الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1871 80 - حدثني عبد العزيز بن عبد الله قال : حدثني محمد بن جعفر ، عن حميد : أنه سمع أنسا رضي الله عنه يقول : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر من الشهر حتى نظن أن لا يصوم منه ، ويصوم حتى نظن أن لا يفطر منه شيئا ، وكان لا تشاء تراه من الليل مصليا إلا رأيته ، ولا نائما إلا رأيته .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من حيث إنه يذكر عن صومه صلى الله عليه وسلم ، وعن إفطاره على الوجه المذكور فيه .

                                                                                                                                                                                  ورجاله أربعة : عبد العزيز بن عبد الله بن يحيى أبو القاسم القرشي العامري الأويسي المدني ، وهو من أفراد البخاري ، ومحمد بن جعفر بن أبي كثير المدني ، وحميد الطويل البصري .

                                                                                                                                                                                  والبخاري أخرجه أيضا في صلاة الليل بهذا الإسناد بعينه ، وبعين هذا المتن ، وقد مضى الكلام فيه ، ونتكلم هنا لزيادة التوضيح ، وإن كان فيه تكرار فلا بأس به .

                                                                                                                                                                                  قوله ( حتى نظن ) فيه ثلاثة أوجه : الأول نظن بنون الجمع ، والثاني تظن بتاء المخاطب ، والثالث يظن بالياء آخر الحروف على بناء المجهول .

                                                                                                                                                                                  قوله ( أن لا يصوم ) بفتح همزة أن ، ويجوز في يصوم الرفع والنصب ؛ لأن أن إما ناصبة ولا نافية ، وإما مفسرة ولا ناهية .

                                                                                                                                                                                  قوله ( وكان لا تشاء تراه ) أي : كان النبي صلى الله عليه وسلم لا تشاء بتاء الخطاب ، وكذلك تراه ، وقوله ( إلا رأيته ) بفتح التاء ، ومعناه أن حاله صلى الله تعالى عليه وسلم في التطوع بالصيام والقيام كان يختلف ، فكان تارة يصوم من أول الشهر ، وتارة من وسطه ، وتارة من آخره ، كما كان يصلي تارة من أول الليل ، وتارة من وسطه ، وتارة من آخره ، فكان من أراد أن يراه في وقت من أوقات الليل قائما أو في وقت من أوقات النهار صائما ، فراقبه مرة بعد مرة ، فلا بد أن يصادفه قائما أو صائما على وفق ما أراد أن يراه ، وهذا معنى الخبر ، وليس المراد أنه كان يسرد الصوم ، ولا أنه كان يستوعب الليل قائما ، وقال الكرماني : كيف يمكن أنه متى شاء يراه مصليا ، ويراه نائما ، ثم قال : غرضه أنه كانت له حالتان يكثر هذا على ذاك مرة ، وبالعكس أخرى .

                                                                                                                                                                                  فإن قلت : يعارض هذا قول عائشة في الحديث الذي مضى قبله : وكان إذا صلى صلاة دام عليها ، وقوله الذي سيأتي في الرواية الأخرى : وكان عمله ديمة .

                                                                                                                                                                                  قلت : المراد بذاك ما اتخذه راتبا لا مطلق النافلة .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية