الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
2586 [ 1490 ] وعنه أنه كان يقول: nindex.php?page=hadith&LINKID=909771بئس الطعام طعام الوليمة يدعى له الأغنياء، ويترك المساكين، فمن لم يأت الدعوة، فقد عصى الله ورسوله.
وفي رواية مرفوعا إلى nindex.php?page=hadith&LINKID=659594النبي صلى الله عليه وسلم: " nindex.php?page=treesubj&link=18311_27441_33252شر الطعام طعام الوليمة يمنعها من يأتيها، ويدعى إليها من يأباها، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله".
رواه البخاري (5177)، ومسلم (1432)، وأبو داود (3742).
و (قوله: بئس الطعام طعام الوليمة ) وفي رواية: (شر الطعام) بدل (بئس). [ ص: 155 ] أكثر الرواة والأئمة على رواية هذا الحديث موقوفا على nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة . وقد انفرد برفعه زياد بن سعد عن nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( شر الطعام ...) وذكره. وهو ثقة إمام، وأيضا فمن وقفه ذكر فيه ما يدل: على أنه مرفوع؛ وذلك أنه قال فيه: (ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله) وظاهر هذا: الرفع؛ لأن الراوي لا يقول مثل هذا من قبل نفسه. وقد تبين في سياق الحديث أن nindex.php?page=treesubj&link=18318الجهة التي يكون فيها طعام الوليمة شر الطعام: إنما هي ترك الأولى. وذلك: أن الفقير هو المحتاج للطعام؛ الذي إن دعي سارع وبادر، ومع ذلك فلا يدعى. والغني غير محتاج، ولذلك قد لا يجيب، أو تثقل عليه الإجابة، ومع ذلك فهو يدعى، فكان العكس أولى. وهو: أن يدعى الفقير، ويترك الغني. ولا يفهم من هذا القول - أعني: الحديث -: تحريم ذلك الفعل؛ لأنه لا يقول أحد بتحريم إجابة الدعاء للوليمة فيما علمته؛ وإنما هذا مثل قوله صلى الله عليه وسلم: nindex.php?page=hadith&LINKID=932408 (شر صفوف الرجال آخرها، وخيرها أولها، وشر صفوف النساء أولها، وخيرها آخرها) فإنه لم يقل أحد: إن صلاة الرجل في آخر صف حرام، ولا صلاة النساء في أول صف حرام. وإنما ذلك من باب ترك الأولى. كما قد يقال عليه: مكروه، وإن لم يكن مطلوب الترك، على ما يعرف في الأصول. فإذا الشر المذكور هنا: قلة الثواب والأجر. والخير: كثرة الثواب والأجر.
[ ص: 156 ] ولذلك كره العلماء nindex.php?page=treesubj&link=18318اختصاص الأغنياء بالدعوة. ثم اختلفوا فيمن فعل ذلك: هل تجاب دعوته أم لا؟ فقال nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : لا تجاب. ونحوه يحيى بن حبيب من أصحابنا. وظاهر كلام nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وجوب الإجابة. ودعا nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر في وليمة: الأغنياء والفقراء، فأجلس الفقراء على حدة؛ وقال: ها هنا، لا تفسدوا عليهم ثيابهم، فإنا سنطعمكم مما يأكلون.
ومقصود هذا الحديث: الحض على دعوة الفقراء، والضعفاء، ولا تقصر الدعوة على الأغنياء، كما يفعل من لا مبالاة عنده بالفقراء من أهل الدنيا، والله تعالى أعلم.