الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              4629 [ ص: 432 ] 2 - باب: قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم [ التحريم: 2]

                                                                                                                                                                                                                              4913 - حدثنا عبد العزيز بن عبد الله، حدثنا سليمان بن بلال، عن يحيى، عن عبيد بن حنين أنه سمع ابن عباس - رضي الله عنهما - يحدث أنه قال: مكثت سنة أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن آية، فما أستطيع أن أسأله ; هيبة له، حتى خرج حاجا فخرجت معه فلما رجعت وكنا ببعض الطريق عدل إلى الأراك لحاجة له -قال- فوقفت له حتى فرغ، سرت معه فقلت: يا أمير المؤمنين من اللتان تظاهرتا على النبي - صلى الله عليه وسلم - من أزواجه؟ فقال: تلك حفصة وعائشة. قال: فقلت: والله إن كنت لأريد أن أسألك عن هذا منذ سنة، فما أستطيع، هيبة لك. قال: فلا تفعل، ما ظننت أن عندي من علم فاسألني، فإن كان لي علم خبرتك به قال: ثم قال عمر: والله إن كنا في الجاهلية ما نعد للنساء أمرا، حتى أنزل الله فيهن ما أنزل وقسم لهن ما قسم قال: فبينا أنا في أمر أتأمره إذ قالت امرأتي: لو صنعت كذا وكذا قال: فقلت لها: ما لك ولما ها هنا فيما تكلفك في أمر أريده؟ فقالت لي: عجبا لك يا ابن الخطاب، ما تريد أن تراجع أنت، وإن ابنتك لتراجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يظل يومه غضبان. فقام عمر فأخذ رداءه مكانه حتى دخل على حفصة فقال لها: يا بنية، إنك لتراجعين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يظل يومه غضبان؟ فقالت حفصة: والله إنا لنراجعه. فقلت: تعلمين أني أحذرك عقوبة الله وغضب رسوله - صلى الله عليه وسلم - يا بنية لا يغرنك هذه التي أعجبها حسنها حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياها -يريد عائشة- قال: ثم خرجت حتى دخلت على أم سلمة لقرابتي منها فكلمتها. فقالت أم سلمة: عجبا لك يا ابن الخطاب دخلت في كل شيء، حتى تبتغي أن تدخل بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأزواجه. فأخذتني والله أخذا كسرتني عن بعض ما كنت أجد، فخرجت من عندها، وكان لي صاحب من الأنصار [ ص: 433 ] إذا غبت أتاني بالخبر، وإذا غاب كنت أنا آتيه بالخبر، ونحن نتخوف ملكا من ملوك غسان، ذكر لنا أنه يريد أن يسير إلينا، فقد امتلأت صدورنا منه، فإذا صاحبي الأنصاري يدق الباب فقال: افتح افتح. فقلت: جاء الغساني؟ فقال: بل أشد من ذلك. اعتزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أزواجه. فقلت: رغم أنف حفصة وعائشة. فأخذت ثوبي فأخرج حتى جئت فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مشربة له يرقى عليها بعجلة، وغلام لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسود على رأس الدرجة فقلت له: قل: هذا عمر بن الخطاب. فأذن لي -قال عمر: -، فقصصت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا الحديث، فلما بلغت حديث أم سلمة تبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنه لعلى حصير ما بينه وبينه شيء، وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف، وإن عند رجليه قرظا مصبوبا، وعند رأسه أهب معلقة فرأيت أثر الحصير في جنبه فبكيت، فقال: " ما يبكيك؟". فقلت: يا رسول الله، إن كسرى وقيصر فيما هما فيه، وأنت رسول الله. فقال: " أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة؟". [ انظر:89 - مسلم:1479 - فتح: 8 \ 657]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث ابن عباس بطوله، وقد سلف في باب الغرفة والعلية أطول منه فراجعه.

                                                                                                                                                                                                                              وسلف في العلم أيضا.

                                                                                                                                                                                                                              وأخرجه في النكاح واللباس وخبر الواحد، وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 434 ] وقوله: ( لا تغرنك هذه التي أعجبها حسنها حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياها- يريد عائشة ) كذا هو بالرفع فيهما أعني: ( حسنها ) و ( حب ) بخط الدمياطي، وقال في ( حب ): كذا. وقال ابن التين: يقرأ: حسنها بالضم ; لأنه فاعل و ( حب ) بالنصب ; لأنه مفعول من أجله. أي: أعجبها حسنها لأجل حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياها.

                                                                                                                                                                                                                              والمشربة: شبه الغرفة بفتح الراء وضمها.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: ( يرقى إليها بعجلة ) يريد: الخشب. وقال ابن فارس : العجلة: خشبة معترضة على نعامة البئر.

                                                                                                                                                                                                                              والقرظ -بالظاء- ورق السلم يدبغ به الأديم. يقال: أدم مقروظ.

                                                                                                                                                                                                                              والمصبور -بالصاد المهملة- المجموع، ووقع بالمعجمة أيضا. قال النووي: وكلاهما صحيح.

                                                                                                                                                                                                                              والأهب بفتح الهمزة والهاء وضمهما لغتان مشهورتان، وهو جمع إهاب: وهو الجلد، وقيل: قبل أن يدبغ.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية