الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
8772 - من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله حرم الله عليه النار (حم م ت) عن عبادة- (صح)

التالي السابق


(من شهد أن لا إله إلا الله) (وأن محمدا رسول الله حرم الله عليه النار) أداة الحصر لقصر الصفة على الموصوف قصر إفراد لأن معناه: الألوهية منحصرة في الله الواحد في مقابلة من يزعم اشتراك غيره معه، وليس قصر قلب؛ لأن أحدا من الكفار لم ينفها عن الله وإنما أشرك معه غيره ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله (وأن محمدا رسول الله) صادقا من قلبه كما قيد به في أخبار أخر، وزعم أن "شهد" بمعنى صدق بقلبه فلا يحتاج إلى تقدير غير مرضي؛ لأنه حينئذ إما أن يكون بمعنى صدق مجردا عن الإقرار باللسان أو معه، فالأول يستلزم محذورا آخر وهو أن يكون المصدق بقلبه الذي لم يقر بلسانه بلا عذر مؤمنا، إذ لا يدخلها إلا مؤمن وليس كذلك، والثاني يستلزم الجمع بين المعنيين المختلفين بلفظ واحد وهو ممنوع، ذكره بعض الكاملين (حرم الله عليه النار) أي نار الخلود، وإذا تجنب الذنوب أو تاب أو عفي عنه، وظاهره يقتضي عدم دخول جميع من شهد الشهادتين النار لما فيه من التعميم، لكن قامت الأدلة القطعية على أن طائفة من عصاة الموحدين يعذبون ثم يخرجون بالشفاعة، فعلم أن ظاهره غير مراد فكأنه قال: إن ذلك مقيد بمن عمل صالحا، أو فيمن قالها تائبا ثم مات على ذلك، أو أن ذلك قبل نزول الفرائض والأوامر والنواهي، أو خرج مخرج الغالب؛ إذ الغالب أن الموحد يعمل الطاعة ويجتنب المعصية، وجاء في أحاديث مرت ويأتي بعضها تقييد ذلك بقوله الشهادة مخلصا، قال الحكيم: والإخلاص أن تخلص إيمانك حتى لا تفسده شهوات نفسك

[تنبيه] قال محقق: قد يتخذ نحو هذا الحديث البطلة والإباحية ذريعة إلى طرح التكاليف ورفع الأحكام وإبطال الأعمال ظانين أن الشهادة كافية في الخلاص، وذا يستلزم طي بساط الشريعة، وإبطال الحدود والزواجر السمعية، ويوجب كون الترغيب في الطاعة والتحذير من المعصية غير متضمن طائلا وبالأصل باطلا، بل يقتضي الانخلاع من ربقة التكليف، والانسلال عن قيد الشريعة، والخروج عن الضبط، والولوج في الخيط، وترك الناس سدى من غير مانع ولا دافع، وذلك مفض إلى خراب الدنيا والأخرى، قيل: وفيه أن مرتكب الكبيرة لا يخلد في النار، واعترض بأن المسألة قطعية والدليل ظني

(حم م ت عن عبادة) بن الصامت، حدث به وهو في الموت، وذكر أنه لو لم يصل إلى تلك الحالة لما حدث به ضنا به.



الخدمات العلمية