الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5287 وقال إبراهيم بن طهمان، عن شعبة، عن قتادة، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رفعت إلي السدرة، فإذا أربعة أنهار: نهران ظاهران ونهران باطنان، فأما الظاهران فالنيل والفرات، وأما الباطنان فنهران في الجنة، فأتيت بثلاثة أقداح: قدح فيه لبن، وقدح فيه عسل، [ ص: 188 ] وقدح فيه خمر، فأخذت الذي فيه اللبن فشربت، فقيل لي: أصبت الفطرة أنت وأمتك.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  إبراهيم بن طهمان بفتح الطاء المهملة، وسكون الهاء الهروي أبو سعيد، سكن نيسابور، ثم سكن مكة، مات سنة ستين ومائة، وتعليقه رواه الإسماعيلي، فقال: أخبرنا أبو حاتم مكي بن عبدان، وأبو عمران موسى العباس قالا: أخبرنا أحمد بن يوسف السلمي، أخبرنا محمد بن عقيل، أخبرنا حفص بن عبد الله، أنبأنا ابن طهمان به، ورواه أبو نعيم أيضا، حدثنا أبو بكر الآجري، أخبرنا عبد الله بن عباس الطيالسي، أخبرنا محمد بن عقيل، أخبرنا حفص بن عبد الله بن طهمان.

                                                                                                                                                                                  قوله: (رفعت) في رواية الأكثرين بضم الراء، وكسر الفاء، وفتح العين المهملة، وسكون التاء المثناة من فوق على صيغة المجهول.

                                                                                                                                                                                  قوله: (إلي) بتشديد الياء.

                                                                                                                                                                                  قوله: (السدرة) مرفوع بقوله رفعت، وفي رواية المستملي (دفعت) بالدال موضع الراء على صيغة المجهول للمتكلم، وقوله "إلى" حرف جر، والسدرة مجرور به، وهي سدرة المنتهى، سميت بها؛ لأن علم الملائكة ينتهي إليها.

                                                                                                                                                                                  قوله: (فإذا) كلمة مفاجأة.

                                                                                                                                                                                  قوله: (النيل) هو نهر مصر، وقال الكرماني: والفرات نهر بغداد.

                                                                                                                                                                                  قلت: ليس كذلك بل الفرات نهر الكوفة قاله الجوهري، وأصله من أطراف أرمينية، يأتي ويمر بأرض ملطية على مسيرة ميلين منها، ثم على سميساط، وقلعة الروم، والبيرة، وجسر منبج، وبالس، وقلعة حصير، والرقة، والرحبة، وقرقيسينا، وعانة، والحديثة، وهيت، والأنبار، ثم يمر بالطفوف، ثم بالحلة، ثم بالكوفة، وينتهي إلى البطائح، ويصب في البحر الشرقي، وأما نهر بغداد فهو دجلة يخرج من أصل جبل بقرب آمد، ثم يمتد إلى ميافارقين، ثم إلى حصن كيفا، ثم إلى جزيرة ابن عمر، ثم إلى الموصل، وينصب فيه الزابان، ومنهما يعظم إلى بغداد، ثم إلى واسط، ثم إلى البصرة، ثم ينصب في بحر فارس.

                                                                                                                                                                                  قوله: (فنهران في الجنة) قيل: هما السلسبيل والكوثر، وهما النهران الباطنان، وقال ابن بطال في حديث أنس: إذا بدلت الأرض ظهرا إن شاء الله تعالى.

                                                                                                                                                                                  قوله: (فأتيت) على صيغة المجهول.

                                                                                                                                                                                  قوله: (بثلاثة أقداح) وقد مر عن قريب أنه قدحان، فلا تنافي بينهما; لأن مفهوم العدد لا اعتبار له مع احتمال أن القدحين كانا قبل رفعه إلى سدرة المنتهى، والثلاثة بعده.

                                                                                                                                                                                  قوله: (قدح فيه لبن) يجوز في "قدح" الرفع والجر، أما الرفع فعلى أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره: أحدها قدح فيه لبن، وأما الجر فعلى أنه بيان لقوله بثلاثة أقداح، هو وما عطف عليه من قدحين، وكذلك الكلام في: "قدح فيه عسل وقدح فيه خمر".

                                                                                                                                                                                  قوله: (أصبت الفطرة) أي: علامة الإسلام والاستقامة.

                                                                                                                                                                                  قوله: (أنت) تأكيد للضمير الذي في أصبت.

                                                                                                                                                                                  قوله: (وأمتك) أي: ولتصب أمتك، وإعرابه كإعراب قوله تعالى: اسكن أنت وزوجك الجنة تقديره: وليسكن زوجك.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية