الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
824 الأصل

[ 575 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا مالك، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن خلاد بن السائب الأنصاري، عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أتاني جبريل عليه السلام فأمرني أن آمر أصحابي أو من معي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية أو بالإهلال يريد أحدهما .

التالي السابق


الشرح

عبد الملك بالنسب المذكور مخزومي مديني.

سمع: أباه، وأبا هريرة. وروى عنه: الزهري، وابن جريج، ومحمد وعبد الله ابنا أبي بكر بن حزم، وعبد الرحمن بن حميد [ ص: 300 ] .

مات في أول خلافة هشام بن عبد الملك .

وخلاد: هو ابن السائب بن خلاد الأنصاري من بلحارث بن الخزرج.

روى عنه: عبد الملك بن أبي بكر، وعطاء بن يسار .

وأبوه السائب بن خلاد بن سويد بن ثعلبة بن عمرو بن حارثة بن امرئ القيس الأنصاري من بلحارث بن الخزرج، يكنى أبا سهلة.

روى عنه: ابنه خلاد بن السائب، وعطاء بن يسار.

توفي سنة إحدى وتسعين كذلك حكاه أبو عبد الله بن منده عن الواقدي، وعد السائب وابنه خلاد معا في الصحابة .

والحديث مودع في الموطأ وأخرجه أبو داود عن القعنبي عن مالك، والترمذي عن أحمد بن منيع عن ابن عيينة عن عبد الله بن أبي بكر وقال: إنه حديث حسن صحيح، هذا وفي كيفية روايته اختلاف كثير: فرواه مالك وابن عيينة كما قدمنا ووافقهما ابن جريج، وذكر البخاري في التاريخ أن موسى بن عقبة رواه عن عبد الله بن أبي لبيد، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب، عن خلاد بن السائب، عن زيد بن خالد [ ص: 301 ] الجهني عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأن محمد بن يوسف رواه عن سفيان -يعني الثوري- عن عبد الله بن أبي بكر، عن خلاد بن السائب عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأن قبيصة رواه عن سفيان عن عبد الله بن أبي لبيد عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن خلاد بن السائب عن أبيه، وعن زيد بن خالد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وفي الباب عن أبي بكر الصديق، وعائشة، وابن عباس، وأبي هريرة رضي الله عنهم.

والحديث يدل على استحباب رفع الصوت بالتلبية، ولا ينبغي أن يبالغ فيه بحيث يجهده; وإنما يستحب الرفع للرجال وأما النساء فإنهن يقتصرن على إسماع أنفسهن ولا يجهرن بالتلبية كما لا يجهرن بالقراءة في الصلاة، روي عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال: المرأة لا ترفع صوتها بالتلبية ، واحتج له بقوله - صلى الله عليه وسلم -: التسبيح للرجال والتصفيق للنساء .

وقوله: "أن آمر أصحابي أو من معي" شك في اللفظ، ورواه ابن عيينة وغيره: "أن آمر أصحابي" بلا شك، قال الشافعي في الأم :

وفي الحديث دلالة على أن أصحابه هم الرجال دون النساء.

وكأن المراد من الأصحاب الذي يجري معهم الصحبة والمخالطة.

وقوله: "بالتلبية أو بالإهلال" يريد أحدهما يعني أنهما ليس أمرين [ ص: 302 ] مختلفين وإنما تردد الراوي في أنه ذكر هذه اللفظة أو هذه اللفظة، يبينه ما في سنن أبي داود فأمرني أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال أو قال: بالتلبية يريد أحدهما، وفي بعض الروايات ذكر التلبية وحدها، وفي بعضها ذكر الإهلال وحده، وورد في رواية ابن وهب عن مالك: "فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية أو بالإهلال أو أحدهما" وليحمل هذا على أن بعض الرواة شك في أن من فوقه قال بالتلبية أو بالإهلال فذكر اللفظين جميعا أو اقتصر على أحدهما، والله أعلم.




الخدمات العلمية