الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5153 [ ص: 85 ] 4 - حدثنا مطر بن الفضل، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا عبد الله بن عون، عن أنس بن سيرين، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: " كان ابن لأبي طلحة يشتكي، فخرج أبو طلحة فقبض الصبي، فلما رجع أبو طلحة قال: ما فعل ابني؟ فقالت أم سليم: هو أسكن ما كان، فقربت إليه العشاء فتعشى، ثم أصاب منها، فلما فرغ قالت: وار الصبي، فلما أصبح أبو طلحة أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، فقال: أعرستم الليلة؟ قال: نعم، قال: اللهم بارك لهما في ليلتهما، فولدت غلاما، قال لي أبو طلحة: احفظيه حتى نأتي به النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتى به النبي - صلى الله عليه وسلم - وأرسلت معه بتمرات، فأخذه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أمعه شيء؟ قالوا: نعم، تمرات، فأخذها النبي - صلى الله عليه وسلم - فمضغها، ثم أخذ من فيه فجعلها في في الصبي وحنكه به، وسماه عبد الله".

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في آخر الحديث، ومطر بن الفضل المروزي، ويزيد من الزيادة، وأنس بن سيرين أخو محمد بن سيرين.

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه مسلم في الاستئذان عن أبي بكر بن أبي شيبة.

                                                                                                                                                                                  قوله: "لأبي طلحة" وهو يزيد بن سهل زوج أم أنس رضي الله تعالى عنه.

                                                                                                                                                                                  قوله: "يشتكي" من الاشتكاء من الشكو وهو المرض.

                                                                                                                                                                                  قوله: "أم سليم" هي أم أنس بن مالك.

                                                                                                                                                                                  قوله: "أسكن ما كان" أرادت به سكون الموت وهو أفعل التفضيل، وظن أبو طلحة أنها تريد سكون الشفاء.

                                                                                                                                                                                  قوله: "ثم أصاب منها" أي جامعها.

                                                                                                                                                                                  قوله: "وار الصبي" أي ادفنه من المواراة، ويروى: "واروا الصبي".

                                                                                                                                                                                  قوله: "أعرستم" من الإعراس وهو الوطء، يقال: أعرس بأهله إذا غشيها، ووقع في رواية الأصيلي: " أعرستم" بفتح العين وتشديد الراء، وقال عياض: هو غلط لأن التعريس النزول في آخر الليل، ورد عليه بأنه لغة يقال: أعرس وعرس إذا دخل بأهله والأفصح أعرس، وهذا السؤال للتعجب من صنعهما وصبرهما وسروره بحسن رضائها بقضاء الله تعالى.

                                                                                                                                                                                  قوله: "احفظيه" هذه رواية الكشميهني، وفي رواية غيره "احفظه".

                                                                                                                                                                                  وفيه استحباب تحنيك المولود عند ولادته، وحمله إلى صالح يحنكه، والتسمية يوم ولادته، وتفويض التسمية إلى الصالحين، ومنقبة أم سليم من عظيم صبرها وحسن رضائها بالقضاء وجزالة عقلها في إخفائها موته عن أبيه في أول الليل ليبيت مستريحا، واستعمال المعاريض، وإجابة دعاء رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - في حقهما حيث حملت بعبد الله بن أبي طلحة وجاء من عبد الله عشرة صالحون علماء رضي الله تعالى عنهم.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية