الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5237 13 - حدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن سلمة، عن أبي جحيفة، عن البراء قال: ذبح أبو بردة قبل الصلاة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أبدلها، قال: ليس عندي إلا جذعة، قال شعبة: وأحسبه قال: هي خير من مسنة، قال: اجعلها مكانها ولن تجزي عن أحد بعدك.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة، وسلمة بفتحتين هو ابن كهيل -مصغر كهل- الحضرمي الكوفي، وأبو جحيفة -مصغر جحفة- بالجيم والحاء المهملة والفاء، اسمه وهب بن عبد الله السوائي الصحابي المشهور، يروي عن البراء بن عازب، والحديث أخرجه مسلم أيضا في الضحايا عن بندار، وهو محمد بن بشار شيخ البخاري وغيره.

                                                                                                                                                                                  قوله: (أبو بردة) بضم الباء الموحدة، ابن نيار الذي تقدم ذكره.

                                                                                                                                                                                  قوله: (أبدلها) بفتح الهمزة وسكون الباء الموحدة، أمر من الإبدال، يعني اذبح مكانها أخرى.

                                                                                                                                                                                  قوله: (وأحسبه) [ ص: 154 ] أي أحسب أبا بردة، قال: هي الجذعة خير من مسنة، يعنى من مسنة بالغة، والخيرية بحسب السمن والنفاسة.

                                                                                                                                                                                  قوله: (قال: اجعلها مكانها) أي: قال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: اجعل هذه الجذعة مكان المسنة، وهذا أيضا مخصوص به، فلهذا قال: "ولن تجزي عن أحد بعدك" والذين ذهبوا إلى وجوب الأضحية احتجوا بقوله: "أبدلها" لأنه أمر بالإبدال، فلو لم تكن واجبة لما أمر بالإبدال، وهو العوض، ووردت أحاديث كثيرة تدل على الوجوب، منها ما رواه أصحاب السنن الأربعة عن ابن عون، عن أبي رملة، حدثنا محفف بن سليم قال: كنا وقوفا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفات، فقال: يا أيها الناس على كل أهل بيت في كل عام أضحاة وعتيرة .. الحديث. قال الترمذي : حديث حسن غريب.

                                                                                                                                                                                  فإن قلت: قال عبد الحق : إسناده ضعيف، وقال ابن القطان : وعلته الجهل بحال أبي رملة، واسمه عامر، فلا يعرف إلا بهذا، يروي عنه ابن عون.

                                                                                                                                                                                  قلت: تحسين الترمذي إياه يكفي للاستدلال به على الوجوب، ومحفف بن سليم بن الحارث الأزدي الغامدي روى هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذكره أبو نعيم في تاريخ أصبهان أن عليا رضي الله تعالى عنه استعمله على أصبهان، ونزل الكوفة، وأبو رملة ذكره أبو داود مصرحا باسمه عامر.

                                                                                                                                                                                  قوله: (ولن تجزي) بفتح أوله غير مهموز، أي: لن تقضي، يقال: جزى فلان عني كذا، أي قضى، ومنه لا تجزي نفس عن نفس شيئا أي: لا تقضي عنها، وقال ابن بري: الفقهاء يقولون "لا تجزئ" بالضم والهمزة في موضع لا تقضي، والصواب بالفتح وترك الهمزة، وقال: لكن يجوز الضم والهمزة بمعنى الكفاية، يقال: أجزأ عنك، وقال صاحب الأساس: بنو تميم يقولون: "البدنة تجزئ عن سبعة" بضم أوله، وأهل الحجاز: "تجزي" بفتح أوله، وبهما قرئ لا تجزي نفس عن نفس شيئا وفي هذا رد على من نقل الاتفاق على منع ضم أوله.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية