الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
وأوضح من ذلك في ذلك: حديث nindex.php?page=showalam&ids=16430عبد الله بن دينار، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر: nindex.php?page=hadith&LINKID=67471 "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الولاء وهبته" تفرد به nindex.php?page=showalam&ids=16430عبد الله بن دينار. وحديث nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس: nindex.php?page=hadith&LINKID=655361 "أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه المغفر". تفرد به nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري. فكل هذه مخرجة في الصحيحين مع أنه ليس لها إلا إسناد واحد تفرد به ثقة. وفي غرائب الصحيح أشباه لذلك غير قليلة.
وقد قال nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بن الحجاج: nindex.php?page=showalam&ids=12300 "للزهري نحو تسعين حرفا يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم، لا يشاركه فيها أحد، بأسانيد جياد". والله أعلم.
فهذا الذي ذكرناه وغيره من مذاهب أئمة الحديث يبين لك أنه ليس الأمر في ذلك على الإطلاق الذي أتى به الخليلي nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم، بل الأمر في ذلك على تفصيل نبينه فنقول:
إذا انفرد الراوي بشيء نظر فيه: فإن كان ما انفرد به مخالفا لما رواه من هو أولى منه بالحفظ لذلك وأضبط كان ما انفرد به شاذا مردودا، وإن لم يكن فيه مخالفة لما رواه غيره، وإنما هو أمر رواه هو ولم يروه غيره، فينظر في هذا الراوي المنفرد، فإن كان عدلا حافظا موثوقا بإتقانه وضبطه قبل ما انفرد به، ولم يقدح الانفراد فيه، كما فيما سبق من الأمثلة، وإن لم يكن ممن يوثق بحفظه وإتقانه لذلك الذي انفرد به كان انفراده به خارما له، مزحزحا له عن حيز الصحيح.
ثم هو بعد ذلك دائر بين مراتب متفاوتة بحسب الحال فيه، فإن كان المنفرد به غير بعيد من درجة الحافظ الضابط المقبول تفرده استحسنا حديثه ذلك، ولم نحطه إلى قبيل الحديث الضعيف، وإن كان بعيدا من ذلك رددنا ما انفرد به، وكان من قبيل الشاذ المنكر.
فخرج من ذلك أن nindex.php?page=treesubj&link=29114الشاذ المردود قسمان: أحدهما: الحديث الفرد المخالف، والثاني: الفرد الذي ليس في راويه من الثقة والضبط ما يقع جابرا لما يوجبه التفرد والشذوذ من النكارة والضعف، والله أعلم.
[ ص: 465 ] [ ص: 466 ] 63 - قوله: (وأوضح من ذلك في ذلك: حديث nindex.php?page=showalam&ids=16430عبد الله بن دينار، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر: nindex.php?page=hadith&LINKID=67471 "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الولاء وهبته" تفرد به nindex.php?page=showalam&ids=16430عبد الله بن دينار. وحديث nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس: nindex.php?page=hadith&LINKID=655361 "أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه المغفر" تفرد به nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري. فكل هذه مخرجة في الصحيحين مع أنه ليس لها إلا إسناد واحد) انتهى.
وفيه أمران:
أحدهما أن الحديث الأول - وهو حديث النهي عن بيع الولاء وهبته - [ ص: 467 ] قد روي من غير حديث nindex.php?page=showalam&ids=16430عبد الله بن دينار. رواه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي في كتاب (العلل المفردة) قال: "حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، حدثنا يحيى بن سليم، عن عبيد الله بن عمر، عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع، عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر" وذكره، ثم قال: "والصحيح عن nindex.php?page=showalam&ids=16430عبد الله بن دينار، nindex.php?page=showalam&ids=16430وعبد الله بن دينار قد تفرد بهذا الحديث عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر، ويحيى بن سليم أخطأ في حديثه".
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي أيضا في الجامع: "إن يحيى بن سليم وهم في هذا الحديث".
قلت: وقد ورد من غير رواية يحيى بن سليم، عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع، رواه nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي في (الكامل) فقال: "حدثنا عصمة بن بجماك البخاري، ثنا إبراهيم بن [ ص: 468 ] فهد، ثنا nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم، عن محمد بن دينار، عن يونس - يعني ابن عبيد - عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر" فذكره. أورده في ترجمة إبراهيم بن فهد بن حكيم، وقال: "لم أسمعه إلا من عصمة عنه" ثم قال: "وسائر أحاديث إبراهيم بن فهد مناكير، وهو مظلم الأمر" وحكى أيضا أن ابن صاعد كان إذا حدثنا عنه يقول: "حدثنا إبراهيم بن حكيم، ينسبه إلى جده لضعفه" انتهى.
والجواب عن المصنف أنه لا يصح أيضا إلا من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16430عبد الله بن دينار كما تقدم في حديث "الأعمال بالنيات" والله أعلم.
الأمر الثاني: أن حديث المغفر قد ورد من عدة طرق غير طريق nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: من رواية nindex.php?page=showalam&ids=12544ابن أخي الزهري، وأبي أويس [ ص: 469 ] عبد الله بن أبي عامر، nindex.php?page=showalam&ids=17124ومعمر، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي، كلهم عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري.
فأما رواية nindex.php?page=showalam&ids=12544ابن أخي الزهري عنه فرواها nindex.php?page=showalam&ids=13863أبو بكر البزار في مسنده. وأما رواية أبي أويس فرواها ابن سعد في الطبقات، وابن عدي في الكامل في ترجمة أبي أويس. وأما رواية nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر فذكرها nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي في الكامل. وأما رواية nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي فذكرها المزي في الأطراف. وقد بينت ذلك في شرح nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي.
[ ص: 470 ] وروى ابن مسدي في معجم شيوخه أن nindex.php?page=showalam&ids=12815أبا بكر بن العربي قال لأبي جعفر بن المرخي حين ذكر أنه لا يعرف إلا من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري: "قد رويته من ثلاثة عشر طريقا غير طريق nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك" فقالوا له: "أفدنا هذه الفوائد" فوعدهم ولم يخرج لهم شيئا. ثم تعقب ابن مسدي هذه الحكاية بأن شيخه فيها - وهو أبو العباس العشاب - كان متعصبا على ابن العربي؛ لكونه [ ص: 471 ] كان متعصبا على ابن حزم. فالله أعلم.