الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
712 [ 448 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا مالك بن أنس، عن يحيى بن سعيد، عن رزيق بن حكيم [أن] عمر بن عبد العزيز كتب إليه: انظر من مر بك من المسلمين فخذ بما ظهر من أموالهم من التجارات من كل أربعين دينارا دينارا، فما نقص فبحساب حتى يبلغ عشرين دينارا، فإن نقصت ثلث دينار فدعها ولا تأخذ منها شيئا .

التالي السابق


الشرح

عبد الله بن أبي سلمة الماجشون مولى المنكدر ووالد عبد العزيز، ويقال: أن اسم أبي سلمة ميمون.

[ ص: 151 ] روى عبد الله عن: عبد الله بن عبد الله بن عمر، والنعمان بن أبي عياش، ومعاذ بن عبد الرحمن.

وروى عنه: يحيى بن سعيد الأنصاري، وبكير بن الأشج .

وأبو عمرو : هو ابن حماس بن عمرو الليثي.

روى عن: أبيه.

وروى عنه: عبد الله بن أبي سلمة.

وأبوه: حماس بن عمرو، يعد في أهل المدينة.

روى عن: عمر -رضي الله عنه- .

ورزيق -بتقديم الراء على الزاي- هو ابن حكيم -بضم الحاء- الأيلي مولى بني فزارة.

روى عن: القاسم بن محمد، وسعيد بن المسيب، وعمر بن عبد العزيز، ويقال أنه ولي لعمر.

روى عنه: مالك بن أنس، ويونس الأيلي، وابنه حكيم بن زريق .

وقوله: "وعلى عنقي آدمة" الآدمة جمع أديم كرغيف وأرغفة والأشهر في جمعه الأدم.

وآهبة جمع إهاب كآلهة وإله، ذكره الأزهري، والأشهر في جمعه [ ص: 152 ] الأهب والأهب.

والأثر يدل على وجوب الزكاة في أموال التجارة، إذ لا زكاة في عين الأديم بالاتفاق، وإلى وجوبها ذهب أكثر العلماء ويروى عن سمرة بن جندب أنه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نعد للبيع .

وقوله: "فحسبها فوجدها قد وجبت فيها الزكاة" يريد أنها قد بلغت نصابا، ثم الكناية يجوز أن تعود إلى الآدمة التي كان يحملها ويجوز أن ترجع إليها وإلى الآهبة جميعا، لكن أهل اللغة قالوا: الإهاب: الجلد ما لم يدبغ لا قيمة له قبل أن يدبغ فيحتاج اللفظ إلى التأويل على هذا التقدير.

وأما عدم التعرض للحول والبحث عنه فيحتمل أنه عرف أن حوله قد تم; ولذلك قال: "ألا تؤدي زكاتك" ويحتمل أن يقال: قوله: فحسبها؛ أي: قدرا ووقتا، ويحتمل أنه تعجل الزكاة، وفيه أن للإمام أن يطالب بزكاة الأموال الباطنة ويتفحص عن المال هل هو نصاب.

ثم أيد الأثر عن عمر بالأثر عن ابن عمر ويروى مثله عن عائشة وابن عباس، ثم استأنس بالأثر عن عمر بن عبد العزيز، ورواه الشافعي في بعض كتبه عن رزيق بن حيان وكذلك هو في الموطأ، ورزيق [ ص: 153 ] هذا رجل آخر يروي عن مسلم بن قرظة، ويقال أن اسمه سعيد وأن رزيقا لقب وأنه يكنى أبا المقدام الفزاري، وعن يحيى بن معين أن رزيقا هذا أقدم من رزيق بن حكيم وأنه كان واليا لعمر بن عبد العزيز، وربما رويا جميعا ذلك عنه، وسمع منهما يحيى بن سعيد.

وقوله: "من كل أربعين دينارا" ليحمل ذلك على ما إذا كان المال يقوم بالدنانير إما لأنها رأس المال أو لأنها النقد الغالب، فأما إذا كان رأس المال الدراهم فيكون التقويم بها.

وقوله: "فما نقص فبحساب" يعني بحساب الدينار من الأربعين.

وقوله: "حتى يبلغ عشرين" أي: يعود في النقصان إلى عشرين.

وقوله: "فإن نقصت ثلث دينار" أي بثلث، ثم ذكر الثلث يحتمل أن يكون على سبيل المثال، ويحتمل أن يكون تقديرا وعليه يدل كلام الشافعي، وعلى هذا فلعل العشرين كانت تروج رواج التام إذا نقصت هذا القدر، فإن زاد النقصان لم ترج رواج التام، ويكون ذلك كما روي عن مالك أن النقصان القليل في النصاب لا يمنع وجوب الزكاة إذا كانت تروج رواج التام.




الخدمات العلمية