الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
9840 - لا تقبل صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول (م ت هـ) عن ابن عمر - (صح)

التالي السابق


(لا تقبل) بالضم على البناء لما لم يسم فاعله، وفي رواية لأحمد وغيره: لا يقبل الله (صلاة بغير طهور) بضم الطاء على الأشهر؛ لأن المراد به المصدر، أي تطهير، والمراد ما هو أعم من الوضوء والغسل، وبالقبول هنا ما يرادف الصحة، وهو الإجزاء، ولهذا قال بعض المحققين: القبول حصول الثواب على الفعل الصحيح، والصحة وقوع الفعل مطابقا للأمر، وكل مقبول صحيح ولا عكس، فالقبول مستلزم للصحة لا العكس، ونفى الأخص وإن كان لا يستلزم نفي الأعم، لكن المراد بعدم القبول هنا ما يشمل عدم الصحة، وذكر الطهور في سياق النفي ليعم كل صلاة ولو نفلا وجنازة وسجدة تلاوة وشكر، وفيه أن طهارة الحدث والنجس شرط لكل ذلك، لكن محله في القادر عليها، فالعاجز عنها يصلي محدثا وبالنجس ويعيد، وقول الخطابي : "فيه اشتراط الطهر للطواف، لأن المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم سماه صلاة" تعقبه اليعمري بأن المشبه لا يقوى قوة المشبه به من كل وجه (ولا صدقة من غلول) بضم المعجمة: مما أخذ من جهة غلول، أي خيانة في غنيمة أو نحو سرقة أو غصب، فالغلول مصدر أطلق على اسم المفعول، فالمعنى: لا تقبل صدقة من مال مغلول نظير هذا خلق الله أي مخلوقه، و "من" على هذا للتبعيض، أو لبيان الجنس، أو بمعنى الباء كما في ينظرون من طرف خفي ويحتمل كون الغلول مصدرا على بابه، ويكون "من" لابتداء الغاية، أي: لا يقبل صدقة مبدؤها ومنشؤها غلول، والأول أقرب، ذكره الولي العراقي، وذكر الصدقة في سياق النفي ليعم الواجبة والمندوبة، فلو سرق مالا وأخرجه عن زكاته أو عبدا فأعتقه عن كفارته لم يجزئه، وإن أرضى صاحب المال والقن بعد، لفقد شرط الصحة وهو حل المال، فالصدقة بحرام في عدم القبول واستحقاق العقاب كالصلاة بغير طهور، ذكره ابن العربي، قال العراقي: وقضيته أنه لا يقبل لا عن المتصدق ولا عن صاحبه وإن نواه عنه، لكن ذكروا أنه إذا مات المغصوب منه بلا وارث وتعذر دفعه لقاض أمين يتصدق به الغاصب على الفقراء بنية الغرامة إن وجده، فتستثنى هذه الصورة، ووجه الجمع بين هاتين الجملتين في الحديث أن الصلاة والصدقة قرينتان في القرآن، والطهارة شرط الصلاة، وانتفاء الحرام شرط المال المتصدق به، ذكره جمع، وقال الطيبي: قرن عدم قبول الصدقة من حرام بعد عدم قبول الصلاة بدون وضوء إيذانا بأن التصدق تزكية النفس من الأوضار وطهارة لها كما أن الوضوء كذلك، ومن ثم صرح بلفظ الطهور، وهو المبالغة في الطهر، وهذا الحديث رواه أيضا الشيرازي في الألقاب عن طلحة بزيادة قرينة ثالثة ولفظه " لا يقبل الله صلاة إمام حكم بغير ما أنزل الله، ولا صلاة عبد بغير طهور، ولا صدقة من غلول "

[تنبيه] قال ابن حجر في شرح الترمذي : في بعض الروايات الصحيحة: من غير طهور، فيحتمل أن تكون فيه "من" للتبيين، نظير التي في الجملة الأخرى وهي: ولا صدقة من غلول، ويحتمل أن يكون "من" فيه مرادفة الباء كما قال ابن يونس النحوي، ومما يؤكد هذا صحة الروايتين معا: تارة بالباء وتارة بـ "من"، والقصة واحدة، فدل على الترادف اهـ.

(م) في الطهارة (ت هـ عن ابن عمر) بن الخطاب، ولم يخرجه البخاري ؛ لأن مداره على سماك بن حرب ، وهو لا يخرج عنه لكونه ليس من شروطه، وسببه كما في مسلم عن مصعب بن سعد قال: دخل ابن عمر على ابن عامر يعوده وهو مريض، فقال: ألا تدعو الله يا ابن عمر ؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره، يعني: إنك غير سالم من الغلول لكونك كنت عامل البصرة، فلا يقبل الله الدعاء لك، وقصده بذلك زجره، وظاهر كلام المصنف أنه لم يخرجه من الستة إلا الثلاثة، وليس كذلك، فقد قال ابن محمود شارح أبي داود: رواه الجماعة كلهم إلا البخاري ، ورواه سعيد بن منصور في سننه عن ابن عمر موقوفا وزاد: ولا نفقة من ربا.



الخدمات العلمية