لو سها في صلاة الصبح أو في قضاء فائتة بعد العصر فطلعت الشمس أو احمرت عقب السلام سقط عنه سجود السهو ; لأنه لجبر النقصان المتمكن في الصلاة فجرى مجرى القضاء وقد وجب كاملا فلا يتأدى في ناقص حلية .
( قوله : لا شكر قنية ) هذا مذكور في غير محله . والمناسب ذكره عقب قوله الآتي وسجدة تلاوة ; لأن عبارة القنية يكره أن ولا يكره في غيره . ا هـ . وفي النهر أن سجدة الشكر لنعمة سابقة ينبغي أن تصح أخذا من قولهم ; لأنها وجبت كاملة وهذه لم تجب ا هـ فتحصل من كلام النهر مع كلام القنية أنها تصح مع الكراهة : أي لأنها في حكم النافلة ، ثم قال في النهر عن المعراج : وأما ما يفعل عقب الصلاة من السجدة فمكروه إجماعا ; لأن العوام يعتقدون أنها واجبة أو سنة ا هـ أي يسجد شكرا بعد الصلاة في الوقت الذي يكره فيه النفل ذلك كره . وكل جائز أدى إلى اعتقاده
( قوله : مع شروق ) وما دامت العين لا تحار فيها في حكم الشروق كما تقدم في الغروب أنه لا يصح كما في البحر ح . أقول : ينبغي تصحيح ما نقلوه عن الأصل من أنه ما لم ترتفع الشمس قدر رمح فهي في حكم الطلوع ; لأن أصحاب المتون مشوا عليه في صلاة العيد حيث جعلوا أول أوقاتها من الارتفاع ولذا جزم به هنا في الفيض ونور الإيضاح . للإمام محمد
( قوله : فلا يمنعون من فعلها ) أفاد أن المستثنى المنع لا الحكم بعد الصحة عندنا فالاستثناء منقطع والضمير للصلاة والمراد بها صلاة الصبح .
( قوله : عند البعض ) أي بعض المجتهدين هنا . كالإمام الشافعي
( قوله : كما في القنية وغيرها ) وعزاه صاحب المصفى إلى الإمام حميد الدين عن شيخه الإمام المحبوبي وإلى شمس الأئمة الحلواني ، وعزاه في القنية إلى الحلواني والنسفي فسقط ما قيل إن صاحب القنية بناه على مذهب المعتزلة من أن العامي له الخيار من كل مذهب ما يهواه . والصحيح عندنا أن الحق واحد ، وأن تتبع الرخص فسق . ا هـ .
( قوله : واستواء ) التعبير به أولى من التعبير بوقت الزوال ; لأن وقت الزوال لا تكره فيه الصلاة إجماعا بحر عن الحلية : أي لأنه يدخل به وقت الظهر كما مر . وفي شرح النقاية للبرجندي : وقد وقع في عبارات الفقهاء أن الوقت المكروه هو عند انتصاف النهار إلى أن تزول الشمس ولا يخفى أن زوال الشمس إنما هو عقيب انتصاف النهار بلا فصل ، وفي هذا القدر من الزمان لا يمكن أداء صلاة فيه ، فلعل أنه لا تجوز الصلاة بحيث يقع جزء منها في هذا الزمان ، أو المراد بالنهار هو النهار الشرعي وهو من أول طلوع الصبح إلى غروب الشمس ، وعلى هذا يكون نصف النهار قبل الزوال بزمان يعتد به . ا هـ . إسماعيل ونوح وحموي .
وفي القنية : واختلف في وقت الكراهة عند الزوال ، فقيل من نصف النهار إلى الزوال لرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم ( { أبي سعيد } ) قال أنه نهى عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس ركن الدين الصباغي : وما أحسن هذا ; لأن النهي عن الصلاة فيه يعتمد تصورها فيه ا هـ وعزا في القهستاني القول بأن المراد انتصاف النهار العرفي إلى أئمة ما رواه النهر ، وبأن المراد انتصاف النهار الشرعي وهو الضحوة الكبرى إلى الزوال إلى أئمة جوارزم .
( قوله : إلا يوم الجمعة ) لما رواه في مسنده " { الشافعي } " [ ص: 372 ] قال نهي عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة الحافظ ابن حجر : في إسناده انقطاع ، وذكر له شواهد ضعيفة إذا ضمت قوي . ا هـ . البيهقي
( قوله : المصحح المعتمد ) اعترض بأن المتون والشروح على خلافه .
( قوله : ونقل الحلبي ) أي صاحب الحلية العلامة المحقق ابن أمير حاج عن الحاوي : أي الحاوي القدسي كما رأيته فيه ، لكن شراح الهداية انتصروا لقول . وأجابوا عن الحديث المذكور بأحاديث النهي عن الصلاة وقت الاستواء فإنها محرمة . وأجاب في الفتح بحمل المطلق على المقيد ، وظاهره ترجيح قول الإمام ، ووافقه في الحلية كما في البحر ، لكن لم يعول عليه في شرح المنية والإمداد ، على أن هذا ليس من المواضع التي يحمل فيها المطلق على المقيد كما يعلم من كتب الأصول ، وأيضا فإن حديث النهي صحيح رواه أبي يوسف وغيره فيقدم بصحته ، واتفاق الأئمة على العمل به وكونه حاظرا ، ولذا منع علماؤنا عن سنة الوضوء وتحية المسجد وركعتي الطواف ونحو ذلك ، فإن الحاظر مقدم على المبيح . مسلم
[ تنبيه ] علم مما قررناه المنع عندنا وإن لم أره مما ذكره الشافعية من إباحة الصلاة في الأوقات المكروهة في حرم مكة استدلالا بالحديث الصحيح ( { بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار } ) فهو مقيد عندنا بغير أوقات الكراهة ، لما علمته من منع علمائنا عن ركعتي الطواف فيها وإن جوزوا نفس الطواف فيها خلافا يا كما صرح به في شرحه اللباب ، والله أعلم . ثم رأيت المسألة عندنا قال في الضياء ما نصه : وقد قال أصحابنا : إن الصلاة في هذه الأوقات ممنوع منها لمالك بمكة وغيرها ا هـ . ورأيت في البدائع أيضا ما نصه : ما ورد من النهي إلا بمكة شاذ لا يقبل في معارضه المشهور ، وكذا رواية استثناء يوم الجمعة غريب فلا يجوز تخصيص المشهور به ا هـ ولله الحمد .
( قوله : وغروب ) أراد به التغير كما صرح به في الخانية حيث قال عند احمرار الشمس إلى أن تغيب بحر و قهستاني .
( قوله : إلا عصر يومه ) قيد به ; لأن عصر أمسه لا يجوز وقت التغير لثبوته في الذمة كاملا ، لاستناد السببية فيه إلى جميع الوقت كما مر .
( قوله : فلا يكره فعله ) لأنه لا يستقيم إثبات الكراهة للشيء مع الأمر به ، وقيل الأداء أيضا مكروه . ا هـ . كافي النسفي .
والحاصل أنهم اختلفوا في الكراهة في التأخير فقط دون الأداء أو فيهما ، فقيل بالأول ونسبه في المحيط والإيضاح إلى مشايخنا ، وقيل بالثاني وعليه مشى في شرح والتحفة والبدائع والحاوي وغيرها على أنه المذهب بلا حكاية خلاف ، وهو الأوجه لحديث الطحاوي وغيره عن مسلم رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { أنس } ا هـ حلية ، وتبعه في البحر . تلك صلاة المنافق ، يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام ينقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا
ولا يخفى أن كلام الشارح ماش على الأول لا الثاني ، فافهم ، قال في القنية : ويستوفي سنة القراءة ; لأن الكراهة في التأخير لا في الوقت . ا هـ .
( قوله : لأدائه كما وجب ) لأن السبب هو الجزء الذي يتصل به الأداء ، وهو هنا ناقص فقد وجب ناقصا فيؤدى كذلك . وأما عصر أمسه فقد وجب كاملا ; لأن السبب فيه جميع الوقت حيث لم يحصل الأداء في جزء منه ، لكن الصحيح الذي عليه المحققون أنه لا نقصان في ذلك الجزء نفسه بل في الأداء فيه لما فيه من التشبه بعبدة الشمس ، ولما كان الأداء واجبا فيه تحمل ذلك النقصان ، أما إذا لم يؤد فيه والحال أنه لا نقص في الوقت أصلا وجب الكامل ، ولهذا كان الصحيح وجوب القضاء في كامل على من بلغ وأسلم في ناقص ولم يصل فيه كما تقدم .
والحاصل كما في الفتح أن معنى نقصان الوقت نقصان ما اتصل به فعل الأركان المستلزم للتشبه بالكفار ، [ ص: 373 ] فالوقت لا نقص فيه ، بل هو كغيره من الأوقات إنما النقص في الأركان فلا يتأدى بها ما وجب كاملا ، وهذا أيضا مؤيد للقول بأن الكراهة في التأخير والأداء خلاف ما مشى عليه الشارح ، وما ذكره في النهر بحثا لبعض الطلبة مذكور مع جوابه في شرح المنية وغيره ، وأوضحناه فيما علقناه على البحر .
( قوله : بخلاف الفجر إلخ ) أي فإنه لا يؤدي فجر يومه وقت الطلوع ; لأن وقت الفجر كله كامل فوجبت كاملة ، فتبطل بطرو الطلوع الذي هو وقت فساد .
قال في البحر : فإن قيل : روى الجماعة عن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أبي هريرة } " أجيب بأن التعارض لما وقع بينه وبين النهي عن الصلاة في الأوقات الثلاثة رجعنا إلى القياس كما هو حكم التعارض ، فرجحنا حكم هذا الحديث في صلاة العصر وحكم النهي في صلاة الفجر ، كذا في شرح النقاية . ا هـ . من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها ، ومن أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح
على أن قال : إن الحديث منسوخ بالنصوص الناهية ، وادعى أن العصر يبطل أيضا كالفجر وإلا لزم العمل ببعض الحديث وترك بعضه بمجرد قولنا طرأ ناقص على كامل في الفجر ، بخلاف عصر يومه مع أن النقص قارن العصر ابتداء والفجر بقاء فيبطل فيهما . وأجاب في البرهان بأن هذا الوقت سبب لوجوب العصر حتى يجب على من أسلم أو بلغ فيه ويستحيل أن يكون سببا للوجوب ولا يصح الأداء فيه ، وتمامه في حاشية الإمام الطحاوي نوح
( قوله : مطلقا ) فسره بما بعده .
( قوله : أو على جنازة ) أي إذا حضرت في ذلك الوقت وكذا قوله وسجدة تلاوة أي إذا تليت فيه وإلا فلا كراهة كما سيذكره الشارح .
( قوله : وسجدة تلاوة ) منصوب [ ص: 371 ] عطفا على الجار والمجرور الذي هو خبر كان المقدرة ح . والأحسن رفعه عطفا على صلاة نائب فاعل كره ليكون مقابلا للصلاة ; لأن سجدة التلاوة ليست صلاة حقيقية فافهم .
( قوله : وسهو ) حتى لو سها في صلاة الصبح أو في قضاء فائتة بعد العصر فطلعت الشمس أو احمرت عقب السلام سقط عنه سجود السهو ; لأنه لجبر النقصان المتمكن في الصلاة فجرى مجرى القضاء وقد وجب كاملا فلا يتأدى في ناقص حلية .
( قوله : لا شكر قنية ) هذا مذكور في غير محله . والمناسب ذكره عقب قوله الآتي وسجدة تلاوة ; لأن عبارة القنية يكره أن ولا يكره في غيره . ا هـ . وفي النهر أن سجدة الشكر لنعمة سابقة ينبغي أن تصح أخذا من قولهم ; لأنها وجبت كاملة وهذه لم تجب ا هـ فتحصل من كلام النهر مع كلام القنية أنها تصح مع الكراهة : أي لأنها في حكم النافلة ، ثم قال في النهر عن المعراج : وأما ما يفعل عقب الصلاة من السجدة فمكروه إجماعا ; لأن العوام يعتقدون أنها واجبة أو سنة ا هـ أي يسجد شكرا بعد الصلاة في الوقت الذي يكره فيه النفل ذلك كره . وكل جائز أدى إلى اعتقاده
( قوله : مع شروق ) وما دامت العين لا تحار فيها في حكم الشروق كما تقدم في الغروب أنه لا يصح كما في البحر ح . أقول : ينبغي تصحيح ما نقلوه عن الأصل من أنه ما لم ترتفع الشمس قدر رمح فهي في حكم الطلوع ; لأن أصحاب المتون مشوا عليه في صلاة العيد حيث جعلوا أول أوقاتها من الارتفاع ولذا جزم به هنا في الفيض ونور الإيضاح . للإمام محمد
( قوله : فلا يمنعون من فعلها ) أفاد أن المستثنى المنع لا الحكم بعد الصحة عندنا فالاستثناء منقطع والضمير للصلاة والمراد بها صلاة الصبح .
( قوله : عند البعض ) أي بعض المجتهدين هنا . كالإمام الشافعي
( قوله : كما في القنية وغيرها ) وعزاه صاحب المصفى إلى الإمام حميد الدين عن شيخه الإمام المحبوبي وإلى شمس الأئمة الحلواني ، وعزاه في القنية إلى الحلواني والنسفي فسقط ما قيل إن صاحب القنية بناه على مذهب المعتزلة من أن العامي له الخيار من كل مذهب ما يهواه . والصحيح عندنا أن الحق واحد ، وأن تتبع الرخص فسق . ا هـ .
( قوله : واستواء ) التعبير به أولى من التعبير بوقت الزوال ; لأن وقت الزوال لا تكره فيه الصلاة إجماعا بحر عن الحلية : أي لأنه يدخل به وقت الظهر كما مر . وفي شرح النقاية للبرجندي : وقد وقع في عبارات الفقهاء أن الوقت المكروه هو عند انتصاف النهار إلى أن تزول الشمس ولا يخفى أن زوال الشمس إنما هو عقيب انتصاف النهار بلا فصل ، وفي هذا القدر من الزمان لا يمكن أداء صلاة فيه ، فلعل أنه لا تجوز الصلاة بحيث يقع جزء منها في هذا الزمان ، أو المراد بالنهار هو النهار الشرعي وهو من أول طلوع الصبح إلى غروب الشمس ، وعلى هذا يكون نصف النهار قبل الزوال بزمان يعتد به . ا هـ . إسماعيل ونوح وحموي .
وفي القنية : واختلف في وقت الكراهة عند الزوال ، فقيل من نصف النهار إلى الزوال لرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم ( { أبي سعيد } ) قال أنه نهى عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس ركن الدين الصباغي : وما أحسن هذا ; لأن النهي عن الصلاة فيه يعتمد تصورها فيه ا هـ وعزا في القهستاني القول بأن المراد انتصاف النهار العرفي إلى أئمة ما رواه النهر ، وبأن المراد انتصاف النهار الشرعي وهو الضحوة الكبرى إلى الزوال إلى أئمة جوارزم .
( قوله : إلا يوم الجمعة ) لما رواه في مسنده " { الشافعي } " [ ص: 372 ] قال نهي عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة الحافظ ابن حجر : في إسناده انقطاع ، وذكر له شواهد ضعيفة إذا ضمت قوي . ا هـ . البيهقي
( قوله : المصحح المعتمد ) اعترض بأن المتون والشروح على خلافه .
( قوله : ونقل الحلبي ) أي صاحب الحلية العلامة المحقق ابن أمير حاج عن الحاوي : أي الحاوي القدسي كما رأيته فيه ، لكن شراح الهداية انتصروا لقول . وأجابوا عن الحديث المذكور بأحاديث النهي عن الصلاة وقت الاستواء فإنها محرمة . وأجاب في الفتح بحمل المطلق على المقيد ، وظاهره ترجيح قول الإمام ، ووافقه في الحلية كما في البحر ، لكن لم يعول عليه في شرح المنية والإمداد ، على أن هذا ليس من المواضع التي يحمل فيها المطلق على المقيد كما يعلم من كتب الأصول ، وأيضا فإن حديث النهي صحيح رواه أبي يوسف وغيره فيقدم بصحته ، واتفاق الأئمة على العمل به وكونه حاظرا ، ولذا منع علماؤنا عن سنة الوضوء وتحية المسجد وركعتي الطواف ونحو ذلك ، فإن الحاظر مقدم على المبيح . مسلم
[ تنبيه ] علم مما قررناه المنع عندنا وإن لم أره مما ذكره الشافعية من إباحة الصلاة في الأوقات المكروهة في حرم مكة استدلالا بالحديث الصحيح ( { بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار } ) فهو مقيد عندنا بغير أوقات الكراهة ، لما علمته من منع علمائنا عن ركعتي الطواف فيها وإن جوزوا نفس الطواف فيها خلافا يا كما صرح به في شرحه اللباب ، والله أعلم . ثم رأيت المسألة عندنا قال في الضياء ما نصه : وقد قال أصحابنا : إن الصلاة في هذه الأوقات ممنوع منها لمالك بمكة وغيرها ا هـ . ورأيت في البدائع أيضا ما نصه : ما ورد من النهي إلا بمكة شاذ لا يقبل في معارضه المشهور ، وكذا رواية استثناء يوم الجمعة غريب فلا يجوز تخصيص المشهور به ا هـ ولله الحمد .
( قوله : وغروب ) أراد به التغير كما صرح به في الخانية حيث قال عند احمرار الشمس إلى أن تغيب بحر و قهستاني .
( قوله : إلا عصر يومه ) قيد به ; لأن عصر أمسه لا يجوز وقت التغير لثبوته في الذمة كاملا ، لاستناد السببية فيه إلى جميع الوقت كما مر .
( قوله : فلا يكره فعله ) لأنه لا يستقيم إثبات الكراهة للشيء مع الأمر به ، وقيل الأداء أيضا مكروه . ا هـ . كافي النسفي .
والحاصل أنهم اختلفوا في الكراهة في التأخير فقط دون الأداء أو فيهما ، فقيل بالأول ونسبه في المحيط والإيضاح إلى مشايخنا ، وقيل بالثاني وعليه مشى في شرح والتحفة والبدائع والحاوي وغيرها على أنه المذهب بلا حكاية خلاف ، وهو الأوجه لحديث الطحاوي وغيره عن مسلم رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { أنس } ا هـ حلية ، وتبعه في البحر . تلك صلاة المنافق ، يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام ينقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا
ولا يخفى أن كلام الشارح ماش على الأول لا الثاني ، فافهم ، قال في القنية : ويستوفي سنة القراءة ; لأن الكراهة في التأخير لا في الوقت . ا هـ .
( قوله : لأدائه كما وجب ) لأن السبب هو الجزء الذي يتصل به الأداء ، وهو هنا ناقص فقد وجب ناقصا فيؤدى كذلك . وأما عصر أمسه فقد وجب كاملا ; لأن السبب فيه جميع الوقت حيث لم يحصل الأداء في جزء منه ، لكن الصحيح الذي عليه المحققون أنه لا نقصان في ذلك الجزء نفسه بل في الأداء فيه لما فيه من التشبه بعبدة الشمس ، ولما كان الأداء واجبا فيه تحمل ذلك النقصان ، أما إذا لم يؤد فيه والحال أنه لا نقص في الوقت أصلا وجب الكامل ، ولهذا كان الصحيح وجوب القضاء في كامل على من بلغ وأسلم في ناقص ولم يصل فيه كما تقدم .
والحاصل كما في الفتح أن معنى نقصان الوقت نقصان ما اتصل به فعل الأركان المستلزم للتشبه بالكفار ، [ ص: 373 ] فالوقت لا نقص فيه ، بل هو كغيره من الأوقات إنما النقص في الأركان فلا يتأدى بها ما وجب كاملا ، وهذا أيضا مؤيد للقول بأن الكراهة في التأخير والأداء خلاف ما مشى عليه الشارح ، وما ذكره في النهر بحثا لبعض الطلبة مذكور مع جوابه في شرح المنية وغيره ، وأوضحناه فيما علقناه على البحر .
( قوله : بخلاف الفجر إلخ ) أي فإنه لا يؤدي فجر يومه وقت الطلوع ; لأن وقت الفجر كله كامل فوجبت كاملة ، فتبطل بطرو الطلوع الذي هو وقت فساد .
قال في البحر : فإن قيل : روى الجماعة عن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أبي هريرة } " أجيب بأن التعارض لما وقع بينه وبين النهي عن الصلاة في الأوقات الثلاثة رجعنا إلى القياس كما هو حكم التعارض ، فرجحنا حكم هذا الحديث في صلاة العصر وحكم النهي في صلاة الفجر ، كذا في شرح النقاية . ا هـ . من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها ، ومن أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح
على أن قال : إن الحديث منسوخ بالنصوص الناهية ، وادعى أن العصر يبطل أيضا كالفجر وإلا لزم العمل ببعض الحديث وترك بعضه بمجرد قولنا طرأ ناقص على كامل في الفجر ، بخلاف عصر يومه مع أن النقص قارن العصر ابتداء والفجر بقاء فيبطل فيهما . وأجاب في البرهان بأن هذا الوقت سبب لوجوب العصر حتى يجب على من أسلم أو بلغ فيه ويستحيل أن يكون سببا للوجوب ولا يصح الأداء فيه ، وتمامه في حاشية الإمام الطحاوي نوح