الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                قاعدة الواجب الذي لا يتقدر : كمسح الرأس مثلا إذا زاد فيه على القدر المجزئ هل يتصف الجميع بالوجوب ؟ فيه خلاف بين أئمة الأصول والأكثر منهم على المنع . [ ص: 533 ] قال في شرح المهذب : إذا مسح جميع الرأس ففيه وجهان مشهوران أصحهما : أن الفرض منه ما يقع عليه الاسم والباقي سنة .

                والثاني : أن الجميع يقع فرضا ثم قال جماعة : الوجهان فيمن مسح دفعة واحدة أما من مسح متعاقبا كما هو الغالب فما سوى الأول سنة قطعا والأكثرون أطلقوا الوجهين ولم يفرقوا .

                ومن نظائر المسألة : ما لو طول القيام في الصلاة أو الركوع أو السجود فهل الواجب الكل أو القدر الذي يجزئ الاقتصار عليه ؟ أو أخرج بعيرا عن خمس من الإبل هل الواجب خمسه أو كله ؟ أو لزمه ذبح شاة فذبح بدنة فهل الواجب سبعها أو كلها ؟ فيه وجهان والأصح : أن الواجب القدر المجزئ ونظير فائدة الوجهين في المسح والإطالة : في تكثير الثواب فإن ثواب الواجب أكثر من ثواب النفل وفي الزكاة في الرجوع إذا عجل الزكاة ثم جرى ما يقتضي الرجوع فإنه يرجع في الواجب لا في النفل وفي هذا النذر : أنه يجوز الأكل من الأضحية والهدي المتطوع بهما لا من الواجب انتهى كلامه في باب الوضوء من شرح المهذب .

                وجزم بذلك في التحقيق فيه ، وفي الروضة في باب الأضحية إلا أنه لم يذكر بعير الزكاة وصححه فيها أيضا في باب الدماء بالنسبة إلى ذبح البقرة والبدنة عن الشاة فقال : قلت : الأصح سبعها صححه صاحب البحر وغيره وصححه أيضا في باب النذر من شرح المهذب لكن صحح فيه في باب الزكاة أن الزائد في بعير الزكاة فرض وفي باقي الصور نفل وادعى اتفاق الأصحاب على تصحيح هذا التفصيل وصحح في صفة الصلاة من زوائد الروضة وشرح المهذب .

                والتحقيق أن الجميع يقع واجبا قال في المهمات : من فوائد الخلاف غير ما تقدم : كيفية النية في البعير المخرج عن الزكاة فإن قلنا : الكل فرض فلا بد من نية الزكاة ونحوها وإن قلنا : الخمس كفاه الاقتصار عليه في النية والحسبان من الثلث إذا أوصى بذلك أو فعل في مرض موته فإن جعلناه نفلا حسب منهما أو فرضا اتجه تخريجه على الخلاف فيما إذا أوصى بالعتق في الكفارة المخيرة .

                قال ومن نظائر ذلك ما إذا زاد في الحلق أو التقصير على ثلاث شعرات والقياس يخرجه على هذا الخلاف وما إذا زاد بعرفات على قدر الوقوف الواجب وقد خرجه في الكفاية عليه . [ ص: 534 ] وما إذا زاد على قدر الكفاية والحكم فيه أنه يقع تطوعا جزم به الرافعي في باب النذر وتبعه عليه في الروضة قال : والزكاة والنذر والديون بمثابة الكفارة والفرق بينهن وبين مسح الرأس ونظائره : أن للكفارات ونحوها قدرا محدودا منصوصا عليه ومنها إذا صلى على الجنازة أكثر من واحد فلا شك أنه لا يصح تخريجها على هذا الخلاف لاستحالة حصول ثواب الواجب لواحد لا بعينه بخلاف باقي الصور فإن الفعل فيها حصل من واحد فيصح أن يثاب على بعضه ثواب النفل قال ابن الوكيل : وخرج بعضهم على هذا الخلاف أن من كشف عورته في الخلاء زائدا على القدر المحتاج إليه هل يأثم على كشف الجميع أو على القدر الزائد قال فإن صح ذلك اتسع لهذه الصورة نظائر .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية