الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      [ ص: 374 ] في الذي يهرب بماشيته عن الساعي قال : وسألنا مالكا عن الرجل يهرب بماشيته من الساعي وشاؤه ستون شاة ، فتقيم ثلاث سنين وهي على حالها ، ثم يفيد بعد ذلك مائتي شاة فيضمها إليها فتقيم بذلك سنتين أو ثلاثا ، ثم يأتي وهو يطلب التوبة ويخبر بالذي صنع من فراره عن الساعي ويقول ما ترون علي أن أؤدي ؟ فقلت لمالك : ما الذي ترى عليه ؟ فقال : يؤدي عن كل عام زكاة ما كان عنده من الغنم ، ولا يؤدي عما أفاد أخيرا في العامين الآخرين لما مضى من السنين ، وذلك أني رأيت مالكا إنما قال ذلك لي ، لأن الذي فر كان ضامنا لها لو هلكت ماشيته كلها بعد ثلاث سنين ، ولم يضع عنه الموت ما وجب عليه من الزكاة لأنه ضمنها حين هرب بها ، وإن الذي يهرب لو هلكت ماشيته وجاءه المصدق بعد هلاكها لم يكن عليه شيء ، فكما كان الذي هرب بها ضامنا لما هلك منها فما أفاد إليها فليس منها ، وكما كان الذي لم يهرب لم يضمن ما مات منها فما ضم إليها فهو منها وهو أمر بين وقد نزلت هذه المسألة واختلفنا فيها ، فسألنا مالكا عنها غير مرة فقال ، فيها هذا القول ، وهو أحب ما فيها إلي .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية