الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2748 116 - حدثنا علي بن عبد الله قال : حدثنا سفيان عن عمرو عن الزهري عن مالك بن أوس بن الحدثان عن عمر - رضي الله عنه - قال : كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب ، فكانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة ، وكان ينفق على أهله نفقة سنته ، ثم يجعل ما بقي في السلاح والكراع عدة في سبيل الله .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله : " ثم يجعل ما بقي " إلى آخره ; لأن المجن من جملة آلات السلاح ، وعلي بن عبد الله هو المسندي ، وسفيان هو ابن عيينة ، وعمرو هو ابن دينار ، والزهري محمد بن مسلم ، ومالك بن أوس بن الحدثان بالحاء والدال المهملتين وبالثاء المثلثة كلها بالفتح مر في الزكاة ، قيل : إن له صحبة .

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه مسلم في المغازي عن قتيبة ومحمد بن عباد وإسحاق بن إبراهيم وأبي بكر بن أبي شيبة ، وأخرجه أبو داود في الجراح عن عثمان بن أبي شيبة وأحمد بن عبدة الضبي ، وأخرجه الترمذي في الجهاد عن ابن أبي عمر ، وأخرجه النسائي في عشرة النساء عن سعيد بن عبد الرحمن ، وعن زياد بن أيوب ، وفيه وفي قسم الفيء عن عبيد الله بن سعيد ، وفي التفسير عن عبيد الله بن سعيد أيضا ويحيى بن موسى وهارون بن عبد الله .

                                                                                                                                                                                  قوله : " بني النضير " بفتح النون وكسر الضاد المعجمة ، بنو النضير وبنو قريظة بطنان من اليهود من بني إسرائيل ، قوله : " مما أفاء الله " من الفيء ، وهو ما حصل للمسلمين من أموال الكفار من غير حرب ولا جهاد ، قوله : " مما لم يوجف " من الإيجاف ، وهو الإسراع في السير ، ويقال : وجف البعير يجف وجفا ووجيفا ، وهو ضرب من سيره ، وأوجفه صاحبه إذا سار به ذلك السير ، وقال ابن فارس : أوجف أعنق في السير ، والمعنى لم يعملوا فيه سعيا لا بالخيل ولا بالركاب ، وهي الإبل ، وكانت غزوة بني النضير في سنة أربع ، وقال الزهري : في سنة ثلاث ، قوله : " فكانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة " أي : فكانت أموال بني النضير لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الخصوص لا يشاركه فيها أحد ، وعن مالك بن أوس بن الحدثان قال : أرسل إلي عمر بن الخطاب فدخلت عليه ، فقال : إنه قد حضر أهل أبيات من قومك ، وإنا قد أمرنا لهم برضخ فاقسمه بينهم ، فقلت : يا أمير المؤمنين مر بذلك غيري ، قال : اقبضه أيها المرء ، فبينا أنا كذلك إذ جاء برقاء مولاه ، فقال عبد الرحمن بن عوف والزبير وعثمان وسعد يستأذنون ، فقال : ائذن لهم ، ثم مكث ساعة ، ثم جاء فقال : هذا علي والعباس يستأذنان ، فقال : إيذن لهما ، فلما دخل العباس قال : اقض بيني وبين هذا الغادر الفاجر الخائن ، وهما حينئذ يختصمان فيما أفاء الله على رسوله من أموال بني النضير ، فقال القوم : اقسم بينهما يا أمير المؤمنين ، فأرح كل واحد منهما من صاحبه ، فقد طالت خصومتهما ، فقال : أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماوات والأرض ، أتعلمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "لا نورث ، ما تركناه صدقة" قالوا : قد قال ذلك ، ثم قال لهما : أتعلمان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "لا نورث ، ما تركناه صدقة" قالا : نعم ، قال : فسأخبركم بهذا الفيء ، إن الله تعالى خص نبيه بشيء لم يعطه غيره ، فقال : وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب وكانت هذه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة ، فوالله ما اختارها دونكم ولا استأثرها دونكم ، ولقد قسمها عليكم حتى بقي منها هذا المال ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينفق على أهله منه نفقة سنتهم ، ثم يجعل ما بقي في مال الله ، قوله : " والكراع " وهو اسم للخيل ، قوله : " عدة " وهي الاستعداد وما أعددته لحوادث الدهر من السلاح ونحوه .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية