[ ص: 553 ] ( اثنان ) واحد مع الإمام ولو مميزا أو ملكا [ ص: 554 ] أو جنيا في مسجد أو غيره . وتصح وأقلها أشباه ( وقيل واجبة وعليه العامة ) أي عامة مشايخنا وبه جزم في التحفة وغيرها . قال في البحر : وهو الراجح عند أهل المذهب ( فتسن أو تجب ) ثمرته تظهر في الإثم بتركها مرة ( على الرجال العقلاء البالغين الأحرار القادرين على الصلاة بالجماعة من غير حرج ) [ ص: 555 ] ولو فاتته ندب طلبها في مسجد آخر إلا إمامة الجني المسجد الحرام ونحوه ( ) أو رجل فقط ، ذكره فلا تجب على مريض ومقعد وزمن ومقطوع يد ورجل من خلاف الحدادي ( ومفلوج وشيخ كبير عاجز وأعمى ) وإن وجد قائدا ( ولا على من حال بينه وبينها مطر وطين [ ص: 556 ] وبرد شديد وظلمة كذلك ) وريح ليلا لا نهارا ، وخوف على ماله ، أو من غريم أو ظالم ، أو مدافعة أحد الأخبثين ، وإرادة سفر ، وقيامه بمريض ، وحضور طعام ( تتوقه ) نفسه ذكره الحدادي ، وكذا اشتغاله بالفقه لا بغيره ، كذا جزم به الباقاني تبعا للبهنسي : أي إلا إذا واظب تكاسلا فلا يعذر ، ويعزر ولو بأخذ المال يعني بحبسه عنه مدة ولا تقبل شهادته إلا بتأويل بدعة الإمام [ ص: 557 ] أو عدم مراعاته .
التالي
السابق
( قوله وأقلها اثنان ) لحديث " { } " أخرجه اثنان فما فوقهما جماعة السيوطي في الجامع الصغير ، ورمز لضعفه . قال في البحر : لأنها مأخوذة من الاجتماع ، وهما أقل ما تتحقق به ، وهذا في غير جمعة ا هـ أي فإن ، مثلها العيد لقولهم : يشترط لها ما يشترط للجمعة صحة وأداء سوى الخطبة فافهم ( قوله ولو مميزا ) أي ولو كان الواحد المقتدي صبيا مميزا . قال في السراج : لو أقلها فيها ثلاثة صالحون للإمامة سوى الإمام حنث ا هـ ولا عبرة بغير العاقل بحر . حلف لا يصلي جماعة وأم صبيا يعقل
قال ط : ويؤخذ منه أنه لأن الصبي متنقل ، ولم أر حكم يحصل ثواب الجماعة باقتداء المتنفل بالمفترض فليحرر ا هـ . اقتداء المتنفل بمثله هل يزيد ثوابه على المنفرد
قلت : الظاهر نعم إن لم يكن على سبيل التداعي لحديث الصحيحين { رضي الله عنه أن جدته أنس مليكة دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعته له فأكل منه ، ثم قال : قوموا لأصلي بكم فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبث فنضحته بماء ، فقام عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصففت أنا واليتيم [ ص: 554 ] وراءه والعجوز من ورائنا . فصلى بنا ركعتين ثم انصرف } " فلو لم يكن الاقتداء أفضل لما أمرهم به تأمل ( قوله في مسجد أو غيره ) قال في القنية : واختلف العلماء في عن والأصح أنها كإقامتها في المسجد إلا في الأفضلية . ا هـ . ( قوله وتصح إمامة الجني ) لأنه مكلف . بخلاف إقامتها في البيت فإنه متنفل إمامة الملك جبريل لخصوص التعليم مع احتمال الإعادة من النبي صلى الله عليه وسلم وإمامة ط ( قوله أشباه ) عبارتها في بحث أحكام الجان : ومنها ، ذكره انعقاد الجماعة بالجن الأسيوطي عن صاحب [ آكام المرجان ] من أصحابنا ، مستدلا بحديث عن أحمد في قصة الجن ، وفيه " { ابن مسعود } " ونظير ذلك ما ذكره فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي أدركه شخصان منهم ، فقالا يا رسول الله إنما نحب أن تؤمنا في صلاتنا ، قال : فصفهما خلفه ثم صلى بنا ثم انصرف السبكي أن الجماعة تحصل بالملائكة ، وفرع على ذلك لو لم يحنث ، ومنها صحة الصلاة خلف الجني ، ذكره في آكام المرجان ا هـ صلى في فضاء بأذان وإقامة منفردا ثم حلف أنه صلى بالجماعة
أقول : وما نقله عن السبكي مأخوذ من حديث " { } " رواه إن المسافر إذا أذن وأقام صلى خلفه من جنود الله ما لا يرى طرفاه ، ومقتضاه وجوب الجهر عليه ; لكن قدمنا في باب الأذان التصريح عن التتارخانية بأن حكمه حكم المنفرد في الجهر والمخافتة ، وبه يعلم أنه يحنث بحلفه أنه صلى بالجماعة عندنا ولا سيما والأيمان مبنية على العرف عندنا ، وهو منفرد عرفا وشرعا وإلا لأخذ أحكام الإمام على أنه مر في الفصل السابق أنه لا يلزمه الجهر إلا إذا نوى الإمامة ، وكذا مر في شروط الصلاة أنه لا يحنث في : لا يؤم أحدا ما لم ينو الإمامة ، وليس في الحديث التصريح بالاقتداء به وإن كان المراد ذلك ، فلعل انعقاد الجماعة باقتداء الملائكة والجن إنما يستلزم أحكامها إذا كانوا على صورة ظاهرة ولهذا لو عبد الرزاق لا يلزمها الاغتسال كما في الخانية إلا إذا أنزلت كما في الفتح أو جاءها على صورة آدمي كما في الحلية وكذا يقال في إمامة الجني ، والله أعلم ( قوله قال في البحر إلخ ) وقال في النهر : هو أعدل الأقوال وأقواها ولذا قال في الأجناس : لا تقبل شهادته إذا تركها استخفافا ومجانة ، إما سهوا أو بتأويل ككون الإمام من أهل الأهواء أو لا يراعي مذهب المقتدي فتقبل . ا هـ . جامع جني امرأة ووجدت لذة ط .
( قوله ثمرته إلخ ) هذا بناء على تحقيق الخلاف ، أما على ما مر عن الزاهدي فلا خلاف ( قوله بتركها مرة ) أي بلا عذر ، وهذا عند العراقيين ، وعند الخراسانيين إنما يأثم إذا اعتاده كما في القنية وقد مر ( قوله البالغين ) قيد به لأن الرجل قد يراد به مطلق الذكر بالغا أو غيره كما في قوله تعالى - { } - وكما في حديث " { وإن كانوا إخوة رجالا } ، ولذا قيد بذكر لدفع أن يراد به البالغ بناء على ما كان في الجاهلية من عدم توريثهم إلا من استعد للحرب دون الصغار فافهم ( قوله الأحرار ) فلا تجب على القن وسيأتي في الجمعة لو أذن له مولاه وجبت ، وقيل يخير ورجحه في البحر ا هـ : قلت : وينبغي جريان الخلاف هنا أيضا تأمل ( قوله من غير حرج ) قيد لكونها سنة مؤكدة أو واجبة ، فبالحرج يرتفع الإثم ويرخص في تركها ولكنه يفوته الأفضل بدليل { ألحقوا الفرائض بأهلها ، فما أبقت فلأولى رجل ذكر الأعمى لما استأذنه في الصلاة في بيته : ما أجد لك رخصة لابن أم مكتوم } قال في الفتح : أي تحصل لك فضيلة الجماعة من غير حضورها لا الإيجاب على الأعمى ، { أنه عليه الصلاة والسلام قال لعتبان بن مالك في تركها } ا هـ لكن في نور الإيضاح : وإذا لأنه عليه الصلاة والسلام رخص ا هـ والظاهر أن المراد به انقطع عن الجماعة لعذر من أعذارها [ ص: 555 ] وكانت نيته حضورها لولا العذر يحصل له ثوابها كالمرض والشيخوخة والفلج ، بخلاف نحو المطر والطين والبرد والعمى تأمل ( قوله ولو فاتته ندب طلبها ) فلا يجب عليه الطلب في المساجد بلا خلاف بين أصحابنا ، بل إن أتى مسجدا للجماعة آخر فحسن ، وإن صلى في مسجد حيه منفردا فحسن . وذكر العذر المانع : يجمع بأهله ويصلي بهم ، يعني وينال ثواب الجماعة كذا في الفتح . القدوري
واعترض الشرنبلالي بأن هذا ينافي وجوب الجماعة . وأجاب ح بأن الوجوب عند عدم الحرج ، وفي تتبعها في الأماكن القاصية حرج لا يخفى مع ما في مجاوزة مسجد حيه من مخالفة قوله صلى الله عليه وسلم " { } " . ا هـ . وفيه أن ظاهر إطلاقه الندب ولو إلى مكان قريب ، وقوله مع ما في مجاوزة إلخ . لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد
قد يقال : محله فيما إذا كان فيه جماعة ; ألا ترى أن مسجد الحي إذا لم تقم فيه الجماعة وتقام في غيره لا يرتاب أحد أن مسجد الجماعة أفضل . على أنهم . الجامع ؟ كما في البحر ط . اختلفوا في الأفضل هل جماعة مسجد حيه أو جماعة المسجد
قلت : لكن في الخانية وإن لم يكن لمسجد منزله مؤذن فإنه يذهب إليه ويؤذن فيه ويصلي وإن كان واحدا لأن لمسجد منزله حقا عليه ، فيؤدي حقه مؤذن مسجد لا يحضر مسجده أحد . قالوا : هو يؤذن ويقيم ويصلي وحده ، وذاك أحب من أن يصلي في مسجد آخر . ا هـ . ثم ذكر ما مر عن الفتح ، ولعل ما مر فيما إذا صلى فيه الناس فيخير ، بخلاف ما إذا لم يصلي فيه أحد لأن الحق تعين عليه . وعلى كل فقول ط قد يقال إلخ غير مسلم ، والله أعلم ( قوله ونحوه ) قال في القنية : إلا المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم وعزاه في آخر شرح المنية إلى مختصر البحر ثم قال : وينبغي أن يستثني المسجد الأقصى أيضا لأنها في المسجد الحرام بمائة ألف ، وفي مسجده عليه الصلاة والسلام بألف ، وفي المسجد الأقصى بخمسمائة ا هـ وينبغي استثناء مسجد الحي على ما قلناه آنفا ( قوله ومقعد وزمن ) قال في المغرب : المقعد الذي لا حراك به من داء في جسده كأن الداء أقعده . وعند الأطباء : هو الزمن ، وبعضهم فرق وقال : المقعد المتشنج الأعضاء . والزمن الذي طال مرضه . وقال في فصل الزاي : الزمن الذي طال مرضه زمانا ، وقيل الزمن عن المقعد والأعمى والمقطوع اليدين أو إحداهما . والمفلوج والأعرج الذي لا يستطيع المشي والأشل . ا هـ . ( قوله ومفلوج ) وهو من به فالج ، وهو استرخاء لأحد شقي الإنسان لانصباب خلط بلغمي تنسد منه مسالك الروح قاموس أبي حنيفة
( قوله وإن وجد قائدا ) وكذا الزمن لو كان غنيا له مركب وخادم ، فلا تجب عليهما عنده خلافا لهما حلية عن المحيط . وذكر في الفتح أن الظاهر أنه اتفاق ، والخلاف في الجمعة لا في الجماعة ا هـ لكن المسطور في الكتب المشهورة خلافه حلية ( قوله ولا على من حال بينه وبينها مطر وطين ) أشار بالحيلولة إلى أن المراد المطر الكثير كما قيده به في صلاة الجمعة . وكذا الطين وفي الحلية ، وعن : سألت أبي يوسف عن الجماعة في طين وردغة ، فقال : لا أحب تركها . وقال أبا حنيفة في الموطأ : الحديث رخصة ، يعني قوله صلى الله عليه وسلم { محمد } والنعال : هنا الأراضي الصلاب وفي شرح إذا ابتلت النعال فالصلاة في الرحال الزاهدي عن شرح التمرتاشي : واختلف في كون الأمطار والثلوج والأوحال والبرد الشديد عذرا وعن : إن اشتد التأذي بعذر قال أبي حنيفة : أفادت هذه الرواية أن الجمعة والجماعة في ذلك سواء ، [ ص: 556 ] ليس على ما ظنه البعض أن ذلك عذر في الجماعة لأنها سنة لا في الجمعة لأنها من آكد الفرائض ا هـ وفي شرح الحسن الشيخ إسماعيل عن ابن الملقن الشافعي : والمشهور أن النعال جمع نعل : وهو ما غلظ من الأرض في صلابة ، وإنما خصها بالذكر لأن أدنى بلل ينديها ، بخلاف الرخوة فإنها تنشف الماء . وقيل النعال الأحذية ( قوله وبرد شديد ) لم يذكر الحر الشديد أيضا ، ولم أر من ذكره من علمائنا ، ولعل وجهه أن الحر الشديد إنما يحصل غالبا في صلاة الظهر ، وقد كفينا مؤنته بسنية الإبراد ، نعم قد يقال : لو ترك الإمام هذه السنة وصلى في أول الوقت كان الحر الشديد عذرا تأمل ( قوله وظلمة كذلك ) أي شديدة ، في الظاهر أنه لا يكلف إلى إيقاد نحو سراج وإن أمكنه ذلك وأن المراد بشدة الظلمة كونه لا يبصر طريقه إلى المسجد فيكون كالأعمى .
( قوله وريح ) أي شديد أيضا فيما يظهر تأمل ; وإنما كان عذرا ليلا فقط لعظم مشقته فيه دون النهار ( قوله وخوف على ماله ) أي من لص ونحوه إذا لم يمكنه غلق الدكان أو البيت مثلا ، ومنه خوفه على تلف طعام في قدر أو خبز في تنور تأمل ، وانظر هل التقييد بماله للاحتراز عن مال غيره ؟ والظاهر عدمه : لأن له قطع الصلاة له ولا سيما إن كان أمانة عنده كوديعة أو عارية أو رهن مما يجب عليه حفظه تأمل ( قوله أو من غريم ) أي إذا كان معسرا ليس عنده ما يوفي غريمه وإلا كان ظالما ( قوله أو ظالم ) يخافه على نفسه أو ماله ( قوله الأخبثين ) وكذا الريح ( قوله وإرادة سفر ) أي بحر ; وأما السفر نفسه فليس بعذر كما في القنية ( قوله وقيامه بمريض ) أي يحصل له بغيبته المشقة والوحشة ، كذا في الإمداد ( قوله تتوقه نفسه ) أي تشتاقه وتنازعه إليه مصباح ، سواء كان عشاء أو غيره لشغل باله إمداد ، ومثله الشراب ، وقرب حضوره كحضوره فيما يظهر لوجود العلة ، وبه صرح الشافعية ( قوله وكذا اشتغاله بالفقه إلخ ) عبارة نور الإيضاح : وتكرار فقة بجماعة تفوته ، ولم أر هذا القيد لغيره ، ورمز في القنية وأقيمت الصلاة ويخشى أن تفوته القافلة لنجم الأئمة فيمن لا يحضرها لاستغراق أوقاته في تكرير الفقه لا يعذر ولا تقبل شهادته ، ثم رمز له ثانيا أنه يعذر ، بخلاف مكرر اللغة ثم وفق بينهما بحمل الأول على المواظب على الترك تهاونا ، والثاني على غيره ، وهذا ما مشى عليه الشارح في قوله أي إلا إلخ ( قوله فلا يعذر ويعزر ) الأول بالذال والثاني بالزاي ( قوله يعني بحبسه عنه إلخ ) صرح بذلك في البحر عن البزازية قال الرحمتي قالوا : هذا مما يعلم ويكتم لأن الظلمة صيادون لأخذ المال متى وقع في شركهم لا يؤخذ منهم ، وربما يحدثون للإنسان ذنبا لم يفعله توصلا إلى ماله ا هـ . [ تتمة ]
مجموع الأعذار التي مرت متنا وشرحا عشرون ، وقد نظمتها بقولي : أعذار ترك جماعة عشرون قد أودعتها في عقد نظم كالدرر مرض وإقعاد عمى وزمانة
مطر وطين ثم برد قد أضر قطع لرجل مع يد أو دونها
فلج وعجز الشيخ قصد للسفر خوف على مال كذا من ظالم
أو دائن وشهي أكل قد حضر والريح ليلا ظلمة تمريض ذي
ألم مدافعة لبول أو قذر ثم اشتغال لا بغير الفقه في
بعض من الأوقات عذر معتبر [ ص: 557 ] قوله أو عدم مراعاته ) أي لمذهب المقتدي فيما يوجب بطلان الصلاة على ما سيأتي بيانه
قال ط : ويؤخذ منه أنه لأن الصبي متنقل ، ولم أر حكم يحصل ثواب الجماعة باقتداء المتنفل بالمفترض فليحرر ا هـ . اقتداء المتنفل بمثله هل يزيد ثوابه على المنفرد
قلت : الظاهر نعم إن لم يكن على سبيل التداعي لحديث الصحيحين { رضي الله عنه أن جدته أنس مليكة دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعته له فأكل منه ، ثم قال : قوموا لأصلي بكم فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبث فنضحته بماء ، فقام عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصففت أنا واليتيم [ ص: 554 ] وراءه والعجوز من ورائنا . فصلى بنا ركعتين ثم انصرف } " فلو لم يكن الاقتداء أفضل لما أمرهم به تأمل ( قوله في مسجد أو غيره ) قال في القنية : واختلف العلماء في عن والأصح أنها كإقامتها في المسجد إلا في الأفضلية . ا هـ . ( قوله وتصح إمامة الجني ) لأنه مكلف . بخلاف إقامتها في البيت فإنه متنفل إمامة الملك جبريل لخصوص التعليم مع احتمال الإعادة من النبي صلى الله عليه وسلم وإمامة ط ( قوله أشباه ) عبارتها في بحث أحكام الجان : ومنها ، ذكره انعقاد الجماعة بالجن الأسيوطي عن صاحب [ آكام المرجان ] من أصحابنا ، مستدلا بحديث عن أحمد في قصة الجن ، وفيه " { ابن مسعود } " ونظير ذلك ما ذكره فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي أدركه شخصان منهم ، فقالا يا رسول الله إنما نحب أن تؤمنا في صلاتنا ، قال : فصفهما خلفه ثم صلى بنا ثم انصرف السبكي أن الجماعة تحصل بالملائكة ، وفرع على ذلك لو لم يحنث ، ومنها صحة الصلاة خلف الجني ، ذكره في آكام المرجان ا هـ صلى في فضاء بأذان وإقامة منفردا ثم حلف أنه صلى بالجماعة
أقول : وما نقله عن السبكي مأخوذ من حديث " { } " رواه إن المسافر إذا أذن وأقام صلى خلفه من جنود الله ما لا يرى طرفاه ، ومقتضاه وجوب الجهر عليه ; لكن قدمنا في باب الأذان التصريح عن التتارخانية بأن حكمه حكم المنفرد في الجهر والمخافتة ، وبه يعلم أنه يحنث بحلفه أنه صلى بالجماعة عندنا ولا سيما والأيمان مبنية على العرف عندنا ، وهو منفرد عرفا وشرعا وإلا لأخذ أحكام الإمام على أنه مر في الفصل السابق أنه لا يلزمه الجهر إلا إذا نوى الإمامة ، وكذا مر في شروط الصلاة أنه لا يحنث في : لا يؤم أحدا ما لم ينو الإمامة ، وليس في الحديث التصريح بالاقتداء به وإن كان المراد ذلك ، فلعل انعقاد الجماعة باقتداء الملائكة والجن إنما يستلزم أحكامها إذا كانوا على صورة ظاهرة ولهذا لو عبد الرزاق لا يلزمها الاغتسال كما في الخانية إلا إذا أنزلت كما في الفتح أو جاءها على صورة آدمي كما في الحلية وكذا يقال في إمامة الجني ، والله أعلم ( قوله قال في البحر إلخ ) وقال في النهر : هو أعدل الأقوال وأقواها ولذا قال في الأجناس : لا تقبل شهادته إذا تركها استخفافا ومجانة ، إما سهوا أو بتأويل ككون الإمام من أهل الأهواء أو لا يراعي مذهب المقتدي فتقبل . ا هـ . جامع جني امرأة ووجدت لذة ط .
( قوله ثمرته إلخ ) هذا بناء على تحقيق الخلاف ، أما على ما مر عن الزاهدي فلا خلاف ( قوله بتركها مرة ) أي بلا عذر ، وهذا عند العراقيين ، وعند الخراسانيين إنما يأثم إذا اعتاده كما في القنية وقد مر ( قوله البالغين ) قيد به لأن الرجل قد يراد به مطلق الذكر بالغا أو غيره كما في قوله تعالى - { } - وكما في حديث " { وإن كانوا إخوة رجالا } ، ولذا قيد بذكر لدفع أن يراد به البالغ بناء على ما كان في الجاهلية من عدم توريثهم إلا من استعد للحرب دون الصغار فافهم ( قوله الأحرار ) فلا تجب على القن وسيأتي في الجمعة لو أذن له مولاه وجبت ، وقيل يخير ورجحه في البحر ا هـ : قلت : وينبغي جريان الخلاف هنا أيضا تأمل ( قوله من غير حرج ) قيد لكونها سنة مؤكدة أو واجبة ، فبالحرج يرتفع الإثم ويرخص في تركها ولكنه يفوته الأفضل بدليل { ألحقوا الفرائض بأهلها ، فما أبقت فلأولى رجل ذكر الأعمى لما استأذنه في الصلاة في بيته : ما أجد لك رخصة لابن أم مكتوم } قال في الفتح : أي تحصل لك فضيلة الجماعة من غير حضورها لا الإيجاب على الأعمى ، { أنه عليه الصلاة والسلام قال لعتبان بن مالك في تركها } ا هـ لكن في نور الإيضاح : وإذا لأنه عليه الصلاة والسلام رخص ا هـ والظاهر أن المراد به انقطع عن الجماعة لعذر من أعذارها [ ص: 555 ] وكانت نيته حضورها لولا العذر يحصل له ثوابها كالمرض والشيخوخة والفلج ، بخلاف نحو المطر والطين والبرد والعمى تأمل ( قوله ولو فاتته ندب طلبها ) فلا يجب عليه الطلب في المساجد بلا خلاف بين أصحابنا ، بل إن أتى مسجدا للجماعة آخر فحسن ، وإن صلى في مسجد حيه منفردا فحسن . وذكر العذر المانع : يجمع بأهله ويصلي بهم ، يعني وينال ثواب الجماعة كذا في الفتح . القدوري
واعترض الشرنبلالي بأن هذا ينافي وجوب الجماعة . وأجاب ح بأن الوجوب عند عدم الحرج ، وفي تتبعها في الأماكن القاصية حرج لا يخفى مع ما في مجاوزة مسجد حيه من مخالفة قوله صلى الله عليه وسلم " { } " . ا هـ . وفيه أن ظاهر إطلاقه الندب ولو إلى مكان قريب ، وقوله مع ما في مجاوزة إلخ . لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد
قد يقال : محله فيما إذا كان فيه جماعة ; ألا ترى أن مسجد الحي إذا لم تقم فيه الجماعة وتقام في غيره لا يرتاب أحد أن مسجد الجماعة أفضل . على أنهم . الجامع ؟ كما في البحر ط . اختلفوا في الأفضل هل جماعة مسجد حيه أو جماعة المسجد
قلت : لكن في الخانية وإن لم يكن لمسجد منزله مؤذن فإنه يذهب إليه ويؤذن فيه ويصلي وإن كان واحدا لأن لمسجد منزله حقا عليه ، فيؤدي حقه مؤذن مسجد لا يحضر مسجده أحد . قالوا : هو يؤذن ويقيم ويصلي وحده ، وذاك أحب من أن يصلي في مسجد آخر . ا هـ . ثم ذكر ما مر عن الفتح ، ولعل ما مر فيما إذا صلى فيه الناس فيخير ، بخلاف ما إذا لم يصلي فيه أحد لأن الحق تعين عليه . وعلى كل فقول ط قد يقال إلخ غير مسلم ، والله أعلم ( قوله ونحوه ) قال في القنية : إلا المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم وعزاه في آخر شرح المنية إلى مختصر البحر ثم قال : وينبغي أن يستثني المسجد الأقصى أيضا لأنها في المسجد الحرام بمائة ألف ، وفي مسجده عليه الصلاة والسلام بألف ، وفي المسجد الأقصى بخمسمائة ا هـ وينبغي استثناء مسجد الحي على ما قلناه آنفا ( قوله ومقعد وزمن ) قال في المغرب : المقعد الذي لا حراك به من داء في جسده كأن الداء أقعده . وعند الأطباء : هو الزمن ، وبعضهم فرق وقال : المقعد المتشنج الأعضاء . والزمن الذي طال مرضه . وقال في فصل الزاي : الزمن الذي طال مرضه زمانا ، وقيل الزمن عن المقعد والأعمى والمقطوع اليدين أو إحداهما . والمفلوج والأعرج الذي لا يستطيع المشي والأشل . ا هـ . ( قوله ومفلوج ) وهو من به فالج ، وهو استرخاء لأحد شقي الإنسان لانصباب خلط بلغمي تنسد منه مسالك الروح قاموس أبي حنيفة
( قوله وإن وجد قائدا ) وكذا الزمن لو كان غنيا له مركب وخادم ، فلا تجب عليهما عنده خلافا لهما حلية عن المحيط . وذكر في الفتح أن الظاهر أنه اتفاق ، والخلاف في الجمعة لا في الجماعة ا هـ لكن المسطور في الكتب المشهورة خلافه حلية ( قوله ولا على من حال بينه وبينها مطر وطين ) أشار بالحيلولة إلى أن المراد المطر الكثير كما قيده به في صلاة الجمعة . وكذا الطين وفي الحلية ، وعن : سألت أبي يوسف عن الجماعة في طين وردغة ، فقال : لا أحب تركها . وقال أبا حنيفة في الموطأ : الحديث رخصة ، يعني قوله صلى الله عليه وسلم { محمد } والنعال : هنا الأراضي الصلاب وفي شرح إذا ابتلت النعال فالصلاة في الرحال الزاهدي عن شرح التمرتاشي : واختلف في كون الأمطار والثلوج والأوحال والبرد الشديد عذرا وعن : إن اشتد التأذي بعذر قال أبي حنيفة : أفادت هذه الرواية أن الجمعة والجماعة في ذلك سواء ، [ ص: 556 ] ليس على ما ظنه البعض أن ذلك عذر في الجماعة لأنها سنة لا في الجمعة لأنها من آكد الفرائض ا هـ وفي شرح الحسن الشيخ إسماعيل عن ابن الملقن الشافعي : والمشهور أن النعال جمع نعل : وهو ما غلظ من الأرض في صلابة ، وإنما خصها بالذكر لأن أدنى بلل ينديها ، بخلاف الرخوة فإنها تنشف الماء . وقيل النعال الأحذية ( قوله وبرد شديد ) لم يذكر الحر الشديد أيضا ، ولم أر من ذكره من علمائنا ، ولعل وجهه أن الحر الشديد إنما يحصل غالبا في صلاة الظهر ، وقد كفينا مؤنته بسنية الإبراد ، نعم قد يقال : لو ترك الإمام هذه السنة وصلى في أول الوقت كان الحر الشديد عذرا تأمل ( قوله وظلمة كذلك ) أي شديدة ، في الظاهر أنه لا يكلف إلى إيقاد نحو سراج وإن أمكنه ذلك وأن المراد بشدة الظلمة كونه لا يبصر طريقه إلى المسجد فيكون كالأعمى .
( قوله وريح ) أي شديد أيضا فيما يظهر تأمل ; وإنما كان عذرا ليلا فقط لعظم مشقته فيه دون النهار ( قوله وخوف على ماله ) أي من لص ونحوه إذا لم يمكنه غلق الدكان أو البيت مثلا ، ومنه خوفه على تلف طعام في قدر أو خبز في تنور تأمل ، وانظر هل التقييد بماله للاحتراز عن مال غيره ؟ والظاهر عدمه : لأن له قطع الصلاة له ولا سيما إن كان أمانة عنده كوديعة أو عارية أو رهن مما يجب عليه حفظه تأمل ( قوله أو من غريم ) أي إذا كان معسرا ليس عنده ما يوفي غريمه وإلا كان ظالما ( قوله أو ظالم ) يخافه على نفسه أو ماله ( قوله الأخبثين ) وكذا الريح ( قوله وإرادة سفر ) أي بحر ; وأما السفر نفسه فليس بعذر كما في القنية ( قوله وقيامه بمريض ) أي يحصل له بغيبته المشقة والوحشة ، كذا في الإمداد ( قوله تتوقه نفسه ) أي تشتاقه وتنازعه إليه مصباح ، سواء كان عشاء أو غيره لشغل باله إمداد ، ومثله الشراب ، وقرب حضوره كحضوره فيما يظهر لوجود العلة ، وبه صرح الشافعية ( قوله وكذا اشتغاله بالفقه إلخ ) عبارة نور الإيضاح : وتكرار فقة بجماعة تفوته ، ولم أر هذا القيد لغيره ، ورمز في القنية وأقيمت الصلاة ويخشى أن تفوته القافلة لنجم الأئمة فيمن لا يحضرها لاستغراق أوقاته في تكرير الفقه لا يعذر ولا تقبل شهادته ، ثم رمز له ثانيا أنه يعذر ، بخلاف مكرر اللغة ثم وفق بينهما بحمل الأول على المواظب على الترك تهاونا ، والثاني على غيره ، وهذا ما مشى عليه الشارح في قوله أي إلا إلخ ( قوله فلا يعذر ويعزر ) الأول بالذال والثاني بالزاي ( قوله يعني بحبسه عنه إلخ ) صرح بذلك في البحر عن البزازية قال الرحمتي قالوا : هذا مما يعلم ويكتم لأن الظلمة صيادون لأخذ المال متى وقع في شركهم لا يؤخذ منهم ، وربما يحدثون للإنسان ذنبا لم يفعله توصلا إلى ماله ا هـ . [ تتمة ]
مجموع الأعذار التي مرت متنا وشرحا عشرون ، وقد نظمتها بقولي : أعذار ترك جماعة عشرون قد أودعتها في عقد نظم كالدرر مرض وإقعاد عمى وزمانة
مطر وطين ثم برد قد أضر قطع لرجل مع يد أو دونها
فلج وعجز الشيخ قصد للسفر خوف على مال كذا من ظالم
أو دائن وشهي أكل قد حضر والريح ليلا ظلمة تمريض ذي
ألم مدافعة لبول أو قذر ثم اشتغال لا بغير الفقه في
بعض من الأوقات عذر معتبر [ ص: 557 ] قوله أو عدم مراعاته ) أي لمذهب المقتدي فيما يوجب بطلان الصلاة على ما سيأتي بيانه