الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
1928 137 - حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16272أبو النعمان قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى ، عن عمرة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها قالت : nindex.php?page=hadith&LINKID=651892كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان [ ص: 147 ] فكنت أضرب له خباء فيصلي الصبح ثم يدخله فاستأذنت nindex.php?page=showalam&ids=41حفصة nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أن تضرب خباء فأذنت لها فضربت خباء ، فلما رأته nindex.php?page=showalam&ids=15953زينب ابنة جحش ضربت خباء آخر ، فلما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم رأى الأخبية فقال : ما هذا ؟ فأخبر فقال النبي صلى الله عليه وسلم آلبر nindex.php?page=treesubj&link=32765_2557_2558_32970_2562ترون بهن ؟ فترك الاعتكاف ذلك الشهر ثم اعتكف عشرا من شوال .
مطابقته للترجمة في ضرب nindex.php?page=showalam&ids=41حفصة nindex.php?page=showalam&ids=10771وزينب خباء في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم للاعتكاف .
nindex.php?page=showalam&ids=16272وأبو النعمان محمد بن الفضل السدوسي ، nindex.php?page=showalam&ids=17314ويحيى هو ابن سعيد الأنصاري ، وعمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية وقد مرت غير مرة .
والحديث أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا في الصوم عن nindex.php?page=showalam&ids=16475عبد الله بن يوسف ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=16967محمد بن سلام ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17011محمد بن فضيل ، وعن محمد بن مقاتل ، عن عبد الله ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي على ما سيأتي كله ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم فيه عن nindex.php?page=showalam&ids=17342يحيى بن يحيى ، وعن ابن أبي عمر ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=16023سلمة بن شبيب ، وعن عمرو بن سواد ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=16957محمد بن رافع ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=11997زهير بن حرب ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود فيه عن nindex.php?page=showalam&ids=16544عثمان بن أبي شيبة ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي فيه عن هناد ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي في الصلاة عن أبي داود الحراني ، وفي الاعتكاف عن محمد بن منصور ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=14390أحمد بن سليمان ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه في الصوم عن nindex.php?page=showalam&ids=12508أبي بكر بن أبي شيبة ، وفي ألفاظهم اختلاف والمعنى متقارب .
" ذكر معناه " قوله : " عن عمرة " وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي التي تأتي في أواخر الاعتكاف " عن يحيى بن سعيد ، حدثتني عمرة بنت عبد الرحمن " قوله : " عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة " وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12118أبي عوانة من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16700عمرو بن الحارث ، " عن يحيى بن سعيد ، عن عمرة حدثتني nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة " قوله : " خباء " بكسر الخاء المعجمة وبالمد هو الخيمة من وبر أو صوف ولا يكون من الشعر ، وهو على عمودين أو ثلاثة ويجمع على الأخبية نحو الخمار والأخمرة .
قوله : " فيصلي الصبح ثم يدخله " أي الخباء ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=17011ابن فضيل ، عن يحيى بن سعيد التي تأتي في باب الاعتكاف في شوال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=887274كان يعتكف في كل رمضان فإذا صلى الغداة دخل " واستدل به على أن مبدأ الاعتكاف من أول النهار ، وفيه خلاف يأتي .
قوله : " فاستأذنت nindex.php?page=showalam&ids=41حفصة nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أن تضرب خباء " فحفصة هو الفاعل nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة هو المفعول وكلمة أن مصدرية والأصل بأن تضرب أي : تضرب خباء ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي على ما يأتي " nindex.php?page=hadith&LINKID=887275فاستأذنته nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة فأذن لها وسألت nindex.php?page=showalam&ids=41حفصة nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أن تستأذن لها ففعلت " وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=17011ابن فضيل على ما يأتي : " nindex.php?page=hadith&LINKID=651900فاستأذنته nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أن تعتكف فأذن لها فضربت قبة فسمعت بها nindex.php?page=showalam&ids=41حفصة فضربت قبة " وزاد في رواية nindex.php?page=showalam&ids=16700عمرو بن الحارث : " لتعتكف معه " .
وهذا يشعر بأنها فعلت ذلك بغير إذن ولكن جاء في رواية nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة عند nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : " ثم استأذنته nindex.php?page=showalam&ids=41حفصة فأذن لها " .
قوله : " فلما رأته nindex.php?page=showalam&ids=15953زينب بنت جحش ضربت خباء " وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=17011ابن فضيل : وسمعت بها زينب فضربت قبة أخرى ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=16700عمرو بن الحارث : " فلما رأته زينب ضربت معهن وكانت امرأة غيورا " .
قوله : " فلما أصبح النبي صلى الله تعالى عليه وسلم رأى الأخبية " ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك التي بعد هذه : " nindex.php?page=hadith&LINKID=651893فلما انصرف إلى المكان الذي أراد أن يعتكف فيه إذا أخبية " وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=17011ابن فضيل : " nindex.php?page=hadith&LINKID=651900فلما انصرف من الغداة أبصر أربع قباب " يعني قبه له ، وثلاثا للثلاث ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي : " nindex.php?page=hadith&LINKID=887277وكان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إذا صلى انصرف إلى بنائه " أي : الذي بني له ليعتكف فيه ، ووقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12156أبي معاوية عند nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبي داود : " nindex.php?page=hadith&LINKID=887278فأمرت زينب بخبائها فضرب وأمر غيرها من أزواج النبي صلى تعالى الله عليه وسلم بخبائها فضرب " قال بعضهم : وهذا يقتضي تعميم الأزواج بذلك وليس كذلك .
وقد فسرت الأزواج في الروايات الأخرى nindex.php?page=showalam&ids=25بعائشة nindex.php?page=showalam&ids=41وحفصة nindex.php?page=showalam&ids=10771وزينب فقط وبين ذلك قوله في هذه الروايات : أربع قباب ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة عند nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=hadith&LINKID=887279فلما صلى الصبح إذا هو أربعة أبنية قال : لمن هذه ؟ قالوا : nindex.php?page=showalam&ids=25لعائشة nindex.php?page=showalam&ids=41وحفصة nindex.php?page=showalam&ids=10771وزينب انتهى ، قلت : هذا القائل كأنه نسي كلمة من هاهنا فإن من في قوله : من أزواج النبي صلى الله تعالى عليه وسلم للتبعيض فمن أين يأتي التعميم .
ومعنى قوله : " وأمر غيرها " أي : غير زينب وهي nindex.php?page=showalam&ids=41حفصة ، nindex.php?page=treesubj&link=34079قوله : " آلبر ترون بهن " الهمزة فيه للاستفهام على سبيل الإنكار ، والبر : هو الطاعة والخير ، وهو منصوب بلفظ ترون المعلوم من الرأي ، وبلفظ المجهول بمعنى تظنون ، ويجوز الرفع وإلغاء الفعل لأنه توسط بين المفعولين [ ص: 148 ] قاله الكرماني قلت : وجه النصب على أنه مفعول ترون مقدما ووجه الرفع ....... ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : " آلبر تقولون بهن " أي : تظنون ، والقول يطلق على الظن ، ووقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي : " nindex.php?page=hadith&LINKID=651904آلبر أردن بهذا " وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=17011ابن فضيل : " nindex.php?page=hadith&LINKID=651900ما حملهن على هذا آلبر ؟ انزعوها فلا أراها فنزعت " وكلمة ما استفهامية ، وقوله : " آلبر " بهمزة الاستفهام مرفوع على الابتداء وخبره محذوف تقديره آلبر يردنه .
قوله : " فلا أراها " الفاء يجوز أن تكون زائدة أي : لا أرى الأخبية المذكورة ، وقال ابن التين : الصواب حذف الألف من أراها لأنه مجزوم قلت : ليس كذلك ؛ لأنه نفي وليس بنهي .
قوله : " فترك الاعتكاف " وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12156أبي معاوية : " nindex.php?page=hadith&LINKID=659015فأمر بخبائه فقوض " بضم القاف وتشديد الواو المكسورة وفي آخره ضاد معجمة أي : نقض ، وقال القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض : إنما قال صلى الله عليه وسلم هذا الكلام إنكارا لفعلهن ؛ لأنه خاف أن يكن غير مخلصات في الاعتكاف بل أردن القرب منه والمباهاة به ؛ ولأن المسجد يجمع الناس ويحضره الأعراب والمنافقون وهن محتاجات إلى الدخول والخروج فيبتذلن بذلك ؛ ولأنه صلى الله عليه وسلم إذا رآهن عنده في المسجد فصار كأنه في منزله بحضوره مع أزواجه ، وذهب nindex.php?page=treesubj&link=2555المقصود من الاعتكاف وهو التخلي عن الأزواج ومتعلقات الدنيا ، أو لأنهن ضيقن المسجد بأخبيتهن ونحوها .
قوله : " فترك الاعتكاف " إلى آخره ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=17011ابن فضيل : " nindex.php?page=hadith&LINKID=887280فلم يعتكف في رمضان حتى اعتكف في آخر العشر من شوال " وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12156أبي معاوية : " nindex.php?page=hadith&LINKID=887281حتى اعتكف في العشر الأول من شوال " والتوفيق بين الروايتين هو أن المراد بقوله : " آخر العشر من شوال " انتهاء اعتكافه ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي : فيه دليل على جواز nindex.php?page=treesubj&link=2568الاعتكاف بغير صوم لأن أول شوال هو يوم الفطر وصومه حرام قلت : ليس فيه دليل لما قاله لأن المراد من قوله : " اعتكف في العشر الأول " أي : كان ابتداؤه في العشر الأول فإذا اعتكف من اليوم الثاني من شوال يصدق عليه أنه ابتدأ في العشر الأول واليوم الأول منه يوم أكل وشرب ، ويقال : كما ورد في الحديث ، nindex.php?page=treesubj&link=2555والاعتكاف هو التخلي للعبادة فلا يكون اليوم الأول محلا له بالحديث .
( ذكر ما يستفاد منه ) : فيه في قوله : " nindex.php?page=hadith&LINKID=651892فيصلي الصبح ثم يدخله " احتجاج من يقول nindex.php?page=treesubj&link=2558يبدأ بالاعتكاف من أول النهار وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ، nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث في أحد قوليه ، واختاره nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر وذهبت الأربعة nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي إلى جواز دخوله قبيل الغروب إذا أراد اعتكاف عشر أو شهر ، وأولوا الحديث على أنه دخل المعتكف وانقطع فيه ، وتخلى بنفسه بعد صلاة الصبح ؛ لأن ذلك وقت ابتداء الاعتكاف أول الليل ولم يدخل الخباء إلا بعد ذلك ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور : إن أراد الاعتكاف عشر ليالي دخل قبل الغروب ، وهل يبيت ليلة الفطر في معتكفه ولا يخرج منه إلا إذا خرج لصلاة العيد فيصلي وحينئذ يخرج إلى منزله ، أو يجوز له أن يخرج عند الغروب من آخر يوم من شهر رمضان ، قولان للعلماء : الأول : قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ، وغيرهما وسبقهم nindex.php?page=showalam&ids=12134أبو قلابة وأبو مجلز واختلف أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك إذا لم يفصل هل يبطل اعتكافه أم لا يبطل ؟ قولان ، وذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي، nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث ، nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي في آخرين إلى أنه يجوز خروجه ليلة الفطر ، ولا يلزمه شيء ، وفيه أن nindex.php?page=treesubj&link=2563المسجد شرط للاعتكاف لأن النساء شرع لهن الاحتجاب في البيوت ، فلو لم يكن المسجد شرطا ما وقع ما ذكر من الإذن والمنع ، وقال إبراهيم بن عبلة في قوله : " آلبر يردن " دلالة على أنه ليس لهن الاعتكاف في المسجد إذ مفهومه ليس ببر لهن ، وقال بعضهم : وليس ما قاله بواضح ، قلت : بلى هو واضح لأنه إذا لم يكن برا لهن يكون فعله غير بر ، أي غير طاعة وارتكاب غير الطاعة حرام ، ويلزم من ذلك عدم الجواز .
وفيه جواز ضرب الأخبية في المسجد ، وفيه nindex.php?page=treesubj&link=17944شؤم الغيرة لأنها ناشئة عن الحسد المفضي إلى ترك الأفضل لأجله ، وفيه ترك الأفضل إذا كان فيه مصلحة وأن من خشي على عمله الرياء جاز له تركه وقطعه .
وقال بعضهم : وفيه أن nindex.php?page=treesubj&link=2571الاعتكاف لا يجب بالنية ، وأما قضاؤه صلى الله عليه وسلم له فعلى طريق الاستحباب ؛ لأنه كان إذا عمل عملا أثبته ؛ ولهذا لم ينقل أن نساءه اعتكفن معه في شوال انتهى . قلت : قوله : إن الاعتكاف لا يجب بالنية ليس بمقتصر على الاعتكاف بل كل عمل ينوي الشخص أن يعمله لا يلزمه بمجرد النية ، بل إنما يلزمه بالشروع .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي : اختلف [ ص: 149 ] أهل العلم في nindex.php?page=treesubj&link=2557المعتكف إذا قطع اعتكافه قبل أن يتمه على ما نوى فقال بعض أهل العلم : إذا نقض اعتكافه وجب عليه القضاء واحتجوا بالحديث ، وهو الحديث الذي رواه عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس قال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=663102كان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان فلم يعتكف عاما ، فلما كان في العام المقبل اعتكف عشرين " ثم قال : هذا حديث حسن صحيح غريب وانفرد به ، وقال : nindex.php?page=hadith&LINKID=651893إنه صلى الله تعالى عليه وسلم خرج من اعتكافه فاعتكف عشرا من شوال ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس .
قلت : ما وجه استدلالهم بهذا الحديث في وجوب القضاء ، وفي الحديث المذكور يقول صريحا : فلم يعتكف عاما ، فلما كان في العام المقبل اعتكف عشرين فإذا لم يعتكف كيف يستدل به على وجوب القضاء ، والظاهر أن اعتكافه صلى الله تعالى عليه وسلم لم يكن في العام المقبل إلا لأنه قد عزم عليه ، ولكنه لم يعتكف ثم وفى لله عز وجل بما نواه من فعل الخير واعتكف في شوال ، وهو اللائق في حقه ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : غير نكير أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قضى الاعتكاف من أجل أنه نوى أن يعمله ، وإن لم يدخل فيه لأنه كان أوفى الناس لربه فيما عاهده عليه ، وقال شيخنا رحمه الله : وعلى تقدير شروعه ففيه دليل على جواز nindex.php?page=treesubj&link=2587_2628_2586_2629خروج المعتكف المتطوع من اعتكافه .
وقد اختلف العلماء في ذلك فقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في الموطأ : المتطوع في الاعتكاف والذي عليه الاعتكاف أمرهما سواء فيما يحل لهم ، ويحرم عليهما قال : ولم يبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اعتكافه إلا تطوعا ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : قوله هذا قول جماهير العلماء ؛ لأن الاعتكاف وإن لم يكن واجبا إلا على من نذره فإنه يجب بالدخول فيه كالصلاة النافلة والحج والعمرة .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : وفي الحديث أن nindex.php?page=treesubj&link=32970المرأة لا تعتكف حتى تستأذن زوجها ، وأنها إذا اعتكفت بغير إذنه كان له أن يخرجها ، وإن كان بإذنه فله أن يرجع فيمنعها ، وعن أهل الرأي إذا أذن لها الزوج ثم منعها أثم بذلك وامتنعت ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : ليس له ذلك ، وهذا الحديث حجة عليهم . قلت : كيف يكون الحديث حجة عليهم ، وليس فيه ما ذكره من ذلك صريحا ، وليس فيه إلا ما ذكر من استئذان nindex.php?page=showalam&ids=41حفصة من nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة في ضرب الخباء وإذن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة لها بذلك ، وضربت زينب خباء آخر من غير استئذان من أحد .
وفيه إنكاره صلى الله عليه وسلم عليهن بذلك ، ووجه إنكاره ما ذكرناه عن القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض عن قريب ، وليس فيه ما يدل على ما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر على ما لا يخفى على المتأمل .
وقال بعضهم : وفيه جواز الخروج من الاعتكاف بعد الدخول فيه ، وأنه لا يلزم بالنية ولا بالشروع فيه أي : لا يلزم الاعتكاف بالشروع فيه ، ويستنبط منه سائر التطوعات خلافا لمن قال باللزوم ، انتهى .
قلت : ليس في الحديث ما يدل على ما ذكره ؛ لأن الحديث لا يدل على أنه صلى الله عليه وسلم دخل في الاعتكاف ثم خرج منه غاية ما في الباب أنه بطل الاعتكاف في ذلك الشهر يدل عليه قوله : فترك الاعتكاف ذلك الشهر ، وقوله : ولا بالشروع فيه ، أي : لا يلزم الاعتكاف بالشروع فيه دعوى من الخارج ، والحديث لا يدل عليه وكيف لا يلزم بالشروع في عبادة ، والقول بذلك يؤدي إلى إبطال العمل ، وقد قال الله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=33ولا تبطلوا أعمالكم وقوله : ويستنبط منه غير مسلم لأن الذي ذكره لا يدل عليه الحديث ، وكيف يستنبط منه عدم لزوم سائر التطوعات ؛ لأن الاستنباط لا يكون إلا من دليل صحيح فافهم .