الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      التفسير:

                                                                                                                                                                                                                                      [قوله عز وجل: أفمن يعلم أنما أنـزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى ]: هذا مثل [ ص: 577 ] ضربه الله تعالى للمؤمن والكافر، ويروى: أنها نزلت في حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، وأبي جهل لعنه الله.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل : قال ابن عباس: هو الإيمان بالنبيين كلهم.

                                                                                                                                                                                                                                      الحسن: هو صلة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هو صلة الأرحام.

                                                                                                                                                                                                                                      وأقاموا الصلاة يعني: الصلوات الخمس.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يعني: الزكاة المفروضة، عن ابن عباس.

                                                                                                                                                                                                                                      ويدرءون بالحسنة السيئة أي: يدفعون إساءة من أساء إليهم، بالإحسان.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن زيد: يدفعون الشر بالخير.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: معناه: أنهم إذا هموا بسيئة رجعوا عنها، واستغفروا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: يدفعون الشرك بشهادة أن لا إله إلا الله.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال عطاء: يدفعون إساءة من أساء إليهم بالسلام.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: أولئك لهم عقبى الدار : قيل: معناه أعقبهم الله الجنة من دارهم في النار لو لم يكونوا مؤمنين.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المعنى: لهم عقيب طاعة ربهم في الدنيا الجنة في الآخرة.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 578 ] ثم فسر عقبى الدار بقوله: جنات عدن يدخلونها الآية؛ يريد: أنهم يدخلون بالأعمال، لا بالأنساب.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: سلام عليكم بما صبرتم أي: تقول لهم الملائكة: سلام عليكم بما صبرتم على عمل الطاعة، والانتهاء عن المعصية، ومعنى سلام عليكم : سلمكم الله، فهو خبر معناه: الدعاء، والباء في بما صبرتم : متعلقة بمعنى سلام عليكم ، على ما تقدم، ويجوز أن تتعلق بمحذوف؛ أي: هذه الكرامة بصبركم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فنعم عقبى الدار [أي: فنعم عقبى الدار] الجنة من النار.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله في خبر أهل النار: ولهم سوء الدار أي: لهم من الدار الآخرة ما يسوءهم؛ وهو النار.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر أي: يوسع ويضيق؛ ومعناه: أن المشركين فرحوا بالتوسعة عليهم في الدنيا، ولم يعلموا أن متاع الدنيا في الآخرة قليل.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وفرحوا بالحياة الدنيا : معطوف على ويفسدون في الأرض ، وفي الآية تقديم وتأخير؛ التقدير: والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه، ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل، ويفسدون في الأرض، وفرحوا بالحياة الدنيا، وما الحياة [ ص: 579 ] الدنيا في الآخرة إلا متاع، أولئك لهم اللعنة، ولهم سوء الدار، ثم ابتدأ: الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر .

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى {متاع}: أنها يستمتع بها، ثم تذهب.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: ويهدي إليه من أناب أي: رجع، والهاء للحق، أو للإسلام، أو لله عز وجل؛ على تقدير: إلى دينه، وقيل: هي للنبي عليه الصلاة السلام.

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى وتطمئن قلوبهم بذكر الله أي: تسكن، وتستأنس، بتوحيد الله تعالى.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن عيينة: بأمر الله تعالى وقضائه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ألا بذكر الله تطمئن القلوب يعني: قلوب المؤمنين.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية