الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
926 18 - حدثنا محمد بن عرعرة قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13726سليمان ، عن مسلم البطين ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، nindex.php?page=hadith&LINKID=650916عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : nindex.php?page=treesubj&link=32858_30476_25561ما العمل في أيام العشر أفضل من العمل في هذه ، قالوا : ولا الجهاد ؟ قال : ولا الجهاد ، إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء .
مطابقته للترجمة ظاهرة ، إن كان المراد من قوله : "في هذه" أيام التشريق ، ( فإن قلت ) : المراد منه أيام العشر بدليل أن nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي روى الحديث المذكور من حديث nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، عن سعيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بلفظ : " nindex.php?page=hadith&LINKID=663058ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر " الحديث ، فحينئذ لا يكون الحديث مطابقا للترجمة ، ( قلت ) : يحتمل أن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري زعم أن قوله : "في هذه" إشارة إلى أيام التشريق ، وفسر العمل بالتكبير لكونه أورد الآثار المذكورة المتعلقة بالتكبير فقط . ( فإن قلت ) : الأكثرون من الرواة على أن قوله : "في هذه" على الإبهام إلا رواية nindex.php?page=showalam&ids=16846كريمة عن nindex.php?page=showalam&ids=15086الكشميهني : " nindex.php?page=hadith&LINKID=856856ما العمل في أيام العشر أفضل من العمل في هذه " ، ( قلت ) : هذا مما يقوي ما زعمه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، ( فإن قلت ) : رواية nindex.php?page=showalam&ids=16846كريمة شاذة مخالفة لما رواه nindex.php?page=showalam&ids=12002أبو ذر وهو من الحفاظ عن nindex.php?page=showalam&ids=15086الكشميهني شيخ nindex.php?page=showalam&ids=16846كريمة بلفظ : " nindex.php?page=hadith&LINKID=687627ما العمل في أيام أفضل منها في هذا العشر " ، وكذا أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، وغيره عن nindex.php?page=showalam&ids=16769غندر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة بالإسناد المذكور ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي في مسنده ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة فقال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=888257في أيام أفضل منه في عشر ذي الحجة " ، وكذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=14274الدارمي عن nindex.php?page=showalam&ids=12022سعيد بن الربيع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=12118أبو عوانة ، nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان في صحيحيهما من حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر : " nindex.php?page=hadith&LINKID=934829ما من أيام أفضل عند الله من أيام عشر ذي الحجة " ، فظهر من هذا كله أن المراد بالأيام في حديث الباب أيام عشر ذي الحجة ، فعلى هذا لا مطابقة بين الحديث والترجمة ، ( قلت ) : الشيء يشرف بمجاورته للشيء الشريف ، وأيام التشريق تقع تلو أيام العشر ، وقد ثبت بهذا الحديث أفضلية أيام العشر ، وثبت أيضا بذلك أفضلية أيام التشريق ، وأيضا قد ذكرنا أن من جملة صنيع nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في جامعه أنه يضيف إلى ترجمة شيئا من غيرها لأدنى ملابسة بها .
( ذكر رجاله ) وهم ستة : الأول : محمد بن عرعرة بفتح العينين المهملتين وتكرير الراء وقد تقدم ، الثاني : nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة بن الحجاج ، الثالث : nindex.php?page=showalam&ids=13726سليمان [ ص: 291 ] الأعمش ، الرابع : nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بلفظ الفاعل من الإسلام وهو مسلم بن أبي عمران الكوفي والبطين بفتح الباء الموحدة وكسر الطاء المهملة وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره نون وهو صفة nindex.php?page=showalam&ids=17080لمسلم ، لقب بذلك لعظم بطنه ، الخامس : nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير وقد تكرر ذكره ، السادس : nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس .
( ذكر لطائف إسناده ) فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين ، وفيه العنعنة في أربعة مواضع ، وفيه أن شيخه بصري ، والثاني من الرواة بسطامي ، والبقية كوفيون ، وفيه أن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش يروي عن البطين بالعنعنة ، وفي رواية الطيالسي عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش : سمعت مسلما ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود من رواية nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش فقال : عن nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ، وأبي صالح ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، أما طريق nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد فقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=12118أبو عوانة من طريق nindex.php?page=showalam&ids=17170موسى بن أبي عائشة عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد فقال : عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر بدل عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وأما طريق nindex.php?page=showalam&ids=12045أبي صالح فقد رواها nindex.php?page=showalam&ids=12118أبو عوانة أيضا من طريق nindex.php?page=showalam&ids=17171موسى بن أعين ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش فقال : عن nindex.php?page=showalam&ids=12045أبي صالح ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، والمحفوظ في هذا حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وفيه اختلاف آخر عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش رواه nindex.php?page=showalam&ids=11816أبو إسحاق الفزاري عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش فقال : عن nindex.php?page=showalam&ids=16115أبي وائل ، عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني .
( ذكر من أخرجه غيره ) أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود في «الصيام" عن nindex.php?page=showalam&ids=16544عثمان بن أبي شيبة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي فيه عن هناد وقال : حسن صحيح غريب ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه فيه عن علي بن محمد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12156أبي معاوية .
( ذكر معناه ) قوله : " ما العمل " قال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال : العمل في أيام التشريق هو التكبير المسنون وهو أفضل من صلاة النافلة لأنه لو كان هذا الكلام حضا على الصلاة والصيام في هذه الأيام لعارضه ما قاله صلى الله عليه وسلم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=682222إنها أيام أكل وشرب " وقد نهى عن صيام هذه الأيام ، وهذا يدل على تفريغ هذه الأيام للأكل والشرب فلم يبق تعارض إذا عنى بالعمل التكبير ، ورد عليه بأن الذي يفهم من العمل عند الإطلاق العبادة ، وهي لا تنافي استيفاء حظ النفس من الأكل وسائر ما ذكر ، فإن ذلك لا يستغرق اليوم والليلة ، وقال الكرماني : العمل في أيام التشريق لا ينحصر في التكبير ، بل المتبادر منه إلى الذهن أنه هو المناسك من الرمي وغيره الذي يجتمع بالأكل والشرب مع أنه لو حمل على التكبير لم يبق لقوله بعده : "باب التكبير أيام منى" معنى ، ويكون تكرارا محضا ، ورد عليه بعضهم بأن الترجمة الأولى لفضل التكبير والثانية لمشروعيته أو صفته ، أو أراد تفسير العمل المجمل في الأولى بالتكبير المصرح به في الثانية فلا تكرار ، ( قلت ) : الذي يدل على فضل التكبير يدل على مشروعيته أيضا بالضرورة ، والمجمل والمفسر في نفس الأمر شيء واحد ، قوله : " منها ” أي من الأعمال "في هذه" أي في هذه الأيام أي في أيام التشريق على تأويل من أوله بهذا ، ولكن الذي يدل عليه رواية nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي أنها أيام العشر كما ذكرناه مبينا عن قريب ، قوله : " ولا الجهاد " أي ولا الجهاد أفضل منها وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=16024سلمة بن كهيل " nindex.php?page=hadith&LINKID=663058فقال رجل : ولا الجهاد " ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=16769غندر عند nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي قال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=856862ولا الجهاد في سبيل الله مرتين " ، قوله : " إلا رجل " فيه حذف أي إلا جهاد رجل ، قوله : " يخاطر بنفسه " جملة حالية أي يكافح العدو بنفسه وسلاحه وجواده فيسلم من القتل أو لا يسلم فهذه المخاطرة وهذا العمل أفضل من هذه الأيام وغيرها مع أن هذا العمل لا يمنع صاحبه من إتيان التكبير والإعلان به ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=15229المستملي : " nindex.php?page=hadith&LINKID=650916ولا الجهاد إلا من خرج يخاطر " ، قوله : " فلم يرجع بشيء ” أي من ماله ويرجع هو ، ويحتمل أن لا يرجع هو ولا ماله فيرزقه الله الشهادة وقد وعد الله عليها الجنة ، قيل : قوله : " فلم يرجع بشيء " يستلزم أنه يرجع بنفسه ولا بد ، ورد بأن قوله : "بشيء" نكرة في سياق النفي فتعم ما ذكر ، وقال الكرماني : "بشيء" أي لا بنفسه ولا بماله كليهما أو لا بماله إذ صدق هذه السالبة يحتمل أن يكون بعدم الرجوع وأن يكون بعدم المرجوع به ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12118أبي عوانة من طريق إبراهيم بن حميد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة بلفظ : " nindex.php?page=hadith&LINKID=697258إلا من عقر جواده وأهريق دمه " ، وله في رواية القاسم بن أبي أيوب : " nindex.php?page=hadith&LINKID=856866إلا من لا يرجع بنفسه ولا ماله " ، وفي طريق nindex.php?page=showalam&ids=16024سلمة بن كهيل فقال : "لا إلا أن لا يرجع" ، وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر : " nindex.php?page=hadith&LINKID=856868إلا من عفر وجهه في التراب " .
( ذكر ما يستفاد منه ) فيه nindex.php?page=treesubj&link=34479_7862تعظيم قدر الجهاد ، وتفاوت درجاته ، وأن الغاية القصوى فيه بذل النفس لله تعالى ، وفيه nindex.php?page=treesubj&link=24420تفضيل بعض الأزمنة على بعض كالأمكنة ، nindex.php?page=treesubj&link=1266وفضل أيام عشر ذي الحجة على غيرها من أيام السنة، وتظهر فائدة ذلك فيمن نذر الصيام أو علق عملا من الأعمال بأفضل الأيام ، فلو أفرد يوما منها تعين يوم عرفة لأنه على الصحيح أفضل أيام العشر [ ص: 292 ] المذكور ، فإن أراد أفضل أيام الأسبوع تعين يوم الجمعة جمعا بين حديث الباب وحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة مرفوعا : " خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة " رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي : لم يرد صلى الله عليه وسلم أن هذه الأيام خير من يوم الجمعة لأنه قد يكون فيها يوم الجمعة فيلزم تفضيل الشيء على نفسه ، ورد بأن المراد أن كل يوم من أيام العشر أفضل من غيره من أيام السنة ، سواء كان يوم الجمعة أم لا ، ويوم الجمعة فيه أفضل من يوم الجمعة في غيره لاجتماع الفضيلتين فيه والله أعلم .