الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ويجوز ) بلا كراهة ( أذان صبي مراهق وعبد ) [ ص: 392 ] ولا يحل إلا بإذن كأجير خاص ( وأعمى وولد زنى وأعرابي ) وإنما يستحق صواب المؤذنين إذا كان عالما بالسنة والأوقات ولو غير محتسب بحر .

التالي السابق


( قوله : بلا كراهة ) أي تحريمية لأن التنزيهية ثابتة لما في البحر عن الخلاصة أن غيرهم أولى منهم . ا هـ . ح .

أقول : وقدمنا أول كتاب الطهارة الكلام في أن خلاف الأولى مكروه أولا فراجعه .

( قوله : صبي مراهق ) المراد به العاقل وإن لم يراهق كما هو ظاهر البحر وغيره ، وقيل يكره لكنه خلاف ظاهر الرواية كما في الإمداد وغيره ، وعلى هذا يصح تقريره في وظيفة الأذان بحر .

( قوله : وعبد وأعمى إلخ ) إنما لم يكره أذانهم ; لأن قولهم مقبول في الأمور الدينية فيكون ملزما فيحصل به الإعلام ، بخلاف الفاسق . ا هـ . زيلعي . قلت : يرد عليه الصبي ، [ ص: 392 ] فإن قوله غير مقبول في الأمور الدينية في الأصح كما قدمناه قبل الباب ، ومقتضاه أن لا يحصل به الإعلام كالفاسق تأمل ويأتي تمام الكلام في ذلك .

( قوله : ولا يحل إلا بإذن ) ذكره في البحر بحثا فقال : وينبغي أن العبد إن أذن لنفسه لا يحتاج إلى إذن سيده ، وإن أراد أن يكون مؤذنا للجماعة لم يجز إلا بإذن سيده ; لأن فيه إضرارا بخدمته ; لأنه يحتاج إلى مراعاة الأوقات ، ولم أره في كلامهم . ا هـ .

( قوله : كأجير خاص ) هو بحث لصاحب النهر ، حيث قال : وينبغي أن يكون الأجير الخاص كذلك لا يحل أذانه إلا بإذن مستأجره ا هـ .

قلت : بل صرحوا بأنه ليس له أن يؤدي النوافل اتفاقا . واختلفوا في السنن كما سنذكره في الإجارات إن شاء الله تعالى ، وهذا مؤيد لبحث البحر أيضا ، فإن العبد مملوك المنافع والرقبة أيضا بخلاف الأجير .

( قوله : وأعمى ) لا يرد عليه أذان ابن أم مكتوم الأعمى ، فإنه من كان معه من يحفظ عليه أوقات الصلاة ، ومتى كان ذلك يكون تأذينه وتأذين البصير سواء ، ذكره شيخ الإسلام معراج ، وهذا بناء على ثبوت الكراهة فيه ، وقد مر الكلام فيه وإلا فلا ورود .

( قوله : عالما بالسنة والأوقات ) أي سنة الأذان وأوقاته المطلوبة على ما مر بيانه . مطلب في المؤذن إذا كان غير محتسب في أذانه

. ( قوله : ولو غير محتسب ) رد على ما في الفتح حيث قال : لو لم يكن عالما بأوقات الصلاة لم يستحق ثواب المؤذنين كما في الخانية ، ففي أخذ الأجرة أولى ، ورده في النهر تبعا للبحر بأن في أذان الجاهل جهالة موقعة في الغرر ، بخلاف غير المحتسب على أن عدم حل أخذ الأجرة على الأذان والإمامة رأي المتقدمين ، والمتأخرون يجوزون ذلك على ما سيأتي في الإجارات . ا هـ . .

أقول : لا يلزم من حل الأجرة المعلل بالضرورة حصول الثواب ولا سيما إذا كان لولا الأجرة لا يؤذن فإنه لا يكون عمله للدنيا وهو رياء ; لأنه لم يحتسب عمله لوجه الله تعالى ، فهو كمهاجر أم قيس ، وإذا كان الجاهل المحتسب لا ينال ذلك الأجر فهذا بالأولى . كيف وقد ورد في عدة أحاديث التقييد بالمحتسب : منها ما رواه الطبراني في الكبير كما في الفتح " { ثلاثة على كثبان المسك يوم القيامة ، لا يهولهم الفزع الأكبر ، ولا يفزعون حين يفزع الناس : رجل علم القرآن فقام به يطلب وجه الله وما عنده . ورجل ينادي في كل يوم وليلة خمس صلوات يطلب وجه الله وما عنده . ومملوك لم يمنعه رق الدنيا عن طاعة ربه } " نعم قد يقال : إن كان قصده وجه الله تعالى لكنه بمراعاته للأوقات والاشتغال به يقل اكتسابه عما يكفيه لنفسه وعياله ، فيأخذ الأجرة لئلا يمنعه الاكتساب عن إقامة هذه الوظيفة الشريفة ، ولولا ذلك لم يأخذ أجرا فله الثواب المذكور ، بل يكون جمع بين عبادتين : وهما الأذان ، والسعي على العيال ، وإنما الأعمال بالنيات




الخدمات العلمية