الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
[هل سمي الإسناد منقطعا إذا كان فيه مبهم] :

67 - قوله: (ص): "إذا قيل في الإسناد عن رجل أو عن شيخ ونحوه ، فالذي ذكره الحاكم أنه لا يسمى مرسلا بل منقطعا" .

فيه أمران:

أحدهما: أنه لم ينقل كلام الحاكم على وجهه بل أخل منه بقيد وذلك أن كلام الحاكم يشير إلى تفصيل فيه وهو: إن كان لا يروى إلا من طريق واحدة مبهمة فهو يسمى منقطعا، وإن روي من طريق مبهمة وطريق مفسرة ، فلا تسمى منقطعة لمكان الطريق المفسرة.

وذلك لأنه قال في نوع المنقطع : "وقد يروى الحديث وفي إسناده رجل ليس بمسمى فلا يدخل في المنقطع، مثاله: رواية سفيان الثوري عن داود بن أبي هند قال: حدثنا شيخ عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 562 ] "يأتي على الناس زمان يخير الرجل فيه بين العجز والفجور فمن أدرك ذلك الزمان فليختر العجز".

قال: ورواه وهب بن خالد وعلي بن عاصم عن داود بن أبي هند قال: حدثني رجل من جديلة يقال له: أبو عمرو عن أبي هريرة - رضي الله عنه - به.

قال الحاكم : "فهذا النوع الوقوف عليه متعذر إلا على الحفاظ المتبحرين".

قلت: فتبين بهذه الرواية المفسرة أنه لا انقطاع في رواية سفيان ، وأما إذا جاء في رواية واحدة مبهمة فلم يتردد الحاكم في تسميته منقطعا وهو قضية صنيع أبي داود في كتاب المراسيل وغيره.

الثاني: لا يخفى أن صورة المسألة أن يقع ذلك من غير التابعي، أما لو قال التابعي عن رجل، فلا يخلو إما أن يصفه بالصحبة أم لا، إن لم يصفه بالصحبة فلا يكون ذلك متصلا لاحتمال أن يكون تابعيا آخر، بل هو مرسل على بابه.

وإن وصفه بالصحبة، فقد حكى شيخنا كلام أبي بكر الصيرفي في ذلك وأقره . وفيه نظر; لأن التابعي إذا كان سالما من التدليس حملت عنعنته على [ ص: 563 ] السماع وإن قلت هذا إنما يتأتى في [حق] كبار التابعين الذين جل روايتهم عن الصحابة بلا واسطة، وأما صغار التابعين الذين جل روايتهم عن التابعين، فلا بد من تحقق إدراكه لذلك الصحابي والفرض أنه لم يسمه حتى يعلم هل أدركه أم لا؟

فينقدح صحة ما قال الصيرفي .

قلت: سلامته من التدليس كافية في ذلك إذ مدار هذا على قوة الظن به وهي حاصلة في هذا المقام - والله أعلم -.

التالي السابق


الخدمات العلمية